ندخل للكتاب، البارح فصعت في الراحة... فدّيت و الروح متاعي طلعت. ما لقيتش بيها وين، المدّب حل الباب و انا مدّيت ساقي للريح و جريت، و قعدت نجري لين وصلت للدار...
أنا دخلت، و المدّب وقف... يڤحرلي على فرد جنب...
المدّب: ايجا لهنا، وين مشيت آمس في العشية
البرباش: (بكل سذاجة الطفولة) روّحت سيدي
المدّب: تبارك الله عليك، ش بيه كوري عندي لهنا... شد ساس الحيط
ساس الحيط هذا، هو البلاصة اللي ياقفوا مقابلها الصغار، وجوههم مقبلة للحيط و يديهم مرفوعة لفوق، يستناو وقتاش المدّب تطلعلوا في مخو، يقوم يجبد هاك القصبة، و يشحطهم بيها من تالي، ياخذهم على غفلة...
هذيكه كانت اول مرة نوقف ساس الحيط، بعد عام و نص قراية في الكتّاب... جاني النهار اللي وقفت فيه ساس الحيط، مع الأولاد اللي مش متربين، و المشوشين، و الخامجين، و اللي يبولوا تحتهم، و اللي و اللي ...
يمكن على خاطرني عاقل برشا، ما واتاتش الفرصة اني نوقف ساس الحيط، و يمكن زاده على خاطرو المدّب يقرب للوالد، و الله ماني عارف... اللي نعرفو انّي وقتها طفل صغير، نقّلنا من حومة لحومة. كنت شايخ ناصب، عامل جو في حومتي القديمة اللي كانت تعتبر شعبية و فيها برشا صغار... الحومة الجديدة ما فيهاش صغار جملة محسوب، فيها واحد أكهو من عمري، سامي (الله يرحمو هو زاده، توفى تو عندو فوق السبعة سنين في حادث مرور، وقتها مانيش في البلاد، و ما سمعت بالحادث كان بعد بمدة) و هو زاده مغلوب على امرو كيفي، نمشيو و نجيو مع بعضنا للكتاب... م الآخر، الحومة الجديدة اقترنت في مخي بالمأساة متاع دخولي للكتّاب... عام ونص، نمشي مع الماشين و نرجع مع الراجعين و مانيش عارف لا فاش قاعد نعمل لا شنوة قاعد نتعلّم، كل مدة ينقلوني من بلاصة لبلاصة و يقولولي هاك تو بش تولي مع الكبار... و انا كيف قطعة حبل جايبها واد، وين يحطوني نقعد.
الحاصل، المدّب ضربو القلق (و زيد ولّينا برشا صغار واقفين ساس الحيط) و يوقف، يجبد هاك القصبة... و النبي مولاك... ماني عاد موش مستانس بالوقفة و مانعرفش كيفاش يلزمني نعمل بش الضربة تجيني خفيفة (و لو كان يلزم القصبة ما تخطفنيش جملة)... في الهيجة متاع الصغار، دزني و ندزك، طحت، تتم العصا تجيني على راسي، و يفيّع الدّم، و خاضت و شاشت...
اللي نعرفو انها كانت آخر مرّة مشيت فيها للكتاب... عدّيت صيف قمقوم ننجم نقول انو هو الحاجة الوحيدة اللي قعدت كيف نتذكرها م الطفولة متاعي نبتسم (في قرارة نفسي)...
الفرحة ما تدومش... ندخل للمكتب، رغم اننا عندنا مكتب يبعد خطوتين ع الدار، إلا أنني نقرى في مكتب بعيد، موش عارف علاش، وقتها تلقاني متعدّي الصباح قدام المكتب القريب و نتمنى لو كان كنت نقرى فيه (راني ع الأقل نزيد درج نوم) لكن كيف كبرت، عرفت علاش... الوالد، كيف كبرت قاللي أنو المديرة متاع المكتب اللي نقرى فيه، راجلها و الوالد، صحاب برشا، يعني لو كان لا قدّر الله طلعت شلاكة و كعبة لا، يضمنوا أنّي ع الأقل نوصل للسيزيام...
