الخميس، ديسمبر 25، 2008 01:25
الهداري الفارغة: , ,


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الجمعة، ديسمبر 19، 2008 23:30
الهداري الفارغة: , , , ,

أوائل التسعينات، أول عام في الليسي، يمكن عندنا شهر او شهر و نصف م اللي بدى العام الدراسي... قاعدين نقراو على أرواحنا في أمان الله يدخل علينا شيطان.

مانيش بش نستعوذ منو لأنو الشخص هذاكة و رغم الجدية و الصرامة متاعو في العمل إلا أنو في الدنيا إنسان فذلاكجي و بحبوح و محبوب لأقصى درجة... ما نعرفش علاش القيم هذاكة كنا نقولولوا شيطان، التسمية قديمة ياسر يمكن حتى من قبل ما يجي يخدم في الليسي هذاكة (قعدت اتبع فيه)...

الرواية السائدة و اللي يمكن انها تكون الأقرب للمنطق أنو السيد هذا كان تعرّض لحادث و أصيب إصابة بالغة في رقبتو بحيث أصبح يستعصى عليه انو يحرّكها... عاد تلقاه كيف يمشي ديمة يغزر قدامو و عينيه تلعب ع اليمين و ع اليسار بطريقة غريبة و عجيبة، بحيث ديمة يفيق بالحركات و الأفعال المريبة متاع التلامذة اللي كانوا مطمانين انو ماهوش متلفتلهم... و من هذيكة طلعت عليه التسمية متاع شيطان (و كل واحد شيطانو في مكتوبو)

شيطان: (بالجدّية المعتادة متاعو) هيا اجبدوا جدول الأوقات متاعكم

الأستاذة: (تسأل في القيم بنبرة منخفضة) علاه... ياخي لتو مازالوا ما ركحوش الجداول؟

شيطان: (يجاوبو بنبرة كلها تهكم و لا مبالاة) لا لا، حكاية فارغة

شيطان: (يبدّل النبرة متاعو اللي تكتسي الجدية و الصرامة اللي عهدناهم فيه، و بصوت مرتفع) نهار الاثنين العشية، م الاربعة للخمسة

تلميذ: ما نقراوش نهار الإثنين العشية مسيو

تلميذ آخر: (مفجوع) لا، نقراو ساعتين تكنيك احنا من ماضي ساعتين للأربعة... انتوما اللي ما تقراوش

شيطان: (بنبرة كلها غضب) هيا ريضوا انتوما الزوز و نقصوا من حسكم

شيطان: (يسكت شوية) م الأربعة للخمسة، عندكم ساعة مسرح

الأستاذة: (تبتسم) شنوة مسرح... آش بش يعملوا فيه؟

شيطان: (يبتسم على غير عادتو) بش يسرحوا، و انا منين نعرف عليه... أهوكة بعثوا أستاذ جديد، و الجماعة مازالوا موش فاهمين حتى شي

كنت وقتها نهار الإثين العشية ما نقراش جملة، وليت يلزمني نحضر خصيصا بش نقرى ساعة المسرح.

حضرنا أول حصة، اللي كنا نعتقدوا أنها متاع تعارف و خوذ نصف ورقة اكتب فيهم اسمك و تاريخ ولادتك و اسم بوك و اسم أمك و وين تسكن و ما إلى ذلك م الخرارف الفارغة اللي لا تزيد و لا تنقص غير انها وسيلة لتمضية الوقت ... إلا أنو الأستاذ اللي كان وقتها راجل كبير، عمرو قريب الأربعين عام، اول ما دخل اتّكى ع الطاولة و قعد يغزرلنا مبتسم، و بدى يحكيلنا ع البدايات متاع المسرح و الإغريق و اليونان و الجبل و البحر و الركح و الصوت، و أحنا فادين الروح متاعنا بش تطلع نستخايلوه هو زادة بش يحكيلنا على هاك الإغريق متاع أستاذ التاريخ

بره قعد هكاكة، قريب النصف ساعة لا كل و لا مل... و زيد يحكي متحمس و يعبر بيديه و رجليه و مرة تلقاه فوق الطاولة مرة تحتها مرة في آخر القاعة... لين يظهر فيه كمّل ما عندو

الأستاذ: ثماشي شكون عندو أي سؤال؟

ما اتكلم حد و ما سأل حد

الاستاذ: تي شبيكم ساكتين و عاقلين... ساعة قالولي التلامذة متاع القسم هذا هايجين و قعدوا ينبهوا في في الإدارة بش ناخوا حذري منكم

في هذي يكذب، فقط يحب ينشطنا... على خاطر هذاكة القسم وقتها عامليننا كيف القسم النموذجي، لمونا الاوائل الكل و حطونا فرد قسم مع بعضنا

الأستاذ: يا أولادي أسألوا تي شبيكم... تي اسألوا على أي حاجة تظهرلكم

نرفع صبعي... عندي سؤال محيّرني من وقت ما جانا القيم شيطان و قاللنا ع الساعة متاع المسرح هذي

الأستاذ: (يفرح كيف يلقى شكون رفع صبعو) اتفضّل

البرباش: (عن حسن نيّة، مجرد سؤال ما عندي وراه حتى خلفية مبيتة) مسيـو، الماتيار هذي متاع المسرح... كووفيسيون قدّاش؟

تقولشي عليّ صبيت عليه سطل ماء بارد، و هو مازال خارج م الحمام... يڤحرلي فرد ڤحرة

الأستاذ: لا يا سيدي، المسرح أسمى من انو يكونلو كووفيسيون كيف ما تقول سيادتك... هذا حاجة لتهذيب الروح و تمكينكم من استغلال ملكة التعبير اللي عندكم و توظيفها

و قال برشة كلام آخر اللي صعيب لو كان كنت انجم نشدوا في مخي وقتها... لكن المعلومة اللي بيها الفايدة و هي انو المادة متاع المسرح هي كووفيسيون صفر، يعني نقروا فيها لله في لله.

كنت عندي سؤال آخر تبادر لذهني وقتها بمناسبة المعلومة الجديدة اللي اتضافت، لكنها الڤحرة متاع الأستاذ و طريقتو في الحديث معايا خلاتني نخيّر اني نلتزم الصمت

تلميذ آخر يرفع صبعو، عندو سؤال... يشيرلو الأستاذ انو يتكلم

تلميذ: (مع ابتسامة خفيفة) مسيوو... كيف هي الماتيار هذية طلعت كووفيسيون زيرو... امالا تقيدوا فيها الغيابات و إلا لا؟

نفس السؤال اللي كنت انحب نسألوا، جاب ربي ما سألتوش انا. لكنها تقعد جرايري لأني انا جبدت الهدرة هذي... هذاكة علاش الأستاذ غزرلي بكل غيظ، و يقيم يديه الزوز و يسبطهم على أخاذو، قبل ما يشيرلي للتلميذ اللي سأل السؤال

الأستاذ: (بنبرة كلها غل) يعجبك هكة تو... كلها جرايرك!

البرباش: (ما عندي ما نقول، نخيّر اني نلتزم الصمت لا نزيد نخمّجها)...

و اتعدّات الحصة هذيكة... و اتعدّاو زوز و إلا هوما ثلاثة حصص، قعد الأستاذ كل وين يجي يقيّد الغيابات يڤحرلي على فرد جنب و يهزني و يحطني بعينيه، و اللهم اعلم آش كان يقول في قلبو.

بره علاش موش الأستاذ جاء نهار متفرهد و عامل جو، يضحك من اجنابو و الإبتسامة تعلو محياه... قعد قيّد الغيابات، و حتى الغزرة متاعو ليّ كانت مبهمة ما تحمل حتى معنى (على غير العادة)... من بعد ما كمّل، قعد يغزرلنا شوية، حط الدفتر متاع المناداة ع الطاولة، ما حلّش الكرطابلة متاعو و جبد منها هاك الكمشة أوراق متاع العادة و العوايد (اللي عمرو ما طل عليهم شنوة مكتوب فيهم)

الأستاذ: (يبتسم) شكون فيكم عندو هواية مغروم بيهم؟

ما تكلّم حتى حد، أصلا التلامذة الكل قعدوا يغزروا لبعضهم مش فاهمين مخ الهدرة وين... و آش مدخل الهواية في المسرح... و نتصوّر انو ثمة شكون مش عارف شنوة معناها هواية من أصلو

أنا واحد م الناس كنت نعرف، نتذكر و انا نقرى في الخامسة ابتدائي نشرولي اسمي مرة في مجلة ماجد، وقتها حطيت هوايتي المطالعة و المراسلة و جمع الطوابع البريدية (عندي أصدقاء اكتسبتهم م الفترة هذيكة و مازلنا لتو على علاقة ببعضنا، بالنسبة لهواية جمع الطوابع البريدية، طارت منها النفحة نوعا ما السنين الأخرانية، لكن عندي مجموعة كبيرة مازلت لتو ساعة ساعة نعمل عليها طلة نتفقدها، و تقعد م الذكريات متاع أيام الطفولة اللي نعتز بيها)

الاستاذ: (باهت في عجب ربي) عجب... ما عندكم حتى حاجة مغرومين بيها!