و الحمدولله، ما طلعتش شلاكة كيف ما كان متوقع... نتذكر اني كل وين نجيب الكرني متاع المعدّل، الدار يفرحوا بيه و يطيروا... و يقعد عطلة كاملة هاك الكرني محطوط فوق التلفزة كيف الكواترو بش كل مين يجي يزورنا يشوفوا... الحق متاع ربّي، ما كنتش نعرف قداش جيت و إلا كيفاش جبت هاك الاعداد هذيكه، و لا شنوة تعني الأعداد المحطوطة في الكرني هذاكه... هاني نقرى و برّه، و مادام الدّار ما يعطيونيش طريحة كيف نجيبلهم الكرني (كيف سامي ولد الجيران الله يرحمو، اللي كان يقرى في المكتب القريب للحومة)... معناها لاباس و ما عنديش من شنوة نخاف
و هكاكه كانت الأمور ماشية بطبيعتها... ما عقلت روحي اني م التلامذة الباهين و فهمت الحكاية، كان كيف عيطولي آخر العام بش ناخو جايزة، لأني احسن تلميذ في المكتب و من احسن التلامذة على المستوى متاع المدينة متاعنا، و مشيت، و طلعت فوق المنصة، و صفقوا عليّ و خذيت بوستين من عند راجل لابس كوستيم و عملت تصويرة معاه...
وقتها الوالد، شرالي بسكلات (دراجة عادية) فتّقت فيها مواهبي و ما قعدتش بلاصة في بدني مافيهاش أثر متاع طيحة و إلا تكربيسة، و عملت زوز حوادث في الكياس و كان موش لطف ربي و إلا راني تو في دنيا غير الدنيا... عاد الوالد، و في إطار التشجيع و التحفيز متاعو بش ديمه نكون ماشي نحو الأفضل، وعدني اني لو كان عام اجاي زاده ناخو جايزة كيف هذيكه، يشريلي موتور (معناها دراجة نارية)... و انا بالطبيعة صدقتو، و عدّيت صيفي فرحان بالبسكلات و نحلم بالموتور، و نستخايل في روحي كيفاش بش تلقاني شايخ علاها، نڥنڥن تڥنڥين، و نزڤزڤ تزڤزيڤ... يا حسرة
م العام اللي من بعدو، قعدنا محسوب نفس القسم... ثمة بعض الوجوه تبدلت، و في عوض المعلّم جابولنا معلمة، مدام سميرة... و ولدها يقرى معانا في نفس القسم. لو كان العام الاول النتايج جات بطبيعتها، و كنت لا عمري نشارك أو نرفع صبعي... أنا في طبيعتي سكوتي عاقل و ما نحبش المشاكل... فإني في العام الثاني، شمّرت على سواعد الجد، كيف الحكاية طلعت فيها موتور، يعني يلزمني نعطي الإضافة و نشد صحيح... لكنها الظروف كانت أقوى منّي... نقرى مع ولد المعلمة و ما ادراك... صحيح انو كان بهيم مسطّك ما يفهم شي... و انو المعلمة عمرها ما تخرجوا مع التلامذة اللي يغلطوا بش ياكلوا اللي كتبلهم، رغم انو عمرو ما جاوب صحيح، هذا كيف يجاوب أصلا... يعني الوليّد بخلاصة، كان دلهة و دربوكة... و رغم هذاكه، كان يطلع الاوّل ع القسم، و ع المدرسة الكل (الأقسام الثانية بالطبيعة)... و كنت انا ديمه الثاني... صحيح كنت نشعر بالظلم و ننغر منّو قي احيان عديدة... لكني كنت عاطي ما عندي و نحاول اني نتحسن، ديمة عندي امل أني بش نغلبوا... لكن شي، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولد المعلمة طلع قرّاي اكثر منّي، و عيطولوا هو بش ياخو الجايزة متاع أنجب النجباء...
الحسرة متاعي ما كانتش ع الجايزة، على خاطرني حتى وقتها كنت نعرفها حكايتها فارغة (كمشة قصص ما يسووش ألفين فرنك)، و لا ع الحضور في الحفلة و التصويرة اللي بش نعملها مع واحد م المسؤولين، و لا ع الفرحة متاع الدار اللي حرمتهم منها... كنت متحسر ع الموتور، اللي الوالد و للأسف لقى عذرو انو ما يشريهاليش... و رغم انها البسكلات متاع العام اللي فات مازالت جديدة، إلا انني حلفت أني ما عادش بش نركب عليها، و كنت في مستوى القسم متاعي (من صغري راسي صحيح)... و اللي كمّل على ما بيّ أنهم الدار طهرولي في الصيف هذاكه، قعدوا يستناو في خويا لين يكبر شويّه بش يطهرولنا مع بعضنا... حسيتو كيف اللي عقاب م الدار على خاطرني ما فرّحتهمش بالجايزة... و تعدّالي صيف سلاطة، ما أمر من أيامات الكتاب كان هو...
و تعدّات الأعوام، و ولّيت تلميذ عادي، مانيش عارف علاش... يمكن على خاطرني قعدت حاطط في قلبي م الحكاية متاع الموتور و ولد المعلمة و كرهت القراية (طارت النفحة)، و يمكن زادة على خاطر ولينا نقراو في اللغة الفرنسية، و اللي صراحة، نتفكّر اني كنت ما نشم منها حتى شي، و كنت ديمه م التلامذة اللي ياكلوا الطرايح على خاطرني ديمة نكتب الإجابة بالغالط ع اللوحة و ديمات ما نلقى ما نكتب، ما نفهمش شنوة المطلوب بش نعملو، نولّي نرفعها فارغة (وليت كيف ولد المعلمة)... لكن و رغم هذاكه، كنت عندي ما نقول بروحي في المواد اللي بالعربي، الشي اللي خلاني ننجم نرقّع و نكون باقي في صفوف الأوائل، لكن ما نكونش من أنجب النجباء. اللي قالهولي الوالد من بعد (كيف كبرت)، أنو وصّى المديرة (عن طريق راجلها اللي هو صاحبو) بش ما نكونش في القسم متاع مدام سميرة مهما يكون، يعني كيف يعرف انو ينقلني لمكتب آخر، فإنو مش بش يخليني نقرى عند المعلمة هذيكه... و اللي نتفكرو انا مليح مليح... انو ولد مدام سميرة، قعد يقرى من عند امو، الأعوام اللي من بعد الكل... حتى لين كيف وصل للسيزيام، ضرب ضرب و شي، النافع الله، عدّاه ثلاثة سنين و من بعد طردوه (وقتها السيزيام يعتبر شهادة تفتح برشا آفاق، و نتيجتو عندها وهرة اكثر م الوهرة متاع نتيجة الباك متاع تو)... و قعد يقرى مدة في معهد خاص، و الله اعلم بيه تو فين حيّو...
اللي نتذكرو، أنو في اواخر السنة الخامسة، و في إطار تعاون و علاقات بين المدرسة متاعنا و مدرسة فرنسية... جاء بحذايا طفل فرنساوي للدار، مما ساهم في ارتقاء المستوى متاعي في اللغة هذيكه و وليت نفهم فاش قاعدين يحكيو... الحق متاع ربّي، الوليّد اوّل ما جاء، كنت نحكي معاه بالومية، نعم أو لا و ديمات نقولهم مع بعضهم الزوز و ما عليه إلا انو يختار الإجابة اللي تساعدو... نتذكر اول ليلة كيف جاء و بش نباتو مع بعضنا في البيت، قعدت نسأل في الدار
البرباش: و شنوة بش نحكي معاه انا؟
أختي: (تخمم شوية و منها تطلع بالفكرة) كيف تلقاه بش يرقد، قوللو: Pierre! tu veux dormir?
و قعدت شاددلوا العسّة... الوليّد مسيكن جاي من سفر و طيّارة و كار و ربّي يعلم بحالتو بش يموت بالتعب... هو تاخذو عينو و يهم بش يرقد و انا نصيح عليه فرد صيحة
البرباش: Pierre! tu veux dormir?
بيار: (ابتسامة متاع واحد يتدهشر بالنوم) mais, noon!
و قعدنا هكاكه لوجوه الصباح... لكن ما تعدّات الجمعة، إلاّ و ولينا نڤجدروا مع بعضنا و يفهمني و نفهمو و نفهم في الفرنسيس اللي معاه فاش يحكيو، و وليت نفهم في المعلم متاع الفرنسي فاش يقول... و رجعت كيف ما كنت... و ما تعدّى العام إلا و كنت الاول ع القسم متاعي (مش ع الاقسام متاع الخامسة الكل، على خاطر ولد المعلمة مازال مكتسح النتايج) لكن رجعوا الدار فرحانين بيّ م الأول و جديد و هكه هكه و وين نحطك يا طبق الورد... و في الصيف هذاكه شرولي بسكلات جديدة زادة، و تعدى عليّ صيف آخر قمقوم، ما نعرفش عليه كيفاش تعدّى... كيف الحلم
و دخلت نقرى في السيزيام، و ما ادراك ما السيزيام... وليت م الكبارات متاع المكتب و آخر العام بش نعدّي امتحان، شهادة اللي يقوللك... طحت نقرى من عند معلّم، مشهور بالمسبط متاعو، صحيح انو معلم ممتاز و و مشهود بالكفاءة متاعو، لكنو كان يتفنن في ابتكار طرق التعذيب... انا و بما اني كنت عاقل و خاطيني (و مازلت هكاكه على حد ما نتصور) فإنني نتذكر اني قعدت مدة نتفرج في بقية التلامذة كيفاش يتعذبوا، و مرة نضحك، مرة نتالم، مرة نتصور روحي في بلاصة المغضوب عليه وقتها...