و لا حياة لمن تنادي، حتى اللي فاهم حاجة نتصور انو يقعد ساكت خير م اللي ترصّيلو في تهنتيلة

الأستاذ: ماكمش مغرومين بالكورة، بالمطالعة، بالموسيقى، بالمحواس و السفر

و يتلفت لزوز بنات قاعدين مع جنب بعضهم في الطاولة الاولى

الأستاذ: (يحكي مع التلميذة الاولى) انتي... شنوة هوايتك؟

التلميذة: (بعد ما تقعد تغزرلو شوية، مبهمة، و بنبرة منخفضة جدا) مسيو انا مغرومة بالمطالعة

الاستاذ: (يفرح، ع الاقل ثمة تحسن) هيا باهي... و شنوة تطالع مثلا؟

التلميذة: (تعاود تغزرلو، نفس الغزرة متاع قبولي، و تقعد ساكتة شوية) ما نعرفش، نطالع و اكهو

الاستاذ: (يدوّح في راسو و يبتسم) اي أي واضح... ما تقراش الأسامي... يا و الله عملة

التلميذة اللي مع جنبها، مغرومة بالمطالعة زادة هي و تقرى برشا قصص لطه حسين (أكهو، هذاكة ش تذكرت وقتها)، طلعوا ثمة برشا اللي مغرومين بالمطالعة، و ثمة شكون بالموسيقى، و إلا الرياضة، و إلا السفر... الحاصل حتى حد ما خرج على هاك الأربعة حاجات هذوكة اللي قالهم الأستاذ م الاول، و زيد انو كل واحد ما يقول كان على هواية واحدة برك (و اخطى راسي و أضرب)... و الاستاذ عامل جو ع الاقتراحات متاع التلامذة و ساعات يدوّح راسو من بعض الإجابات

و بدى يقربلي الدور، و انا انخمم شنوة يلزمني نقول، و نحس في السخانة لين طلعتلي من شدة التوتر و راسي احمار الكلو و انا انخمم زعمة نقول مغروم بالمراسلة و جمع الطوابع البريدية، و إلا نقول المراسلة أكهو، و إلا نقول جمع الطوابع البريدية اكهو... و نقعد انخمم لو كان يقعدوا أصحابي يتضاحكوا عليّ (على خاطر هوايتي حاجة غريبة ماهيش م الحاجات اللي قاللنا عليهم الأستاذ)

و ما نعرفش كيفاش، اتذكرت حاجة... و اتخذت قراري في الشي اللي بش نقولوا... و انحس في روحي تفرهدت و ما عادش مقلقني الدور اللي عمال قاعد يقربلي، بل بالعكس وليت نستنى وقتاش بش يسألني، و وليت نعس ع الإجابات متاع صوحابي و خايف لا واحد يقول الهوايات متاعي اللي ناوي بش نقولهم و نقعد هكاكة ما نلقى ما نقول (كيف ما صارلي في اول مرة حكيت فيها في الرديون، حضرت ليستة طويلة و عريضة ع الامثلة و الحاجات اللي بش نحكي فيهم، و قعدت كل وين واحد م الجماعة يتكلم انشطب حاجة لين كيف طارق عدّالي الدور قعدت نمهمه ما لقيت ما نقول... هذيكة اول مرة، و من بعد استانست و استانسوا بيّ ما نقول شي و نقعد ديمة نمهمه، هاني معاكم لا تنساوني)... لين جاني الدّور

الأستاذ: (ماذا بيه لو كان يتعدّاني) هيا إنتي

البرباش: مسيو... عندي زوز هوايات مايسالش؟

الأستاذ: (تتبدّل ملامح وجهو شوية، نحو الأحسن) مايسالش مايسالش... بالعكس، يلزم العبد تكون عندو برشا هوايات

الأستاذ: شنوة الهواية الأولى متاعك؟

البرباش: المراسلة مسيو... عندي برشا أصحاب في الخارج ديمة نبعثوا لبعضنا الجوابات

الأستاذ: (يبتسم، أول هواية تتقال خارج هاك الأربعة اللي قاللنا عليهم) حاجة هايلة، و الله يعطيك الصحة

الأستاذ: (يغزرلي مع ابتسامة كبيرة على وجهو، و نظرة إعجاب... وقتها تاكدت أنو نسى حكاية الكووفيسيون متاع المسرح اللي سألتو علاها اول مرة، و علاقتي بيه بش تتحسن) ايه، و الهواية الثانية؟

البرباش: الإستماع للموسيقى الصامتة

الأستاذ بهت فرد بهتة، فمو قعد محلول قريب الدقيقة و عينيه زارڤين تقول بش يتنطروا يهبطوا بيس ع القاعة... يهز يديه لفوق شوية و يسبطهم على افخاذو... نفس الحركة اللي قام بيها مرة اللي سألتو ع الكووفيسيون الحصة الاولى، لكنها الحركة المرة هذي كانت نتيجة لشعور بالفرحة، عكس المرة اللي فاتت تماما... نتصوّر لو كان جاء ليديه راهو شدني و باسني م الفرحة متاعو.

الأستاذ: شوف يا سيدي العباد اللي تفهم!

و شد يحكيلنا ع الموسيقى الصامتة، و السمفونية و الأوركستر... و ضرب فوق الربع ساعة و هو يحكيلنا في قصة حياة بيتهوفن، و كيفاش هو أشهر موسيقي في العالم رغم اللي هو اطرش ما يسمعش... و حكالنا على برشا وحود اخرين زادة (ما شديتلهمش اساميهم)

الحق متاع ربي، مانيش نحكي ع الموسيقى الصامتة هذيكة... قعدت بهت فيه الأستاذ شبيه مخو مشى لبعيد برشا.

نتذكّر في التلفزة (وقتها كان إسمها إ ت ت موش تونس7 كيف ما تو)، كانوا كل نهار جمعة عشية بعد الصلاة، يجيبولنا زوز م الناس، تلقاه واحد شادد دربوكة و واحد شادد بندير و ساعات طار، و ديمات يجيبولنا واحد شادد عود يدندن وحدو من غير غناء...

صحيح عمري ما تفرجت فيهم، يعني ديمات نخطفهم خطف و انا تلقاني نبدّل من قناة لقناة (وقتها مكسبنا ثلاثة قنوات، تونس و شان2 و راي أونو) نولّي نزرب ننزل ع الفلسة (ديركت ع التلفزة على خاطر وقتها ما كانتش ثمة كومند، و كانت التلفزة فيها ثمانية فلس، تونس و شان2 و راي اونو و ثمة بلاصة الفيديو، و الأربعة الاخرين فيهم شانات متاع طلاين ما يخطفوا كان كيف تلقاه الطقس صافي و الريح قبلي)... لكن ما نعرفش علاش خطرتلي وقت اللي الجماعة تقول في هواياتها، نقول اني مغروم بيهم... و زيد مادام يجيبوا فيهم في التلفزة، يعني اكيد حاجة باهية، موش لعب

الأستاذ: (بنبرة تدل على الاستغراب) ايه... عاد ما قلتلناش وين تتفرج فيها الأوركستر هذي

البرباش: (باهت في عجب ربّي) آهــه.. أوركستر!

الأستاذ: أي...

الأستاذ: (يسكت شوية) نتذكر قبل ثلاثة سنين لتالي، كانوا مرة كل شهر نهار سبت العشية يعدّوا حفلة في شان2... أما تو ماعادش، ولاّو ديما يجيبوا أشرطة وثائقية

البرباش: (نقعد نغزر للأستاذ... اللي كان ينتظر مني في إجابة) امممم... في تونس مسيو

الأستاذ: (بنبرة تدل ع الدهشة متاعو) في تونس... تونس!

البرباش: أي مسيو... في التلفزة

الاستاذ: عجب... التلفزة متاعنا؟

البرباش: (بإيماءة براسي) أي أي... أما مسيو ما يجيبوش بيتهوفن و لاخر اللي كنت تحكيلنا عليهم تو

الأستاذ: (ما نعرش عليه بدى يشم فيها قارصة و إلا متشوق لمعرفة المعلومة) امالا في شكون يجيبوا؟

البرباش: مسيو... يجيبوا وحود مش معروفين... تلقاهم زوز، واحد يدربك و الأخر تلقاه شادد بندير و إلا هو طار، تي هاك اللي تلقاه فيه وحود يشكشكوا... و يقعدوا يعزفوا من غير ما يتكلموا

لو كان المرة اللي فاتت حسيت روحي كأني صبيت عليه سطل ماء بارد وقت اللي هو مازال كيف خرج م الحمام... المرة هذي، ما انجمش نوصف الشعور متاعو... فقط انجم نقول اني كنت ننتظر منو بش يجيني يهرّسني بطريحة، يدڤدڤلي كرايمي، أي حاجة ينفّس بيها عن طاقة الغضب متاعو...

إلا أنو التزم الصمت، و اكتفى بانو يخرجني م القاعة و يخليني واقف قدام القسم لين وفات الحصة... نتفرج م الشباك، و باهت كيفاش طلعوا اكثرية التلامذة من بعد مغرومين بالأوركسترا و ماهمش فايقين عند ارواحهم...

ع الأقل يرجعلي الفضل في اكتشاف الموهبة الدفينة اللي عندهم في الإستماع للموسيقى الصامتة.