تدخل المديرة للقسم، تقعد تحكي شوية و تعيّط و البصاق متاعها طالع كشاكش من فمها (قاعدة تطالب في التلامذة اللي ما جابوش الخمسة مياة مليم متاع التأمين و الحوادث وقتها بش يجيبوا اللي عليهم)، و بما اني نعرف راجلها ديمة يقعد مع الوالد، فإني ما كنتش نخاف منها كيف برشا تلامذة اخرين... و زيد كل فين تجي بش تعطيني الكرني، تبوسني و تقوللي صحيت ولدي، واصل!
المديرة: (بعد ما قالت ش حاجتها) ثمة مجلة عاملة مسابقة، اللي يحب يكتب قصة و إلا قصيدة باهية، يحضّرها، هاو بش نعملوا إجتماع نهار السبت، يقراهالنا و احنا نصلحوهالوا، و يشارك بيها...
المديرة: شكون يحب يشارك؟
حتى حد ما يرفع صبعو، إلا البعض م اللي خاطيتهم الهدرة، المديرة تعمل روحها ما راتهمش و تواصل كلامها
المديرة: (ابتسامة) باهي، مريم و برباش و عادل و مجدي... نحبكم تكتبولي حاجة سمحة كيفكم و تجيبوهالي نهار السبت... سمعتو و إلا لا؟
يمكن لو كان المعلم طلب منا الشي هذاكه، كنا ننجموا نطفيو الضو، و طريحة و تبرد... لكن المديرة، حاجة اخرى، يعني إذا كانو المعلم كاد ان يكون رسولا... أعرف اللي المديرة، كانت تنجم تكون إله ضربة واحدة... قعدت جمعة كاملة و انا نخنتب، و نكتب، و نفسّخ، و نجيب و نجلّب... لين جات الفكرة
كتبت قصيدة، الحق متاع ربّي تو ما نتذكرش منها برشا ابيات... أما اللي نتذكروا انها كانت معبية صفحة كاملة (بتخليف سطر بالطبيعة) و الابيات كانوا يتكونوا من صدر و عجز... و موزونة، يعني الابيات الكل يوفاو كيف كيف. و سميتها حاجة اللي تلخص المضمون متاعها... سميتها: عصا المعلّم
نهار السبت، قعدنا بعد الوقت، التلامذة اللي عندهم مساهمات بش يشاركوا بيها في المسابقة، هزونا لأكبر قاعة في المدرسة... المديرة و اغلب المعلمين، و البعض م التلامذة... و بعد ما المديرة قالت الكلمة متاعها، قعدنا نسمعوا في المساهمات متاع التلامذة، كل واحد يعيطولوا على إسمو يخرج، يقرى ش عندو، نصفقوا عليه، و المعلمين يحكيو معاه شوية و يناقشوه في الشي اللي كتبو و المديرة تاخو الورقة تخلاها من عندها و ما عليه كان يرجع يشد بلاصتو... معظم التلامذة كتبوا ع الطبيعة و النباتات و الحيوانات و ثمة حتى شكون عامل ملف بالتصاور، نتذكر مليح انو عادل صاحبي وقتها كتب قصيدة على فلسطين، و مجدي كتب على الحوش متاع دارهم كيفاش فيه برشا أشجار، و مريم كتبت على عروستها اللي جابتهالها امها من إيطاليا في الصيف... و ثمة برشا تلامذة قعدوا يهزوا و يسبطوا، رغم اننا صغار وقتها إلا اننا جبنالهم خبرة انهم قاعدين يخلوضوا... لين ناداولي بإسمي
خرجت، وقفت قدامهم،
المديرة: شنوّة برباش، ش حضّرتلنا؟
البرباش: سيدتي! أنا عملت قصيدة اسمها عصا المعلّم... نقراهالكم؟
المديرة: (تبتسم) تراه اقراها يعيّش وليدي
البرباش: (حافظها عن ظهر قلب القصيدة، لكن ما فيها باس لو كان نقراها م الورقة)
عصا المعلّم
(...)
حين يقول المعلم، هات العصا ... ترتعد قلوب التلاميذ، خوفا و أسى
(...)