عديت بقية الثلاثي هذاكة، كل وين نجي داخل للقسم، يجبدني على جنب و يقعد يڤحرلي و من بعد يهججني... رجعت ندخل للقسم في وسط الثلاثي الثاني و علاقتي بالأستاذ ما اتصلحت كان في اواخر الثلاثي هذاكة، وقت ما عملنا أنا و زثلاثة اصحابي اخرين مسرحية الاصدقاء الاربعة (الحمار و القط و الكلب و الديك) وقتها عملت روحي قطوس و خربشت وجه صاحبي في العركة اللي عملناها، هو اللي حز ما بيناتنا كيف العركة ولات بالحق و قاللي احسنت هاك اندمجت في الدور متاعك (و صاحبي سكت على خاطرو تمثيل).

الاستحسان و تحسن العلاقة الحق متاع ربي ما جاش نتيجة للدور اللي قمت بيه، و إنما لأني صنعتلو زوز لوحات كيف اللي يسبطوا بيهم جماعة السينما و ولينا ديمة نستعملوهم في المسرحيات اللي نمثلوا فيهم في القسم.


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الاثنين، ديسمبر 08، 2008 00:50
الهداري الفارغة: , , , , ,


جرات العادة أني ما ناكلش اللحم، قد ما يقرقوا بيّ الدّار و يحاولوني في العيد انّي ناكل معاهم شي... لين غلقت الخمسة سنين، درى كيفاش نصبت معاهم في الخوضة متاع المشوي و من غير ما نشعر، كانت هذيكة اول مرة ناكل فيها اللحم طواعية من غير ما يوكلوهولي بالسيف عليّ... كنا سبعة في العايلة، يهبط اللحم م الشواي، تضرب عليه ما تلقاه... المشوى الاول، الثاني، فديت، طارتلي

البرباش: (متغشش) أنا اكهو ماعادش واكل

الوالد: (يحاول يتدارك الموقف، ما صدّق لربي ولدو رضى و اتنازل و قبل أنو ياكللهم م المشوي متاع العلوش متاعو) علاه يعيّش وليدي، يهديك... آش ثمة

البرباش: (بكل براءة) كل مرة نقعد ناكل شوية... حطوه اللحم الكل مع بعضو خليني ناكل فرد مرة لين نشبع

و دهشت العباد الكل بالضحك... و المشوى الأولى اللي هبطت م الكانون من بعد، اتحطت قدامي بكلها فرد صحن و قعدت ناكل منها لين هزيت شبعتي و قلت اكهو يزّي.

الحكاية هذي، صارت تو ليها قريب الخمسة و عشرين عام، لكنها قعدت طرفة يتحدثوا بيها العايلة في كل عيد و كل وين تكون ثمة ذبيحة و مشوي في الهدرة... عمري ما نتذكر العلوش كيفاش كان، شنوة لونو و شنوة شكلو و قداش كبرو... لكن نتذكّر انو علوشي كان ديمة اكبر علوش في الحومة، يلزموا يكون كبش بڤرونو و يقول بـــعـعـعـع بصوت غليظ (و يا حبذا لو كان جاء ينطح، وقتها فين شاخت عندي)

و كنت نتعلّق بالعلوش لدرجة مهولة، لدرجة تخليني نشعر بحسرة كبيرة و انا نشوف فيه يتخبط في دمو (من صغرتي قلبي كاسح، نتفرج في الذبيحة من اولها لآخرها و ساعات نعاون فيها، رغم انو العلوش كان لبعض أيامات يعتبر صاحبي)... و رغم تعلقي الشديد بالعلوش متاعي إلا انو اول ما يتذيح، نبدى ديركت نخمم في المشوي و الفحم و الكانون و المقلى...

ثمة علوش بركة قعد في بالي، لتو تصويرتو بين عينيّ ما اتنحاتش ما نعرفش علاش... نقرى في الرابعة و إلا هي الخامسة إبتدائي، ما ثماش فلوس و الوالد ما يعرفش على روحو إذا كان بش يضحّي العام هذاكة و إلا لا... عدّيتلهم أيامات نواح لا أراكم الله مكروه، لين الوالد درى كيفاش اتصرّف و دبّر تفتوفة فلوس و جاء عيطلي بش انحضّر روحي و نمشوا للسوق متاع العلالش.

الفرحة متاعي وقتها كانت ما تتوصفش، ليه ليه ما لبست السبادري و خرجت نجري... دخلنا للسوق متاع العلالش، الكبش اللي يحلى في عيني و نقول هذا هو، بابا يبتسم و يطلعلي فيه ألف سبة و سبة... و أنا منين ندري عليه مشحّم و إلا لحمتو شارفة. عمري عشرة سنين، نحب على علوش بش انحوّس بيه مع صوحابي و أكهو.

العلّوش اللي بابا يحط عليه يديه، يضرب عليّ ما يلقاني... نمشي نجري نبعد، و نعمل روحي متغشش و بش نبكي

البرباش: (بنبرة حزينة) هذاكة العلوش لا!

الوالد: (يبتسم، و يحاول أنو ياخوني على قد عقلي) باهي باهي، ايجى و تو ما ناخو لولدي كان العلوش اللي يحب عليه.

و يجد عليّ كلامو، و نرجع... و في الآخر، خذيناه علوش صغيــــر، بالسيف ما يبعبع و يقول مـــااااع

يدي ما حطيتهاش عليه، مستانسين كل وين نشريو علوش قبل، تلقانا نكركروا فيه تكركير و نتناوبوا على جبدان الحبل و الدزان و هزان اللية، و ما نخلطوا نوصلوه م السوق للدار إلا ما الريق متاعنا يشيح و عروقاتنا تولّي شرتلّة... العلوش هذاكة، حتى لو كان ما جاش مربوط بحبل نتصوروا يشد جرتنا، مسكين يجري ورانا أنا و الوالد و لا على بالو.

ماشي في الثنية، حزين رزين، لو كان مين يقوللي مسكين تو ندهش بالبكاء... عينيّ تلعب ع اليمين و ع اليسار، كل مين يغزرلنا كيفاش هازين العلوش نقول في قلبي راهو يضحك علينا، كل وين واحد يوقّف الوالد و يباركلو ع العلوش و يقعد يشكر و يشكّر في لحمتو قداش بش تكون بنينة نقول راهو يتمنيك علينا على خاطرنا شرينا علوش صغير

وصلنا للحومة، مشيت نجري دخلت للدار بش جماعة الحومة ما يشوفونيش مع العلوش (تقولشي عليه موش ظاهر العلوش متاع شكون)... الوالد ربط العلوش في الصاري متاع الضو و دخل للدار.

قاعد في بيت الصالة، حزين، عاقد يديّ قدام صدري، ما نكلّم حد و ما نعبّر حد... التلفزة محلولة و مانيش قاعد نتبّع فيها جملة واحدة... يدخل الوالد

الوالد: (يحكي مع بقية العايلة في نفس الوقت اللي يغزرلي بش يشوف ردة الفعل متاعي شنوة تكون) أوووه، سيفة علوش هو... تحفون ياسر

البرباش: (نمهمه، من غير ما نغزرلو) ايـــه لا

الوالدة: (ديمة هكاكة) ما يسالش، مصلّي ع النبي... الحمدولله لقينا باش نضحّوا عام السنا

البرباش: (ما عادش فيّ، بنرة مخنوقة) لو كان قعدنا ما شريناش خير!

الوالد: (باقي يتركك عليّ) اسّاعة و الله علوش قمقوم، هذاكة تو تشوف لحمتو كيفاش تلقاها، م البخار اتطيب

البرباش: (و أنا ش يهمني فيها اللحمة متاعو، نحب على علوش جهامة) أيّ و الله لا بقيتها واكل منو امالا

و اتطرشقت بالبكاء، و عبثا حاولوا الوالد و الوالدة انهم يرضّوني... قعدت سارح قدام التلفزة نغزرلها و مانيش نتفرج فيها... و انخمم في العلوش اللي اتبليت بيه عام السنا

بره ساعة و إلا هوما ساعتين من زمان، نسيت العلوش و استخلفت ربي و بيني بين روحي قلت نحسب روحي كيف اللي ما عنديش علوش عام السنا... أنا هكاكة سارح مع التلفزة، و نسمع في امي كيف صاحت فرد صيحة، خرجت نطل

الوالدة: (مفجوعة) وووه، العلوش اتسرق

نغزر للبوتو متاع الضو وين كان العلوش مربوط، ما ثماش لا هو لا الحبل متاعو... الحق متاع ربي، فرحت، قلت جو، لو كان يتسرق العلوش تو نشروا واحد آخر و تلقاه كبش كبير كيف ما نحب أنا (هذاكة مخي آش عطاني وقتها)، لكن ما راعني إلا أنو الوالد كيف هبط يلقاه واقف مع جنب البوتو، ياكل في طرف حشيش نابت ساس الحيط

الحق متاع ربي، العلوش رغم انو ظريف و صغير إلا انو كان نطّاح شي كبير و زيد ماضي (ما خلى حتى علوش م العلالش متاع الحومة إلا و ركبلو ع الظهر متاعو، ديمة عندو امل انو ملزوم ما تكون ثمة نعجة متخبية في بعض البلايص... ما كنتش فاهمو فاش قاعد يعمل وقتها، لكن تو كل وين نشوف علوش و نعجة أو أي زوز حيوانات في علاقة حميمية، ديركت نتذكر العلوش هذاكة و نبتسم)

و ما صدقت لربي وقتاش اتذبح هاك العلوش، بش ارتحت منو... و بما أني راسي صحيح برشا، المشوي ما طبش لفمي جملة واحدة العيد هذاكة.

كان هذاكة آخر عام نمشي فيه للسوق متاع العلالش بش نختار العلوش متاع العيد، و ما نتفكرش من بعد أني فرحت بعلوش متاع عيد كيف الفرحة متاع الصغر... حتى البغل اللي شريناه العيد اللي من بعد ما رجعليش النفحة و الغرام بالعلالش كيف ما قبل...

بره امشي يا زمان و ايجى يا زمان، الجمعة اللي فاتت في الايام، ينوقز التليفون... عم لسعد العطار (اللي ما يعرفش عم لسعد و إلا نساه، ينجم يقرى تدوينة [عيد... بأي حال عدت يا عيد] و برشا تدوينات أخرين كنت حكيت فيهم على عم لسعد)

عم لسعد: أهلا بالبرباش، شنوة أحوالك ولدي

البرباش: اهلا عم لسعد، أنا لاباس... شنوة احوالك يا راجل

عم لسعد: نحمدوه، الله لا يغير علينا حال بحال

البرباش: و شنوة احوال خالتي زهرة، آش عاملين بالله؟

عم لسعد: لاباس عليها، هاهي تسلم عليك و قالتلي قوللو تبارك الله عليك سي الشباب م اللي عرسنا عمرك ما جيت طليت كان خطف و تلقاك مزروب

البرباش: ماهو ما انحبش نقلقكم عم لسعد

عم لسعد: آش من تقلقنا... بالعكس، راك تنورنا يا راجل

البرباش: إن شاء الله عن قريب عم لسعد

عم لسعد: (يسكت شوية) برباش... اسمعني وليدي

البرباش: نعم!

عم لسعد: هاك المرى العزوزة اللي قلتلي انها تسكن مع جنب داركم

البرباش: أي... شبيها؟

عم لسعد: عندي علوش حابب نتصدق بيه، ما نعرفش علاش ضربت في مخي هذيكة المرى المسكينة كيف حكيتلي عليها هي و بنتها، قلت لو كان مازالت عايشة ما يكون كان ليها.

البرباش: فيك الخير و الله عم لسعد

و كملنا حديثنا... و اتفاهمنا أنو نتقابلوا نهار الإثنين اللي فات، بش ننعتوا ع البلاصة.

خالتي صلوحة، مرى كبيرة، في الثمانين من عمرها، كيف تغزرلها تقول انها ما تفقه على حتى شي و موش عارفة ش قاعد يصير في الدنيا داير بيها، تعيش هي و بنتها سعديّة، طفلة في الخمسة و أربعين ما كتبلهاش ربي أنها تعرّس...م اللي نعرف روحي صغير نعرف أنو الصدقة اللي تخرج من دارنا تمشيلهم ديركت، بما فيها الزكاة متاع الفطر و الطرف اللحم اللي بش نخرجوه في العيد الكبير.

و كيف كيف زادة الحومة الكل تعطيها في كل عيد ما كتب م اللحم، و برشا عباد م البره م الحومة زادة... بحيث، في كل عيد يتلم عندها ما يقابل أربعة و إلا هوما خمسة علالش (اللهم لا حسد)، و تظل الفريجيدارات متاع الحومة الكل ما معبية كان باللحم متاع خالتي صلوحة اللي يقعد ستة و سبعة شهور بعد العيد و هي تاكل منو.

نهار الإثنين، عم لسعد مسكين كرى كميون (اتكلّف عليه ستين دينار) و ركّب عليه هاك العلوش و قصد ربي للبلاد، اتقابلنا وين كنا متفاهمين و هزيتو للحومة...

ما حبيتش نظهر في الواجهة، منعا لأي إحراج قد تشعر بيه خالتي صلوحة أو بنتها سعديّة، لذا حبيت نقعد بعيد ع الانظار وقت ما عم لسعد يمدلهم العلوش، هذا بالطبيعة بعد ما اتفاهمت معاه أنو اسمي ما يتجبدش في الحكاية من أساسو... و كنوع م الفضول، حبيت نشوف الفرحة متاعهم بالعلوش، فرحة كان ليّ طرف فيها... خليت عم لسعد يستعد بش يمشي للحومة (بعد ما سلمت عليه على خاطرو ديركت من بعد بش يروّح) و سبقت طلعت لبيتي بش انجم نتفرج م الشباك و نشوف كل شي... و وصل عم لسعد قدام الدار و نادى

عم لسعد: ( شادد هاك الحبل متاع العلّوش في يدّو... و يعيّط بالقوي) يا امّالي الدار

تخرج سعديّة م الدار، مازالت كيف فاقت م النوم، و تخرج معاها جارتي (متاع الكلاب) اتنسنس ع الحكاية شنوة هي

سعديّة: هاني جيت، هاني جيت

عم لسعد: ازربي روحك بالله

سعديّة: (توصل قدام الباب) اتفضّل، شنوة حاجتك

عم لسعد: (يمدّلها الحبل متاع العلوش) شد خوذ

سعديّة: (باهتة موش مصدقة روحها) شنوة هذا؟

عم لسعد: آش بش يكون زعمة، سردوك؟

عم لسعد: (يسكت شوية) أهوكة علوش، ضحية للعيد

سعديّة: (عينيها تزغلل بالفرحة) الله يخليك... الله يبقيك... الله يرحم والديك

سعديّة: و من عند شكون العلوش هذا؟

عم لسعد: (يخلاها و يرجع بش يركب في الكميون) خوذي و ما تسأليش يا مرى

سعديّة: الله يسترك... ربي يفضلك... برّه يرّاك وين اتقبل تربح

و مشى عم لسعد على روحو، و قعدت نغزر لسعديّة كيفاش داخلة بالعلوش في يدها، و فرحان بروحي كيفاش أني كنت سبب، و لو حتى من بعيد في الفرحة هذيكة

دوب ما دخلت للحوش متاع الدار، نغزرلها كيف مشات تجري لامها

سعديّة: يا اميمتي، آش بش نعملوا في العملة هذي توة؟

خالتي صلوحة: أما عملة؟

سعديّة: الراجل جابلنا علّوش قال بش تضحّوا بيه!

خالتي صلوحة: (تتفاجأ بالخبر، و بنبرة تدل ع الفرحة متاعها) علّوش كامل، الله يخليه و يبقّي الستر عليه... شكونو؟

سعديّة: و الله ماني عارفة، اول مرة نشوفو!

خالتي صلوحة: ايه يا بنيتي... و لو كان يشوفونا العباد عندنا علوش و بش انضحّوا عام السنا... و الله لا بقى واحد يجيبلنا نڤرة لحم

سعديّة: حتى أنا هذاكة فاش كنت نقول يا اميمتي.

خالتي صلوحة: اسمع... تو اتكلم خوك حميد يجي يهزّو العلوش

سعديّة: اي، تو نكلمو نقوللو يجي يهزو يحطو في الحوش عندو...

خالتي صلوحة: ايه، و نبّه عليه ما يمشيش يذبحو في العيد... تو من بعد نتفاهموا فيه

من بعد بساعة، نغزر لحميد ولد خالتي صلوحة كيف جاب كميون و خرّج العلوش من دار امو بالسرقة بش ما يشوفوا حد م الحومة...

خارج من بيتي، باهت في عجب ربّي، نلقى الوالدة قدامي اتنظّف في الصالة

البرباش: أغزرلي... خالتي صلوحة السنا تعطيها تفتوفة لحم ما تلوم كان روحك

الوالدة: علاه يا وليدي؟

البرباش: انا هاني قلتلك، خليه ناكلوه احنا نربحوا فيه اجر و ثواب خير م اللي تمدهولها

الوالدة: كيفاش... يجي منو!

البرباش: تي هاتو تو نمشي نمدو لأي واحد م اللي تلقاهم قاعدين قدام الجوامع الصباح.

و خرجت م الدار، طايرتلي، موش عارف علاش...


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الأحد، نوفمبر 23، 2008 20:00
الهداري الفارغة: , , ,


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الجمعة، نوفمبر 21، 2008 21:00
الهداري الفارغة: , , ,

عمناول، كيف ما اليوم... حليت المدونة هذي

ما كنتش نتصوّر انها الحكاية بش تكون هكة... ثمة اللي فاهمني فاش قاعد نحكي. و اللي موش فاهم، تو يجيه نهار و يفهم... ما يتخبى شي.

شكرا ليكم الكل...



قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

السبت، نوفمبر 15، 2008 22:45
الهداري الفارغة: , , ,

أول نهار من رمضان، متعدي العشية وسط الحومة (اللي فيها دارنا، موش الحومة الإفتراضية متاع البلوغسفير اللي حكيت عليها في المسلسل) نلقى روحي قدّام حانوت الفطايري، قلت علاش ما ناخوش شوية زلابية و مخارق، أقلّو ما ندخلش للدار يدّي فارغة (كيف ما جرات العادة)، و زيد حاجة و حويجة، منو نثبت الفطايري كيفاش يخدم و هو يعمل في الزلابية.

وقفت قدّام الحانوت، اللي كان فارغ وقتها و بالزهر متاعي ما لقيتش عندو حتى كعبة زلابية و مازال وقتها قاعد يقلي... قعدت نغزرلو و سرحت...