و قعدت نقرى في القصيدة(اللي كنت نحكي فيها ع المعلم كيفاش يضرب في التلامذة، و بالطبيعة الاوصاف الكل كانت موجودة في المعلم متاعي، اللي منو قعدت نستوحي في المشاهد اللي حكيت عليها في القصيدة) وسط الضحكات المكتومة للمعلمين الحاضرين في القاعة، يعني حتى م المديرة اللي عمري ما ريتها تضحك، ناقص كان بش تهبط تفرفت م الضحك... العباد الكل تضحك، ما عدا المعلّم متاعي... مش ظاهرة عليه حتى ردة فعل
كيف كمّلت... المديرة بيدها وقفت و صفقت عليّ...
المديرة: (وجهها بش يترشق بالحموريّة متاع الدم من كثرت ما ضحكت) حقيقة يعطيك الصحة ولدي، أبدعت... هذي القصيدة بش تشارك في المسابقة من دون ادنى شك...
و قعدوا هاك المعلمين، كل واحد يقول كليمة... و كيف ما يقولوا، الكلام ليك و المعنى على جارك، لكني كنت نتفرج و ماني فاهم شي، و رجعت شديت بلاصتي و من بعد روّحت للدار فرحا مسرورا...
نهار الإثنين... أحنا دخلنا للقسم، بعد ما ركحنا و رضنا. يتلفت المعلم،
المعلم: هيا سي البرباش، ماكش بش تقرالنا هاك القصيدة السمحة متاعك
البرباش: باهي سيدي...
عصا المعلّم
(...)
آه من ضربك، أيتها العصا ... على كم من يد، حدك قد قسى
مسكين من نسى، أنك العصا ... و لأوامر المعلم، تناسى او نسى
(...) و نخرج للسبورة، و نقراها القصيدة، من غير ورقة، وقتها نتذكر روحي حافظها صم... كيف كملت، قعدت واقف في بلاصتي، نستنى في المعلم بش يقوللهم صفقوا عليه، بش يقوللي احسنت، اي حاجة تنجم تتقال وقتها لطفل في العمر هذاكه، تطيير ملام لا اكثر و لا أقل، ش ما يجي ياخو بالخاطر
المعلم: ناقصتها حاجة... يلزمك تحس بيها كيفاش العصا هذي، بش تنجم تعبّر مليح
و يجبدلي هاك العصا... النبي مولاك، هاذي تنفع و هاذي تضر... طريحة نباش القبور كيف ما يقولوا... لتو كيف نتفكرها هاك الطريحة لحمي يشوّك...
قعدت بقية الجمعة، ما نمشيش للمكتب، على خاطر يديّ الزّوز في الفاصمة موش بش نلقى كيفاش نكتب... و حتى كيف رجعت، رجعت نقرى في قسم آخر، من عند المعلم اللي قرّاني في السنة الخامسة
عرفت من بعد أنو المعلم متاع المسبط، الوالد قدم بيه شكاية و بعثولوا استجواب و منها اوقفوه ع العمل و قعد نهارين و يحرزلو لو كان موش جاء الوالد ناس ملاح و ما حبش يوصّلها لمواصلها و يقعد يعمل في المشاكل (و هاك اللغة متاع أولاد بلاد و ربي يهدي و يسامح) و سامح و الحكاية تغمّت ليه ليه، و نقلوني لقسم آخر، و برشا تلامذة وقتها نقلوا معايا للقسم الجديد زاده (الأولياء متاعهم طلبوا انهم ينقلوهم)
القصيدة، نسيتها جملة... الأبيات اللي حطيتهم، هوما بعض اللي قعد في الذاكرة متاعي م القصيدة، و لو نتصور انهم ما كانوش بالصيغة هذيكه حرفيا... لكن القصيدة الكل كانت بنفس الاسلوب و نفس النمط، على ما نتذكر
الحاصل، طارت النفحة م القراية جملة و تفصيلا، ولّيت بالحق نمشي للمكتب، مكرور من خشمي... و ديمه سارح و هايم و ما على باليش... عبثا حاول المعلّم انو يرجعني م الاول و جديد كيف ما كنت، و يغرّمني بالقراية و نرجع هاك البرباش اللي كان يصول و يجول، قعدت مسلكها بالقدرة، و المستوى متاعي هو اللي كان يفرض اني نقعد م التلامذة الباهين...