نقرى في الثالثة و إلا هي الرابعة إبتدائي... كنت نقرى في مكتب بعيد ع الدّار (كنت تحدّثت ع المكتب متاعي في تدوينة [ذكريات... أيام زمان] اللي حكيت فيها ع الذكريات متاع المعلّم و المسبط و الشعر)... و انا خارج الصباح أنا و اختي ماشين للمكتب، نتذكر الوالدة كيف تمدّلنا كل واحد مياة مليم في يدنا و توصّينا بش ناكلوا الفطيرة متاعنا الكل... بطبيعة الحال الفطايري اللي كان مقابل المكتب الآخر، تلقاه ع الصباح زحمة بضرب البونية، و تصير ساعات انو الواحد يخلطلو الطريق امّخر شوية و ترصيلو ياخو في فطيرتو بعد ما يدخلو التلامذة متاع المكتب لأقسام.

نتذكّر كيف نوصلوا أنا و أختي قدام المكتب متاعنا تلقاها الدنيا خلاء و قفار، التلامذة الكل شدوّا بلايصهم و الساخة متاع المدرسة يصفّر فيها الريح... أختي ما تكونش م العاكسين، ترمي الفطيرة متاعها و تدخل تجري للمكتب و صوت النواح متاعها يتسمع م الكياس المقابل... أنا تعز بيّ الفطيرة اني نلوحها، مازالت سخونة و بنينة، و زيد الطريحة واكلها واكلها مش بش تفرق مع المعلّم الدرج أو حتى الدرجين اللي بش نزيد نستاخر فيهم، لكنهم يفرقوا معابا انا في أني بش نربح ناكل فطيرتي الكل (و نتحسّر في بعض الأحيان انها أختي لوحت الفطيرة متاعها في الثنية، نقول خسارة، علاش ما مدتهاليش ع الاقل ناكلها انا و نتمتع بيها)

ندخل للقسم، مسبّق يدي اليمين قدّامي و عبارات الحزن بادية على وجهي لعلّ و عسى نسخف بسي محمد المعلم اللي كان دوب ما يشوفني داخل للقسم يبتسم، و من غير ما يسألني يضربني ضربتين (و ساعات أربعة) على يديّ و يڤحرلي بعينيه على فرد جنب نفهم انو يلزمني نشد بلاصتي من سكات...

الحق متاع ربي، نحس ساعات أنو سي محمد ماذابيه لو كان يطفّي الضو عليّ و يخليني ندخل للقسم ديركت، لكن و بش ما ترصيلوش يعامل في بعض التلامذة بالمثب فإنو يعطيني هاك الضربتين على ما ياتي تطيير ملام و اكهو... و كنت في بعض الأحيان نقعد باهت كيفاش ما حسيتش بالوجيعة من بعد ما ضربني، و الحال انو كان يمثّل بش الحكاية تجد على بقية التلامذة، كيف ما تجدّ عليّ انا و نقعدت عامل فيها نتوحوح م الوجيعة.

سي محمد، المعلّم اللي قراني المواد متاع العربية في السنة الرابعة إبتدائي، من اعز المعلمين اللي اتعدّيت عليهم في القراية متاعي الكل، (كنت حكيت عليه قبل في تدوينة [أنا و جارتي... و الكلاب] قعدت لتو نسأل على اخبارو و احوالو و نبعثلو السلام مع الوالد ساعات و يوصلني السلام من عندو، ما كانش بالنسبة لينا وقتها مجرد معلم، فقط بش انلخص يكفي أني نقول انو بالحق ينطبق عليه الوصف متاع المربي الفاضل.

داخل للمكتب... كيف العادة مستاخر، عامل روحي نجري و نهرول زعمة زعمة مزروب، و الحال أني وصلت قبل بدرج و قعدت قدّام الباب متاع المكتب كمّلت كليت الفطيرة متاعي في راحة عقلي... نلقى سي محمد قدّام الباب متاع القسم، واقف، ثاني يديه قدّام صدرو، سادد الباب بجهامتو (ما كانش جهامة، لكنو وقف قدام الباب بطريقة تمنعني من الدخول)

سي محمّد: صباح الخير سي الشباب

البرباش: (نوقف قدامو، بلهثة مصطنعة) صباح الخير سيدي

سي محمّد: ما تقولليش شنوة حكايتك بالله؟

البرباش: فقت امّـخّــر سيدي

سي محمّد: لا... هكاكة موش مليح عاد

سي محمّد: بش نكذبوا على بعضنا؟

البرباش: لا سيدي، مانيش نكذب!

سي محمّد: كيفاش، ياخي مش فقتو مع بعضكم انتي و أختك و خرجتوا مع بعضكم م الدّار

البرباش: (فقت اللي الكذبة متاعي اتكشفت... بنبرة كلها خجل) أي سيدي...

سي محمّد: امالا شبيها أختك دخلت للمكتب عندها أكثر م الدرج و انتي تو برك وين شرّفت.

زايد، ماعادش فيها... إذا الكذب ينجّي راهو الصدق أنجى و أنجى... وزيد سي محمّد هذا معلّم و ما أدراك، يعني م المكشوف عليهم الحجاب و يفيق بالرواند الكل

البرباش: (بنبرة أقرب للبكاء، كيف اللي تشد بعملتو) سيدي... كنت ناكل في الفطيرة متاعي

سي محمّد: (يبتسم، و نبرة كلها استغراب) فطيرة... أما فطيرة...!؟!

البرباش: (بنفس النبرة) سيدي، امي كل صباح تعطيني مياة فرنك و توصّيني بش ناكل الفطيرة متاعي الكل

سي محمّد: (يبدى يفهم في الهدرة) أيواه... و شبيها أختك امالا ديما تسبقك في الدخول، ياخي ما تشريش فطيرة هي زادة؟

البرباش: لا سيدي، نشروا كل واحد فطيرة... اما هي دوب ما نوصلوا قدّام المكتب اتلوّحها ع القاعة و تدخل تجري

سي محمّد: (يزيد يبتسم) أي، و انتي سي الشباب ش تعمل؟

البرباش: (بكل بلاهة) أنا سيدي، نقعد قدّام المكتب لين انكمّل ناكل الفطيرة متاعي الكل... و من بعد ندخل

سي محمّد: (يتطرشق بالضحك) و الله يعطيك الصحة... هايل

و قعدت واقف في بلاصتي، كيف المسجون اللي يستنى في حكم المحكمة... و سي محمّد في نفس الوضعية واقف قدّام الباب متاع القسم مكتف يديه قدّامو...

قعدنا هكاكة قريب الدرج و احنا ساكتين، و انا مطبّس راسي للوطى و وجهي أحمر نيلة، و متأهب لأي حركة يقوم بيها سي محمّد بش نعمّل على روحي لا تجيني ضربة خاطية هكة و إلا هكة... و زيد نغزر بالسرقة من تحت لتحت للشباك متاع القسم نلقى التلامذة الكل يغزرولي واجمين حالين افامهم يتساءلوا ع المصير المشؤوم اللي يستنى فيّ...

ما نفيق بسي محمّد كان كيف بعد ع الباب و جبدني من كتفي... وقفنا بعيد شوية ع القسم، يطبّس سي محمّد يوشوشلي في وذني

سي محمّد: أسمعني وليدي... منو هكة كيف توصل مستاخر و فطيرتك مازالت ما كملتش... أدخل بيها للمكتب و أقعد في الكولوار قدام القسم كولها و من بعد أدخل.... مايسالش، ع الأقل نشوفك وقتاش جيت...

البرباش: و كيف تشوفني المديرة سيدي؟

سي محمّد: (يبتسم) مايسالش، ما تقول شي... تو نكلمها!

و دخلت للقسم بش نقرى على روحي. اللي قعد في بالي م الحديث هذا الكل هوما حاجتين... سلكتها من طريحة نسخّن بيها يديّ ع الصباح، و زيد سلكتها مستقبلا في أني بش نولّي ناكل فطيرتي في راحة عقلي موش بزربة كيف ما مستانس...

نتذكّر زادة كيف جاني بابا في العشية متغشش و متنرفز يڤحرلي على فرد جنب، سألني ع الفطايري اللي نشري من عندو كل صباح، و منها هزني و مشينالو و نبّه عليه انو ماعادش يبيعلي الفطاير جملة ع الصباح على خاطرني بش نضيع على قرايتي.

و قعدت نتذكر أنو الوالدة قعدت باقي تعطيني في المياة ملّيم كل صباح... لكنها ولات توصّيني بش اندز في الصّف و نزاحم و نرسكي لو كان لزم، المفيد ناخو فطيرتي قبل الوقت و ناكلها في الثنية و ندخل للقسم بكري...

و نتذكّر زاده أنو الفطايري قعد يبيعلي... صحيح انو يفيق بيّ ساعات كيف نتزرف و نجي قدّامو و يتعمّد انو يبيعلي قبل غيري، لكن حتى كيف نقعد امخر ما يقولليش لا راهو بوك وصّاني و برّه على روحك...

و نفيق عند روحي... نلقى الفطايري يغزرلي، مبتسم... نفس الملامح، و نفس التعابير و القسمات متاع الوجه... حتى العشرين عام اللي اتعدّاو ع الحكاية ما بدلوش فيه برشا، فقط بعض التجاعيد الخفيفة اللي بدات تبان على جبينو و الصلعة متاع راسو زادت كبرت شوية... لكنو يقعد هو بيدو نفس الشخص بنفس الإبتسامة متاعو (ابتسامة متاع واحد ما على بالوش بالدنيا و آش قاعد يصير فيها)

الفطايري: (بنفس الإبتسامة متاعو) لاباس ولدي...