الشعر، وليت نفد منو جملة، نكره حاجة اسمها شعر... لتو، ما ننجمش نركز مع زوز أبيات على بعضهم، فيسع ما تطيرلي و نحس بعينيّ بداو يتخبلو و يضربني النوم... عديت أعوام نقاسي وقت اللي في الثانوي قاعدين نقراو ع الشعر الجاهلي و المعلقات غيرهم، ياما ضربت أصفار... رغم اني كنت عموما في اللغة العربية عندي ما نقول في روحي... لكن اني نحفظ شعر، و إلا نقعد نقرى فيه بش نحلل من بعد... الله الغني عليه العدد هذاكه، ش خلاني ديمة نحبذ المواضيع (خير من تحليل النص)، ديمه نقول باهي و معبّر و نشكر و نشكّر و وقتها كانت ديمه تسلك...
و القصيدة، الله أعلم بيها شنوّة كان مآلها... لكن اللي نعرفوا انها المديرة ما بعثتهاش للمجلة بش تشارك بيها في المسابقة... و انا الحق متاع ربي، من وقت اللي كليت هاك الطريحة، قليل و ين خممت فيها الحكاية، و حتى كيف تورد على ذهني، نقعد نخمم علاه عمل هكّاكه... يعني شنوة كان يحبني نقوللو هاك المعلم وقتها، يرحم بوك في هاك الطرايح اللي كنت تعطي فيهم للتلامذة؟ و لو اني وقتها كنت صغير، و سني ما يخولّيش اني نميّز بين الحاجة اللي تتقال و الحاجة اللي ما تتقالش، و الحاجة اللي ماذا بيك لو كان ما تقولهاش...
و ديمات نقعد متأسف، نقول زعمة لو كان ما صارش اللي صار، و المديرة شاركت بيها القصيدة، يعني بعثتها للمجلة و دخلت للمسابقة... زعمة كنت نربح... يمكن راهو المسار متاع حياتي الكل تبدّل وقتها، و راني تو واحد م الفطاحلة متاع الشعر و الادب في البلاد، كيف ما ابو القاسم الشابي، و إلا آدم فتحي و إلا ... (هذاكه حد الجهيّد، ش نعرف)... و لو أني زاده ديمات كيف نتفكر، نقول لعل فيها خيرة... ع الأقل الأقدار كيف منعتني بش نكون فلتة من فلتات الدهر في الشعر، فإنها زاده انقذتني م الفقر اللي عايشين فيه جماعة الشعر، و فرحانين بيه...
يقول القايل... نقعد نبرنش خيـــــر!
|
يا برباااااااااااش
تبربيشك فيه برشا صدق و شفافية متميّز و متمع و ما يقلّش درجة عن الشعر
ابدعت في النصّ هذا... يعطيك الف صحّة
امّا اكثر جزء ضحكّني في النصّ هو الّي فيه بياااار ألّي امرجتوا بالسؤال امتاعك
لوووووووووووول
اضحكتني أغضبتني أحزنتني ... و ذكرذتني زاده
كيف كنت في السنة الاولى كنت ديما انجي الثالثة في القسم ... كان بابا يسالني
علاش ما جيتش الاولى
فبكلّ براءة و اقتناع كنت انجاوبو
بنت الوالي جات الاولى
ولد المعلّمة جاء الثاني
فإذن ما انّجم انجي كان الثالثة
...
و برشا ذكريات فيما يخّص المسبط بالعصا... حتّي انا كليت ما تيسّر... فما ضربات عصا ما زلت انحسّ فيهم على يدّي حتّى التوّا
...
كيفاش بش انحاربو القمع و احنا كبرنا بيه و عليه
حاصيلو.... الّه يسامحهم بعض المعّلمين
الّي انجّموا بالبهامة امتاعهم احطّمو مستقبل كامل متاع انسان...
شكرا برباش
J'ai bien rigolé en lisant cette note! Vraiment t'es super! ama fello5er ya93ad kollou klem 7lou w thekrayèt 7louwa! je ne peux dire qu'une chose: tu me fascine de plus en plus par tes notes... rani nestanna bi d9i9a w draj tadwintek ya barbech ya 5ouya! wallit drogué b'tadwinètik
هشتكنا وبشتكنا يا برباش
انت مدوّن ما فماّش
يا امشخلعنا
يا امدلعنا
ههههههههههه
لا بالجدّ رجعتنى سنيـــــــــــــــــن للسنة الاولى ابتدائي وآنستى فطوم يا حسرة وسيدى مصطفي الطريقي انا انسمّيه السحّار الله يذكرهم بالخير اما نوعية المعلم اللى ضربك الله ......والا موش لازم ربي يعطيه على قد فعلو هههه هانى ما دعيتش عليه
إشكون منكم يا جماعة ما يذكرشي النهار الأول متاعو في المدرسة ! و رغم فارق السّن بين التلامذة و المدّرسين سأرسم لكم يومي الول بالمدرسة كما كان حقيقة و بدون خيال ! أما أترابي الأخرين سأترك العنان لرأسي حتى أرسم صورة لكل واحد منهم !
11 سبتمبر 1975 ، فقت فرحان، معجول وقتاش باش نمشي نقرى بالحــــق! فديت من قراية المدّب ! و من الـــــلّوح و من لابز القصب ! في الواقع ، بديت نقرى و نكتب في السنة الثالة من عمري ، قيدوني في الجامع متع الحومة ! كل يوم و على الصّباح نمشي نقرى ...حفظت جزء عاما ! بالكتيبة على اللّوح ! نحفظ قدام المدب و قدام عزيزي وقت الي إرّوح ! عزيزي بدى إخاف ربي و إيصلي إموخر ياسر ...كان موش لاهي بالحكاية ، كان كي دخلت أنا للمدّب، أمي كانت إتخاف وقت الي نقرى القرأن على عزيزي ...كانت إتقول : ربي يستر من ها الولد و جدو ...عارفه باش إموت واحد من الجامعة...إنشاء الله خير ...أما نهار الي حفظت البردة و بديت إنجلجل فيها أنا و جدي ...أمي من الخوف خرجت و خلّتنا وحدنا ...فهمت من بعد الي أمي أتخاف من الموت لأنو البردة يقراها في الدّفينة ...كانت إتقول لسي قاسم : هز الولد لمدرسة باهية ما فيهاش الحديث متع الموت هذا ...قري الولد حاجة أخرى ...صنعة مثلا ..! راهو حتى من الصّمغ ولد قاسم ماعاش ساو ...ما إتقوليش فاش يكتبو يا راجل ...إسمع يا سي قاسم ...أنا ولدي راهو ما نحباش يطلع مــــــدب ! أمي ما شافتش جــــــــدي يسمع فيها ! الرّاجل قاعد إتحي و إزكي ...في عوض باش إقول التّحيات الله الزّكيات لله ...أقول يا خرّافة خرّفي ...في الوقت هذاك أنا نعرف إنصلي و المدب علّمنا الصّلاة و كل شيئ ...إمشيتلو ...أشبيك يا جـــدي و قتلو ...ألتو ما حفضتش التّشهيد !!!!! إتحملني جدي ...و قال لولدو سي قاسم ...تعرف يا ولد كان موش من قاسم راني كنت باش إنموت كافر ...الولد هذا علّمني الصّلاة و علاّمني الشهادة و علاّمني القرأن ...قـــــول لزينب تخطانا ...و إتخلينا أصحاب ! يا قاسم ...قاسم هذا إنحبــــــــــو إيزيد يحفظ و يحفظني القرأن الكل ! قبل ما إنموت ...بابا ! إحب بوه بشكل كبير...إقولو ...إطول عمرك ...و ربي ما يحرمنى منك ...مازال العمر طويل ! في الليلة هذيك و الي من غدوه باش ندخل فيها المدرسة مات جدي ..بعد لا قرى عليه سي قاسم سورة يــــــــس خمسة مرّة و قريت أنا الي حفظتو من القرأن الكل !
الناس الكل، إشكون معاه بوه و إشكون معاه أمو ...إلا قاسم جاء للمدرسة وحدو ! المدرسة متاعنا صورها يبدأ عندما تنتهي الأرض متاعنا ! و الأرض الي تبنات عليها كانت هدية من جدي ...بالعربي المدرسة مدرستنا و الحاكم يحكم فيها ! نسمع كان في حاسبني بجلدو يا سي عبد الرّحمان ! الوالد الي يخرج من القسم إتقول عليه كان قد تخلّص من عبئ ثقيل ألا وهو ولدو ...حاسبني بجلدو ....أول معلّم في مدرسة الحاكم إسمو عبد الرّحمان ..
فاصل ....
شفتوها الدكتاتورية وين إتخلفت في : حاسبني بجلــــــــــدو ...كل شيئ عندو جذور و كل عوج عندو سبب ...ثقافة معوّجة ما إتخرّج كان ناس إمعوجة و دكتاتورين قبل ما إكونو دكاترة! الشئ هذا ثمة ناس ما هيش حابة باش تفهمو ...حاسبني بجلدو ما قالوهاش قدام المدب أباتنا ! قالوها قدام الحاكم ! معناتها سلّمو أمرهم للحاكم ...فلذات أكبادهم لمدّرس أو لنضار مدرسة ! المواطن التونسي يبقى إلى يومنا هذا محبذا للتخلص من المسؤولية ! لذلك نلقو في كل إدارة و في كل قسم ديكتاتور يحكم بأحكامو !