البرباش: (نزيد نبتسملو) لاباس لاباس...

البرباش: (نسكت شوية) كنت قبل حالل غادي قدّام المكتب!؟

الفطايري: (يدوّح في راسو) ايـــه يا حسرة ع الدنيا، عندي سنين ربّي م اللي نقّلت لهوني!

الفطايري: أما الأيام اللي عدّيتها في هاك النقبة (الحانوت الصغير اللي جاء تحت دروج متاع السطح متاع الدار اللي مع جنبو) غادي ما تتنساش

البرباش: أي أي، يا حسرة على هاك الأيامات...

الفطايري: كنت تقرى في المكتب هذاكة؟

البرباش: لا لا، كنت نقرى في المكتب الآخر... اما كنت ديما نتعدّى الصباح نشري من عندك فطيرة ناكلها في الثنية

الفطايري: (يدوّح في راسو مع الابتسامة المعهودة متاعو) يا حسرة يا حسرة... شطر البلاد كانت تشري من عندي الفطاير، كنا زوز فطايرية اكهو في بلاد صحيحة

البرباش: (ندوّح في راسي) أي يا حسرة بالحق... قداش كليت طرايح جرّة الفطاير متاعك

الفطايري: (يضحك) كيفاش؟

البرباش: كنت ما نمشي نقرى إلا ما ناكل الفطيرة، و ديمة ندخل للقسم مستاخر

البرباش: (نسكت شوية) حتى مرة جاك بابا و قاللك الطفل هذا ماعادش تبيعلو الفطاير جملة... اما باقي شي، كنت خايب برشا و ما نجمتش نقعد ما ناكلش الفطاير ع الصباح، و حتى انتي قعدت تبيعلي لا ريت لا سمعت

الفطايري: (يزيد يضحك و بنبرة كلها لا مبالاة) أي، كانوا ديمة يجوني البعض يتشكاو اللي صغارهم يوصلوا للمكتب مستاخرين على خاطرني ما نسڤدهمش م الأول.

البرباش: أي، و انتي هاك قعدت تبيع نورمال!

الفطايري: تي بالله نعس عليهم انا، و زيد يجيني الطفل بش يشري من عندي نقوللو لا، وقتها نبيع في الفطيرة بميا و إلا هي ميا و عشرين و حق الفطيرة يقضي حاجة و مصلّي ع النبي نصور الخير و البركة، مش كيف تو هاو نبيع فيها بثلاثمياة فرنك و مش خالط نعيش قد قد...

الفطايري: (قعد يغزرلي شوية) و انتي ولد شكون بالله؟

البرباش: انا ولد فلان، اللي كان حالل غادي وقتها

الفطايري: ايـــه يا حسرة، و شنوة احوالو بوك، و ش عامل تو!

البرباش: لاباس عليه، الحمدولله... يسأل عليك كل خير.

و كمّل الفطايري شحّر الزلابية و عبالي كيلو في هاك القرطاس الكاغط... و زادني قريب الرطل مخارق كادوو من عندو و وصّاني نبلّغ سلامي للوالد...


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الثلاثاء، نوفمبر 04، 2008 20:30
الهداري الفارغة: , , , , ,

رغم اني كنت اتخذت (بيني و بين روحي) قراري بش ننقطع ع التدوين جرة عباد ما تحشمش على ارواحها كيف ما قال بالملوان (كنا تفاهمنا على مصطلح ما خير لكن ما نعرفش عليه علاش ما استعملوش رغم اللي وعدني انو يحطو على لساني) في تدوينتو [إلى المدونين المضربين عن العمل]... و كنت انقطعت فعلا عن التدوين و المدونات (و حطيت هذا في التركينة اللي ع اليمين متاع خواطر و تبربيشات و مشكورين كل من حمة اللي كان يعلق عندي تحت اسم طرزان و الدوعاجي و وفاق و كل مين سأل على أسباب انقطاعي و اختفائي الفجئي و الغريب) و حتى عن متابعة أجواء البلوغسفير ... إلا اني و الحق متاع ربي ما نجمتش نقعد مختفي في النهار الفضيل هذا

لذا، و تضامنا مع بقية المدونين فأني نحط الشعار متاع حملة اليوم الوطني من أجل حرية التعبير... و زيد انا بطبيعتي نموت عليهم الحملات هاذم متاع حط شعار و اتعدّى، يذكروني بالحكمة اللي تقول أنو الشنقة مع الجماعة خلاعة.

و عن قريب إن شاء الله تو نرجعلكم في سلسلة تدوينات جديدة... لكن قبل هذا، و بما انو نهار متاع حرية التدوين فإني بش نترك لنفسي حرية التعبير عن مشاعري للشخص اللي كان سبب في طيران "النفحة" (اللي مازالت ما رجعتش بين قوسين) و كيف كيف نترك لنفسي حرية اختيار التوقيت اللي نراه صالح لتدوين تلك المشاعر على صفحات المدونة هذي... و بذلك نعتبر روحي استغليت النهار هذا كيف ما يلزم.

ملاحظة: رجوعي زادة كان ماخذة خاطر في برشا عباد عزاز عليّ... ما انحبش نسمّيهم تو اما يعرفوا ارواحهم...

إلى لقاء قريب إن شاء الله


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

السبت، سبتمبر 27، 2008 17:30
الهداري الفارغة: , , , , ,

ما نعرفش علاش، ليلة القدر و الحكايات و الأساطير اللي تتحكى علاها و بصفة عامة الخرافات تكون مهما تكون، مرتبطة في ذهني أساسا بعم عبد الله و حكاياتو...

عم عبد الله هذا، شخصية حقيقة، موجودة، إلى حد اواخر التسعينات كان عايش و ساعة ساعة يعمل طلة في الحومة (الحومة اللي نعيش فيها موش حومة البلوغسفير)... لكن توة قريب الثمانية سنين ما نتفكرش روحي ريتو و ما نتصورش كان ثمة شكون م الحومة عندو اخبارو... ش علينا، الله يرحمو سواء كان ميت أو حي

نتذكر و أنا صغير، كانت ثمة ساحة مقابلة الدار، عاملينها ورشة متاع صنع مواد البناء م السيمان (الكنتول و ما شابهو)... و كان عم عبد الله هذا، راجل زوّالي، درويش، على باب الله، يعدّي نهارو هايم من بلاصة لبلاصة و كيف يليّل عليه الليل يجي لهاك الساحة يرقد فيها، بعلم مولاها بالطبيعة اللي كان كل شهر يعطيه ما كتب على اساس انو يردلو بالو ع السلعة... و كان ديما يتعشى م الشي اللي يعطوهولوا جماعة الحومة من عشاهم

و كنت نتذكر كيف كنا صغار و نخرجوا نلعبوا في الحومة في الليل بعد شقان الفطر... و كنا عقاب الليل نتلموا بحذى عم عبد الله يقعد يحكيلنا في الخرافات و الحكايات و عامل علينا جو كيفاش نتاثروا و نبهتوا و فيسع ما تجد علينا

نتذكر مرة في رمضان، ليلة القدر... تلمينا كيف العادة بحذاه، نستناو منو انو يحكيلنا حكاية م الحكايات متاعو اللي ما توفاش... درى كيفاش سألوا سامي (ولد حومتي الله يرحمو، كنت حكيت عليه قبل في برشا تدوينات منهم [ذكريات... أيام زمان]) على ليلة القدر، و الغرايب و العجايب اللي يصيروا فيها، و كيفاش ثمة عباد تحللهم باب العرش قبل و ولاّو غنيا و عندهم برشا فلوس و ديار... هذا الكل و أحنا نسمعوا و جادد علينا الشي اللي يحكي فيه باهتين في عجب ربّي

حكالنا ع المدب اللي ضربوا عليه أيامات العيد ما لقاوهوش، لين مشى في بالهم انو مات أو قتلوه و دفنوه في بعض التراكن من غادي لغادي... و بره امشي يا زمان و ايجى يا زمان بعد درى قداش من شهر ما لقاووه كان داخل للبلاد ع البهيم متاعو، كيف سألوه شنوة سبتو قاللهم اللي باب العرش اتحللو و اتمنّى انو هو يحج، قام الصباح يلقى روحو في مكة، قعد غادي لين خلط ع العيد الكبير و عمل الحجة متاعو و من بعد روّح، و حكالنا وقتها كيفاش ناس بكري يمشوا للحج ع الجمال و الأحصنة و يقعدوا بالأشهر و هوما في الثنية

و حكالنا ع الدار المذخمة اللي جات مع جنب الواد، و كيفاش كانت عبارة على كشينة مبنية بالقصدير و مولاها عقاب فلاّح زوّالي حتحت، اتحللو باب العرش ياخي طلب انو الخربة متاعو تولّي قصر و يولّي عندو برشا فلوس... ياخي ما صبح الصباح إلا و هي فيلا تضرب تصرع

هذا الكل و هو يحكيلنا و يخرفلنا و احنا نستخايلوا في المواقف و الحكايات و منسجمين معاه و مركزين لأقصى درجة يمكن تستوعبها عقولنا في العمر هذاكة... و كل واحد يستخايل في روحو لو كان يتحللو باب العرش، شنوة يمكن يطلب وقتها

عم عبد الله: (يبتسم، إبتسامة كلها مكر و دهاء) تسمعوا بيه سيدي بو طويلة؟

البرباش: (بكل بهتة، مازلت سارح في الحكايات اللي حكاهملنا) لا، شكون هذا!