----
kacem
Pierre ,tu veux dormir
LoL
طلّعتلو روحو مسكين
أما ما حكيتلناش على آش وكّلتوه وقتها ... شبّعتوه بالطّماطم كان ميشني غالط
شكرا يا برباش ... والله أحييت فينا ذكريات هايلة ... ضاهرلي اللكلنا تعدينا بتجارب كيما هكة ... أبدعت.
@ سنية: شكرا ع التعليق و التفاعل مع التدوينة، اللي ما كلاش المسبط عند المعلم، و هو صغير، يتسمى ما قراش لهنا... اله يسامهمو و يعطيهم على قد نيتهم
@ باج: مرحبا بيك... باحق، ما يقعد كان حديث و كلام و حكايات فارغة، بعض المعلمين يقعدوا في ذاكرة الانسان ما يتمحاوش، ثمة اللي كيف تذكرو تترحم عليه و ثمة اللي تدعي عليه (و كيف تلقاك في ساعة سعيدة، تقول ربي يهديه)
@ أرابيكا: ههههههههه، إن شاء الله ديمة عاملة جو... الله يذكرهم بكل خير و يرحمهم اموات كانو و إلا حيين...
@ قاسم: يا مرحبا يا مرحبا، هـ الخطوة السعيدة... أما بالله ثبتلنا، دخلت تقرى نهار 10 و إلا 11 سبتمبر 1975.
@ وانتد: ممالا لو كان حبيت، قعد ياكل في الطماطم لين تڤرّعها... ;-)
@ بالـملوان: تحب تقول بربشتلكم الذاكرة متاعكم و حيّرت عليكم المواجع... ممالا باش برباش... مرحبا بيك
اهلا بلبرباش,
برغم المظالم و فنون التعذيب الي الواحد تعرضلهم خاصة في الابتدائي الا انو الواحد كي يتذكر برشا معلمين ما يقول كان الله يرحم والديهم. اخيرا ما نقلك كان حسن واصل
برباش إستمتعت بنصّك الطّريف ،وراودتني خلاله عدّة ذكريات ،مجهود رائع صديقي
أتمتع بما تكتبه يا برباش، يجب التفكير في النشر بجدية، ما تكتبه ليس طريفا فقط، بل هو صادق، وعميق. مع تشجيعي وصداقتي.
أول نهار في المكتب نتذكر إلّي الوالد و الوالدة هما إلّي هزّوني و فرحانين بيّا قد الدنيا و أني زادا كنت فرحان أكثر منهم أما الفرحة ما تواصلتش برشا ...
tu est extra-ordinaire, tu m'as fais rire jusqu'aux larmes .
مشكورين على مروركم و تعليقاتكم
@ مواطن في العالم: الشاذ يحفظ و لا يقاس عليه خويا العزيز... و يقعدوا الاغلبية متاع المعلمين اللي العبد قرى عندهم، بمثابة الآباء و الامهات، و الله يرحم والدين الجميع و يعطي كل واحد على قد نيتو... مرحبا بيك
@ شهاب: اهلا بيك صديقي
@ عدنان مناصر: شكرا اخي الكريم على النصيحة و التشجيع، فخور جدا بصداقتك...
@ المازوشي: تقعد الكل ذكريات العبد كيف يتفكرها، بحلوها و مرّها... يبتسم في قرارة نفسو... ما احلاه الصغر
@ أمّي هناني: يا مرحبا بيك... شكرا ع التفاعل متاعك و ربي يفضلك و يبقيك
rak assal je t assure j adore kan tu ecris un homme exceptionnel , bravoooooooooooooooooooooooooooooooooo
برباش جيست حبّيت نقلّك إلّي الكرني يكتبو عليه دفتر مراسلة موش أعداد. إضافة من نوع رقاصة ترقص (سرحان عبد البصير) سوسّو
comme chaque fois que je te lis j'éclate de rire!!
ya3tik ellsaha tu nous décris a vie mais avec un style très captivant!
merci!!
looooooool j'adore
bourjoulia magnifique barbache
ama rabbi yoster la nettared mel 5edma men crise edho7k elli chadni
ana enhar lewel fi le9raya mchit wa7di
9atli el walda mak dima tethoumel wta3rfou el makteb win barra wa7dek
encore bravo
تحفونة حكايتك يا برباش
إرسال تعليق