عم عبد الله: هذا راجل من ناس بكري، كان ناس ملاح و عاقل و باهي برشا

البرباش: اتحللو باب العرش؟

عم عبد الله: ايــــه، تعرفوا آش طلب؟

سامي: طلب برشا فلوس...

معز: طلب قصر كبير...

عم عبد الله: (مبتسم) لا لا، هذا بحري (معناها يخدم صيّاد سمك) لاباس عليه و عندو برشا فلوس و ديار و فلايك

سامي: امالا شنوة طلب

عم عبد الله: (بنبرة كلها جدّية) هو ماشي على روحو للبحر عقاب الليل، و إذا بيه يشوف في ضو كيف البرق في السماء، اتمسمر في بلاصتو و قلبو ولّى يدق يدق يدق بالقوي، يلقاه باب العرش

البرباش: أي، شنوة طلب

عم عبد الله: دخل بعضو مسكين و ما لقى ما يطلب... يغزر للطريق قدّامو اللي يهز للبحر، ولّى اتلفت لباب العرش و قال

الكل مع بعضنا: (نبلعوا في ريقنا، و نستناو في الامنية) ش قال؟

عم عبد الله: (يحاول يداري الإبتسامة متاعو بنبرة يتظاهر فيها بالجدّية متاعو) قال، يا باب العرش... بجاه بركة هذا الشهر، نحب ****** تولّي قد كيّاس البحر

سامي: (باهت) قد كيّاس البحر

كياس البحر عندنا في البلاد، طريق طويل يهز ديركت للبحر، فيه قريب الزوز كيلومتر كان موش اكثر... قعدنا الكل باهتين نخمموا و نستخايلوا في الحكاية كيفاش تكون

معز: (بكل شرود) و ولاّت قد كيّاس البحر؟

عم عبد الله: بدات تطوال، تطوال، تطوال... لين ولّى يحط فيها على ظهرو و يثني فيها على عنكوشو

عم عبد الله: (يغزرلنا مبتسم) و هي باقي ماشية و تطوال

و قعدنا احنا عينينا زارڤين، نستخايلوا فيه كيفاش سيدي بو طويلة هذا ماشي و يكركر فيها وراه

البرباش: و من بعد كيفاش عمل؟

عم عبد الله: قعدت تطوال لين برك و قعد و ولّى ماعادش ينجّم يمشي المسكين

سامي: ياخي ش عملولوا

عم عبد الله: جابولوا الطبيب، بش يداوية

معز: و داواهالو، رجعهالو قصيرة... كيف ما كانت

عم عبد الله: الطبيب كيف عدّى عليه... قصهالو

و اترعبنا الكل فرد رعبة، كل واحد تذكّر الطهور متاعو و استرجع في مخو المأساة و الألم اللي حس بيهم وقتها..

البرباش: و آش صارلو

عم عبد الله: (بنبرة كلها أسف) مـــات!

سامي: (بنبرة اقرب ما تكون للبكاء) مات مات...

عم عبد الله: (بنفس النبرة) ايـه نعم،امالا كيفاش وليدي... تستخايلها ساهلة الحكاية

و زدنا قعدنا شوية آخر بحذى عم عبد الله يخرفلنا في خرافة اخرى، و ما ثمة حتي واحد فينا مركز معاه لأننا الكلنا قعدنا نستخايلوا في سيدي بو طويلة كيفاش قصّوهالوا... و شنوة حس وقتها، و كيفاش مات

روّحنا من بعد... ماشين لديارنا في هاك الظلمة (في الحومة موش بعيد، لكن وقتها ما كانش ثمة ضو متاع بلدية)

سامي: (بنبرة كلها رهبة) تخيّل لو كان تو يتحللنا باب العرش

معز: (بنبرة كلها خوف) تو يتحللنا، و احنا هكة!

سامي: أي، تو تو... تضوى الدنيا كيف ما قال عم عبد الله... و تلقى باب العرش محلول قدّامك في السماء

البرباش: (من دون ما نشعر، و بكل تلقائية) ما نطلب حتى شي... نقعد ساكت خير


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الثلاثاء، سبتمبر 23، 2008 09:30
الهداري الفارغة: , ,


كنت عدّيت الكاباس في الدورة الاخرانية متاع جويلية... كنت تحدثت ع الأجواء متاع الكاباس اللي تزامنت مع احتفالاتنا بزواج الڤوفرنور في تدوينة [كاباس العادة... و العوايد]

نهار السبت اللي فات هبطت النتيجة، و للمرة درى قدّاش (ضيعت الحساب، لكن هو نفس عدد المرات اللي عديت فيهم) نلقى روحي ما نجحتش

بصرف النظر ع الإمتحان و التحضير ليه و مهما كانت بش تكون النتيجة... كنت اتخذت قراري وقتها أني ما عادش بش نعدّيها الكاباس، و الدورة هذيكة كانت آخر مرة نعدّي فيها الكاباس...

ولّيت عامل كيف هاك التلميذ متاع الإبتدائي اللي من كثرة ما دوبل، ماعادش يحب يمشي للمكتب، ولّى يحشم على خاطرو أطول واحد في القسم و اللي يقراو معاه الكل مفرخ...

ربّي يسهّل للجماعة اللي نجحوا... و اللي من ضمنهم حنين، الطفلة اللي عطيتها القنفيدة (الشكارة اللي فيها الحلوى الدراجي) متاع كتبان الصداق متاع الڤوفرنور... لو كان في بالي راني استحفظت بيها.

الكاباس، اللي كانت الموضوع اللي بديت بيه المغامرة متاع التدوين هذي... أصبحت الآن مجرد ذكرى

اللي بعدو يكبّر سعدو


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الاثنين، سبتمبر 01، 2008 06:00
الهداري الفارغة: , , , ,

الوالدة: قول في قلبك يا ربي راني نويت بش نصوم رمضان السنا

البرباش: علاش؟

الوالدة: امالا كيفاش، بش تصوم يلزمك تعقد النية

البرباش: و لو كان ننسى ما نقولش؟

الوالدة: ترصّيلك كل ليلة يلزمك تعاود تنوي، كل نهار بنهارو

البرباش: آه، صارة هي هكة الحكاية

الوالدة: امالا شنوة في بالك، تستخايلو ساهل الصيام

البرباش: (عينيّ مرشوقين في السقف، و نتمتم وحدي) يا ربي راني نويت بش نصوم رمضان السنا

كانت هذيكة وصية الوالدة و هي تتفقد فيّ إذا كنت متغطّي مليح و إلا لا... الحكاية هذي كانت ليلة اول نهار في رمضان عام اللي نقرى في الاولى ثانوي، أول مرة بش نصوم فيها رمضان

الوالد: (مبتسم) يعيش ولدي، يهديك.. فاش قام عليك الصيام، مازلت صغير

البرباش: (بنبرة كلها عناد و صحة راس) من غير ما تحاول، قلتلك بش نصوم معناها بش نصوم

صحة الراس، والعناد خلاوني نصوم عامتها رمضان الكلو رغم اللي ما يصحش عليّ الصيام وقتها... وليت نقرى في الليسي، معناها وليت راجل، معناها يلزمني نصوم... نقطة و ارجع للسطر

رغم اللي موش ما يصحش عليّ الصيام اكهو، لكن أصلا ما نعرفش عليه جملة واحدة كيفاش عبد يصح عليه و عبد ما يصحش عليه، فقط بعض أفكار و معلومات اكتشفت فيما بعد انها كانت ضبابية وليدة خيال خصب نشأ عن احاديث و حوارات كانت في مغلبها تهول المسألة و تعطيها بعد غير واقعي... و العناد، كيفاش انو طارق و امين و وجدي (اللي ضاربينيلها ثلاثة سنين في السيزيام) بش يصوموا و انا ما نصومش...

البرباش: (نحكي في قرارة نفسي) ياخي هوما أرجل منّي؟

و رغم كل شيء، صمتو رمضان الكل... كان زادة نوع م التحدي امام الإستهزاء و السخرية متاع بقية العايلة اني نهارين ثلاثة و ملزوم ما نسلّم... و يمكن يكون هذاكة أصح صيام صمتو في حياتي إلى حد الآن، كان إصرار غريب انني نثبت للعايلة اللي انا راجل و نصوم كيف الرجال

كيف كنت صغير، كنا أنا و سامي الله يرحمو (ولد الحومة الوحيد اللي نديدي في العمر، كنت قبل تحدثت عليه في مدونة [ذكريات... أيام زمان]) نعقدوا النية بش نصوموا بعض الأيامات في رمضان، لكن الخيابة و الصغر يخليونا ننساو أرواحنا قدام هاك الخبز المبسس اللي يبيع فيه العطّار متاع الحومة، و ما نفيقوا عند ارواحنا كان من بعد ما نضربولخا فوق شطر الخبزة... نورمال، من غدوة نزيدوا نصوموا نصف نهار آخر (نبداو من وقت اللي فقنا بأرواحنا ناكلوا في الخبز) و من بعد تو ربّي يلصّقهم في بعضهم و يقيدلنا الثواب متاع نهار كامل صيام

ما احلاه الصغر... و البراءة متاع الطفولة

و قدّاش ولّى ما أثقلو سيدي رمضان كيف ولّى العبد يلزموا يصوموا بالسيف موش بالمزية (معناها من وقت اللي ولّى يصح عليه الصيام)... و قدّاش ما احلاه الخبز طابونة السخون اللي كنا نشريوه م السوق و ناكلوه بالسرقة في تركينة م التراكن ساس الحيط

و قعدت هكاكه، حتى لرمضان متاع عام الباك، كان ثمة حرص كبير على انو يكون صيامنا صحيح ميا في الميا، بش ربي يبارك فينا و ننجحوا في الباك... يمكن كان حرصنا ع الصيام و ما تابعو اكثر من حرصنا ع القراية في حد ذاتها، موش مشكل الفصعة و الغياب و الرقاد وسط القسم، الامتحان مازال بعيد، هات ساعة نسلكوها وقتها و نصوموا على قاعدة، و من بعد تو نشوفوا حكاية الباك كيفاش نحضرولو...

و نجحت في الباك، و مشيت نقرى في الجامعة... العامين الأولين نسكن في المبيت، و بما اني ما كنتش من رواد المطاعم الجامعية، كنت نشق فطري في احد المطاعم المتواجدة في ساحة باب الجزيرة، عديت عامين نشق فطري في نفس المطعم

خرجت م المبيت، العام الاول اللي كريت فيه، سكنت مع اختي، كانت تقرى طب وقتها (كنت تحدثت عليها في مدونة [الكذب... في المصالح جايز])... عدّيت الخمسة ايام الاولين بيّ زماني، كيف اللي في الدار، نعرف عند الآذان نقعد ع الطاولة، ناكل ما كتب و نقوم و ما يهمني في شي، لا لمان الطاولة و لا غسلان الماعون... من بعد أختي روحت للدار، عندها فترة تحضير للإمتحانات، صمت النهارين الاولين، كنت عند المغرب ندربز أي حاجة و نخليها ما ناكلهاش (على خاطرها ما تتاكلش)، و عشت ع التن و الجبن و الفاضل متاع الماكلة اللي طيبتها اختي في الأيامات الاولى متاع رمضان

من بعد ما عادش فيها، فطرت... ع الأقل في العشية انجم ندبر راسي في أي حاجة ناكلها م المطاعم المحلولة في وسط العاصمة و ما يضربنيش الجوع و الشر

و بدّلت التوجيه، و مشيت نقرى في مدينة اخرى... كنا نتلموا اولاد البلاد و البعض م الاصدقاء المقربين في رمضان، نتشاركوا في المصاريف متاع قضية رمضان و نعملوا كاسة تكون عند واحد م الثقة اللي فينا

النهار الأول، نتلموا م العشية... نمشوا نقضوا م السوق، وقتها يبدى المرج و التكمبين على قاعدة... اللي طول عمرو عايش ع الفقوس و يستخسر في روحو كاس التاي كيف يقعد في القهوة، يولّي يتشهى في البانان و التفاح الامريكاني الأحمر، مادام ع الكاسة علاش ما يتشهاش و لو كان شهوتو ما تتلباش نوليو أحنا اللي ما نصلحوش... غير الڤازوز اللي يلزموا على ثلاثة و أربعة أنواع

عادة نتكفل بكل ما هو قليان (بريك، بطاطا، حوت، اسكالوب)... يبداو كل واحد يتشهى كيف ما يحب، اللي يحب العظمة رايبة، و اللي يحبها يابسة، و اللي يحب الحشو بالدجاج، و اللي بالتن، و اللي بالكبار... نحاول عادة اني نوسّع بالي على خاطرو مازال اول رمضان لكن فيسع ما نفد، نولّي نطيب على بعضو و اللي عجبو ياكل و اللي ما عجبوش بأنقص

ما ثمة حتى حد يعرف يطيّب... حتى اللي معملين عليه ما يعرف يعرف يطيب كان المقرونة، و تقول جايبين الشيف أسامة (متاع دبي) بش يصنفلنا... ما يلزم يقربو حد على خاطرو في رمضان يولي عصبانة و فيسع ما يفد، و عاى خاطروا تنازل و بش يطيبلنا، يلزم واحد مع جنبو بش يغسللو المغرفة اللي حرك بيها الصالصة متاع المقرونة قبل ما يحرك بيها الشربة، و واحد بش يشوفو إذا كان يلزمو فص ثوم و إلا راس بصل و إلا اي نوع متاع توابل، على خاطر كل حاجة عندها وقت يلزمها تترمى فيه و إلا الماكلة ما تطيبش على قاعدة، هذا الكل و ماذا بيه لو كان شكون يشدلو كاغط متاع كرظونة يمرحلو بيها على خاطر الدنيا سخونة و هو فيسع ما يعرق، و كيف يعرق، الماكلة ما تجيش بنينة

الواحد يقول مازال النهار الأول، يوسّع بالو و بالسيف و إلا بالمزية يتعدّى الوقت... يضرب المدفع و يذّن المغرب

الجماعة اللي تصلّي تقوللك يلزم تستناونا... جماعة صب الزيت يدقدقوا، بالصدفة متعدّين قالوا ملزوم ما نطلوا ع الجماعة نشوفوهم ش عاملين، يكثر الله خيرهم كيف تفكرونا...

نبداو نفطروا، الماكلة تعمل العار (حاشى نعمة ربي)، و السبب يكون بسيط دايما ناقصة نفة ملح او طرف فلفل اكحل لا غير... و تلقى روحك مجبر انك تاكل و فمك مسكر

نكملوا الماكلة، جماعة صب الزيت كيف ما جاو كيف ما روحوا، حتى بارك الله فيكم ما يقولوهاش... يبدى التنڤنيق على غسلان الماعون، و وقتها يبدى العرك

اللي يطيب يقوللك أنا طيبت، و اللي قضى م السوق او حتى م العطار يقوللك انا قضيت، و اللي ما طيبش يقوللك علاش أنا من اول نهار تغسل الماعون... و يبدى العرك و التنرفيز و رميان المعنى و النبزيات

و يستمر الحال على ماهو عليه ثلاثة، أربعة، خمسة ايام... تحس العباد الكل ولات على أعصابها، و اللي يكح كحة العباد الكل تڤحرلو... و تكثر الحسابات و شدان البونتوات

و يكون الحل الوحيد انو تتفركش اللمة، و العبد يجبد روحو م الإتفاق... و بالطبيعة بما انو ما ثماش حل آخر لحكاية الماكلة، و بش ما يقعدش في مشكل و حرج قدام الأخرين... يشهر إفطارو

و بعد ما كنا نتلموا العباد الكل عند شقان الفطر، نوليو نتلموا على مرتين

الفطّارة... نفصعوا م القراية و نتلموا في القايلة بش نفطروا، و قد ما كنا وقت اللي صايمين الجو مشحون و متوتر و العباد الكل شادة لبعضها تستنى في اقل فازة... كيف نتلموا وقتها و أحنا فاطرين، ما ثمة كان الضحك و اللعب، و حتى الماكلة، كل واحد يعاون باللي يقدر عليه، و تلقاها ماسطة ما فيها ما يتاكل، ناكلوها و أحنا نتبننوا فيها (الحرام ديمة بنين)... حتى الفلوس اللي كنا قبل شادين الحساب بالمياة فرنك، العباد الكل تصرف و مرة عندي مرة عندك و العباد الكل أصحاب و وخيان

اكثرشي م الماعون... تلقانا بالعرك كل واحد يقول أنا نغسلو، عيب نخليوه امسخ

قبل شقان الفطر، نتلموا العباد الكل باقي زاده، لكن الفطارة كنا نحضروا فقط بش نعاونوا، و نركحوا الاجواء و في بعض الأحيان نحزّوا كيف تدور ضرب بونية على أتفه الأسباب... و حتى وقت شقان الفطر، نخليوهم يفطروا على راحتهم و نقعدوا احنا نتفرجوا في التلفزة... و بعد ما يكملوا هوما و يغسلوا ماعونهم و يخمجوها بالسبان و العرك، نطيبوا أحنا عشانا كيف ما يظهرلنا و نتعشاو و تبدى السهرية كيف ما تبدى

ساعات يأنبني ضميري، لكن ديمة كنت نلقى كيفاش نقنع روحي اني صايم شهر كامل زايد ع الحساب و أنا صغير... و الحسنة بعشر أمثالها

تعدّاو أربعة سنين على نفس المنوال... و اتعدات ايام القراية... و ايام البطالة... و بدات الخدمة و نلقى روحي نصوم، نتصور على قاعدة و نحاول انو صيامي يكون اكثر ما يمكن صحيح... لكني حتى كيف نخمم فيها الحكاية، نلقى أنو وجودي في الدار هو السبب... فقط لأني نعرف روحي وقت شقان الفطر نقعد ع الطاولة، نلقى الماكلة قدامي، ناكل ما كتب، من غير ما نعرف علاها لا كيفاش و لا وقتاش طابت... و كيف كيف زاده من بعد ما نكمل، نقوم من بلاصتي من غير ما يهمني في الماعون، يتغسل و إلا يقعد... بحياة راس الوالدة

رمضانكم مبروك...


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz