السبت، أكتوبر 29، 2011 23:20
الهداري الفارغة: , , , , ,

وصلت لمركز الاقتراع مع الثمانية متاع الصباح، نستخايل روحي عملت المليح و ماشي لى بكري بش نكمّل ليه ليه... نلقى 
الصف واصل قدام الباب متاع المكتب، و ثمة ع القليلة ميا و عشرين رقبة اللي قاعدين يستناو.


وقت ما مشيت نقيّد، سألوني وين نحب ننتخب، ياخي اخترت المدرسة اللي قريت فيها المرحلة الابتدائية متاعي، رغم اللي ثمة ثلاثة مدارس أقرب للدار أما وقتها ما نعرفش ش ظهرلي قلت خ نستغلّ الفرصة و نعمل طلة فرد مرة ع المكتب اللي عندي سنين ما نطبلو كان مرة بعد درى قداش من عام كيف تلقاه ثمة انتخابات و نمشي ننتخب في عوض الوالدة (ما نعرفش علاش الوالدة قعدت ديمة تجيها بطاقة الناخب في المدرسة هذيكة بينما بقية العايلة الكل نقلونا لمدرسة قريبة للدار).

شديت الصف كي الناس الملاح و فيسع ما انضميت للحلقة اللي لقيتها محلولة في نقاش بسيط حاول الحضور قدر المستطاع و بدون اتفاق مسبق أنهم يتجنبوا الافصاح ع القايمة اللي قرروا انهم ينتخبوها أو حتى مجرّد الاشهار لحزب أو قايمة أو توجّه ما، بل كان هناك تعبير يعبر عن الاحتقار لكل من يتعدى و يحاول أنو يقدم النصيحة لغيرو عبر التعريف برقم أو شعار قايمة ما... و كان معظم الحديث هو عبارة عن مقارنات لما كان عليه طريقة الانتخاب قبل الثورة و طريقة الانتخاب الجديدة، و رغم الملل اللي قد يصيب البعض عادة جرّة الصف الطويل إلا أنو الجميع كان فرحان و "سعيد" حتى أنو بعض المسنّين رفضوا استغلال حقهم في التوجه مباشرة لمكتب الاقتراع (بحكم كبر سنهم) و أصرّوا على الوقوف في الصف كيف بقية الناخبين.


كان م الواضح، أنو تحبلي ع القليلة ساعة (كان موش اكثر) بش نخلط ننتخب... و بحكم اللي أنا كنت عندي درى قدّاش من قضية مجبور اني نتولهى بيهم، قررت أني نغادر مركز الاقتراع (اللي اعتقدت وقتها انو كان مزدحم برشا) على أساس اني نرجع ساعة اخرى بعد ما نكون درت دورتي... على أمل انو الصف يكون نقص شوية.

رجعت للمدرسة بعد قريب الساعة... دوب ما دخلت اتفجعت (و في رواية أخرى شهقت) كي لقيت الصف متاع الانتظار اتضاعف قريب الثلاثة مرات، حتى كيف عملت طلة ع الجماعة اللي كنت شادد معاهم الصف لقيتهم ما قدموش برشا، يعني بحكم المسافة اللي مازالت تفصلهم على باب مكتب الاقتراع، مازاللهم ع الأقل نصف ساعة بش يخلطوا... زيد العزايز و المعاقين اللي يمشيوا طول ينتخبوا من غير ما يشدّوا الصف، و بحساب الترسكية اللي كانت عاطية مسد رغم الجهود المبذولة من جماعة البادجوات و اصرار المواطنين اللي شادين الصف إلا أنو صحة الرقعة و قلة الهمة متاع البعض لا حدود لها، كان واضح اللي تحبلي ع القليلة ثلاثة سوايع بش نخلط ننتخب.


و بحكم أنو لا مفر من شدّان الصف سوى انو الواحد يتنازل عن حقّو الانتخابي، و هذا شي كان لا سبيل إليه... ش خلاني نلتحق بآخر الصف، و فيسع ما انضميت لحلقة النقاش اللي لقيتها محلولة بطبيعتها، و كانت تعليقات كبار السن على بساطتها هي أطرف ما في المسألة خاصة في مقارناتهم بين القديم و الجديد... و بالزهر متاعي طحت بشايب قدّامي ضاربو القلق كل شوية يتلفتلي و يقعد يڤجدر معايا.

الشايب: أنا هاو في السبعين، عمري ما شدّيت الصف كيما هكة... كنت دوب ما ندخل يجوني ولاد الحلال وقتها، ياخذوا مني هاك البطاقة و يقولولي برّه على روحك، هاك انتخبت.

البرباش: أنا الوالد كان مغروم قبل يجي ينتخب... منها فدّ، ولّى يبعثني ننتخب في عوضو، دوب ما ندخل للبيرو يفرحوا بيا و يطيروا منها يقولولي عاد انتي متاعنا، يلفّولي هاك الورقة و يمدوهالي نحطها في الصندوق كي الناس الملاح و نروّح على روحي.

الشايب: أنا و الله درى قداش من مرة لا طبيتلو هاك البيرو... حتى وقت ما اتطورت الدنيا و ولات عندنا البورطابلوات، يكلموني في الدار و يسألوني إذا جاي و الا لا، و اهوكة ينتخبولي من عندهم و بره... شكون كان يلوّج ع الصدع و وجيعة الراس بالله.

و قعدنا هكاكة قريب الساعة، قدّمنا فيها قريب العشرة ميترو، بحيث ولّينا في بلاصة ضاربة فيها الشمس قد قد و العباد الكلها عروقاتها شرتلّة... لين فدّ هاك الشايب اللي قدام مني و قرر انو يغادر الصف، على أمل أنو يرجع في برود العشية بش ينتخب.


الصف ما كانش مفهوم حتى طرف، تدخل عباد و تخرج عباد، و ترسكي عباد حتى المحاولات متاع البعض انها تمنع العملية هذي كانت تعتبر يائسة بحكم اللي احنا كنا قراب م الباب متاع المدرسة وين الدخول و الخروج بزايد... و كان كل وافد جديد أو كل مين قام بواجبو الانتخابي مجبر انو يشقّ الصف بش يتعدّى... و معظمهم كانوا يشيرولنا (مع ابتسامة تدل على سعادتهم المفرطة بأداء واجبهم الانتخابي) بصبعهم المبلحط بالحبار و كان م العادي جدا انك تسمع بعض التعليقات من نوع

مواطن: ايا العاقبة ليكم ان شاء الله

أو انها ناخبة مازالت كيف كملت الواجب متاعها و التحقت باحدى المجموعات اللي شادة الصف تحكيلهم كيفاش عملت بالضبط و تخاطبها واحدة م الحضور تقوللها

مواطنة: ان شاء الله في نقشة عرسك




شوية هكاكة و اتعدّى واحد م الجماعة اللي كنت محلّڤ معاهم كيف جيت الصباح بكري، وقف يحكي مع جماعة قدام منّي قاللهم أنّهم العباد خلاوه ينتخب طول الصباح من غير ما يشدّ الصف، ياخي روّح للدار فسّخ الحبار من صبعو و رجع بش ينتخب في عوض مرتو

الراجل: ماهم قالوا اللي صبعو بالحبار ما ينتخبش مرة أخرى؟

و قد ما حاولوا أنهم يفهموه، شي... ما اقتنع أنو ما ينجّمش ينتخب بالنيابة عن شخص آخر (بخلاف إذا كان صبعو أزرق و إلا لا) إلا ما جاه واحد من جماعة البادجوات و طلب منو بكل لطف انو يغادر الصف و يمشي يجيب المرى بش تنتخب بنفسها.
بخلاف طرافة المسألة و بساطة السيد في مطالبتو بالانتخاب نيابة عن مرتو كيف ما استانس أنو يعمل حياتو كاملة... اللي جلب انتباهي في الحكاية هي أنو نجح في تنحية الحبار من صبعو، محاه تماما بمعاينة بعض الحضور و حتى المراقب اللي تابع الهيئة... في وقت الل انا توة رابع يوم و الحبار مازال ظاهر على صبعي و اتلزّيت أنّي نحكّ ظفري بالأبرازيف (نوع متاع كاغط أحرش) باش يتنحّى.



قعد الصّف عمال ماشي و يقرب و يتنظّم... خاصة في النصف ساعة الأخرانية، كي ولينا واحد في جرّة الآخر، و مسكين اللي يخمّم أنو أنو يرسكي و برّه.

في الحلقة متاع النساء اللي كانت ورايا، كانت ثمة مرى عزوزة هيأتها تدل أنها فاتت الستين عام، و كانت متلحفة في سفساري... قد ما حاروا فيها العباد انها تمشي تنتخب طول إلا أنها اصرت أنها تشد الصف كيف البقية (الظاهر أنو عجبتها التحليڤة) و كانت كل ما يتعدى شكون يطلب منها تمشي طول للبيرو تنتخب تقوللو

العزوزة: لا لا خليني هوني شادة الصف مع العباد... باهي، باهي... كلّ خطوة بثوابها.

و حتى كيف حاولوا النساء اللي كانت محلڤة معاهم أنهم يقنعوها تمشي تنتخب على روحها طول على خاطر عندها الحق ترسكي ع الصف اتغششت و بنبرة كلها حزم قالتلهم

العزوزة: تي شبيكم عليا... ما عندي في جرتي شي اليوم.

العزوزة: حتى الدار قلتلهم اليوم كل واحد يدبّر راسو... اليوم انتخابات، مانيش لاهية.



أيا بره حتى لين كيف قريب نوصلوا... ما فقت بيها كان كيف همزتني من ظهري، كيف اتلفتلها جبدتني من كتفي كيف اللي بش توشوشلي

العزوزة: انتي شنوة بش تنتخب؟؟

اعتقدت أنها بش تحاول تستقطبني و تقنعني بش ننتخب واحدة م القوايم دون غيرها، و بحكم منظرها اللي يدل على أنو صعيب لو تكون منخرطة في حزب ما، كنت نستنى بش تحكيلي على قايمة يكون فيها واحد يقربلها.



و أخذا بعين الاعتبار معارضة الناخبين اللي شادين الصف أن يقوم بعضهم بالتأثير على الآخرين لانتخاب قايمة ما، خاصة انّي شهدت ثلاثة حالات زوز منهم اتدخلوا فيهم المراقبين (الاولى كانت لأحد الحضور اللي قعد يصيح يشجع في العباد بش ينتخبوا الحوتة، الثانية مرى تنصح في كنّتها بش تنتخب النهضة، و الثالثة كانت واحد من مراقبي المؤتمر ينصح في صديق ليه شادد الصف بش ينتخب المؤتمر)  و قاموا بطرد المتجاوزين و وصل التهديد في احدى الحالات (التكتل) باستدعاء الجيش و اخراج السيد م المدرسة الكل باستعمال القوة.

البرباش: آهأه... ما يجيش نقولوا على شنوة بش ننتخبوا يا حاجّة.

و الظاهر أنو كلامي ما عجبهاش، على خاطرها دوحتلي براسها قبل ما تقوللي

العزوزة: (بنبرة كاينها بش تقوللي سرّ) أنا ولدي بش ينتخب النهضة... هذيكة الحمامة اللي حالّة جناحها و عندها نجمة.

اكتفيت بابتسامة خفيفة... اعتقدت م الاول أنها بش تقعد تشكرلي في النهضة، و تحاول تقنعني أني ننتخبها، خيّرت التزام الصمت و انتظار انها تكمّل كلامها

العزوزة: و راجلي، مغروم بهذوكم متاع المراياتات (تقصد المؤتمر).

و من غير ما تنتظر ردّة الفعل متاعي... حاولت انها تريڤل السفساري متاعها و تزيد تكبسو فوق راسها قبل ما تقوللي

العزوزة: أما أنا بش نتبّع ولدي، و ننتخب النهضة... ولدي نلقاه نهار آخر، يقيم بيّا في كبرتي.



كلام معقول، بصرف النظر عن سرية الانتخاب من عدمو... و زيد العزوزة عاملة جو، و هذيكة الفايدة.

العزوزة: أما راجلي... لا يطلّعو، كان نسمع كلامو

العزوزة: تي لو كان يصرحولو بش ياخو زوز نساء توة يمشي يجري من غدوة يعرّس عليّا

شدني كريز متاع ضحك، عجبتني العفوية متاعها في الحديث و كيفاش انها فيسع ما خذات راحتها، خاصة اللي انا لا نعرفها و لا هي تعرفني (و يمكن هذاكة كان السبب).

خممت لفترة وجيزة اني نحل معاها الهدرة... موش بهدف أني نبدللها رايها و إنما فقط نفهمها أنو لو كان ثمة امكانية اللي راجلها ياخو عليها مرى اخرى، راهي النهضة (اللي هي و ولدها بش ينتخبوها)... إلا اني في آخر لحظة تراجعت، قلت اخطاني، الصف عيدك بيه يوفى و زيد العباد شادة لروحها العسة موش مخليين النفس لحتى حد انو يحكي ع الاحزاب و القايمات.




ما جاوبتهاش، لأني اتلهيت نحكي مع الوالدة بالتليفون، طلبتني تحبني نجيبلها التوصيل اللي قيدت بيه في البلدية على خاطرهم في المدرسة اللي هي تنتخب فيها (غير المدرسة اللي انا ننتخب فيها) طلبوا م العباد انهم يثبتو م البيرو اللي بش ينتخبو فيه خاطرهم برشا شدّو الصف اكثر من ساعة من بعد طلعوا غالطين و رصاتلهم يعاودوا يشدّوا الصف م الاول و جديد في البيرو الآخر... و ليت بعثت اس م اس (ارسالية قصيرة) لهاك النومرو 1423 اللي عملتو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالذمة و فيسع ما جاني الرد فيه عدد المكتب و رقم التسجيل، وليت عاودت طلبت الوالدة نحفّظ فيها في نومروها في القايمة متاع البيرو بش ما يتعطلوش و هوما يلوجولها على اسمها في الليستة.

و فيسع ما دخلت انتخبت من بعد... بلحطت صبعي بالحبار (غطست صبعي في الدبوزة لين وصلت لقعرها و فطّست هاك النشافة) و بهذلت يدّي بطريقة خلاتني بالسيف ما نهز الورقة متاع التصويت.



دخلت للخلوة (اللي كانت ظلمة شوية) و قعدت انخمم بين الزوز قوايم اللي كنت محتار أناهي فيهم بش يكونلها شرف الفوز بصوتي العزيز... و في جرّة قلم (حركة بسيطة ما استغرقتش سوى جزء م الثانية انهيت بيها مرحلة م التخمام حازت حيز زمني لا يستهان به المدة الاخرانية... المهم بالنسبة ليا هو أنّي كنت على قناعة انو ما قمت بيه ما رأيت انو الأصلح بالنسبة لتونس بدرجة اويى، و من ثمة قليبية بدرجة ثانية)، حطيت العلامة المناسبة في المكان المناسب، و خرجت م الخلوة حطّيت الورقة في الصندوق.



و فيسع ما خرجت... نغزر للبورطابل، نلقى روحي شدّيت الصف لمدة ثلاثة سوايع و درجين.

قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الخميس، أكتوبر 20، 2011 14:30
الهداري الفارغة: , , , , , ,
تدوينة، كنت كتبتها قصد نشرها قبل الانتخابات الرئاسية و التشريعية متاع 2009... لكن، لأسباب يعلمها "البعض" تعذّر نشرها في حينها :-) 
لأسباب أخرى، يطول شرحها... ضيعت النص الاصلي متاع التدوينة، إلا اني نجمت نلقاه عند بعض الأصدقاء (المدونين) في صيغة بي دي اف، لقيت روحي هي هي مضظر لإعادة نقلها، و من غير ما نشعر إعادة صياغتها مرة أخرى و كأنني نكتب فيها م الاول و جديد.


أول مرة انتخبت فيها، كان عمري وقتها حداش عام، نقرى تحديدا في الخامسة ابتدائي...

نهار الأحد 02 أفريل 1989، مع الأربعة متاع العشية، يدق الباب (رغم أنو عندنا ناقوس)، و كي خرجنا نثبتوا نلقاوه راجل جاي يطلب م الوالدة (بكل ادب و احترام مع التذكير بلوغة الحق و الواجب متاع التربية الوطنية) انها ملزوم ما تمشي تنتخب... 


الوالدة، كان من آخر اهتماماتها في الدنيا هذي أنها تخمم تمشي بش تنتخب، لذا وعدت الراجل (اللي عمل دورة على درى قداش من دار في الحومة، نساء الحومة تقريبا ما ثمة حتى واحدة فيهم خممت حتى مجرد التخمام انها تمشي و تنتخب) انها ملزوم ما تمشي.

يمكن يكون السيد مازال قدام باب الدار، و الوالدة كانت ناسية حكاية الانتخابات هذي جملة... إلا انو و قدام الالحاح متاعي، اقتنعت انها تلوّج ع البطاقة متاع الناخب، و تمدهالي بش نمشي ننتخبلها (لأنو زايد الحديث معاها في انها توصل للمكتب بش تنتخب)

ما لوجت هي ع البطاقة، كنت انا زادة استعديت للحدث الهام هذا، بحيث لبست الطبلية متاع المكتب


بالرغم من إلحاح الوالدة أنو مش لازم نلبس الطبلية متاع المكتب، على خاطرني مانيش ماشي نقرى و إنما ماشي بش ننتخب... و رغم تدخّل الوالد زادة في محاولة (كان يعلم جيدا أنو لا فايدة منها، هو أنا نتسمى عملت المليح كي ما شديتش صحيح نهز الكرطابة زادة) لإقناعي أنّي نمشي بالحوايج متاعي نورمال، إلا انو المحاولات متاعهم الكلها باءت بالفشل أمام الإصرار متاعي...


البرباش: و كي سيدتي المديرة تشوفني؟


و كان أنّي عملت اللي في راسي مشيت ننتخب و أنا لابس الطبلية متاع المكتب... بعد بعض التوصيات، خذيت بطاقة الناخب متاع الوالدة، و بطاقة تعريفها (على ما ياتي) و قصدت ربي للمدرسة متاعي (اللي كانت هي بيدها مركز الاقتراع) فرحا مسرورا...


كيف وصلت للمكتب... حسيت بالرهبة، بالخوف، المدرسة ما كانتش كيما مستانس بيها في ساير الأيام،


البرباش: ياخي شبيه هكة المكتب... و ويني سيدتي المديرة؟


اصراري أنّي نمشي بالطبلية كان في واقع الأمر جزء كبير منو يرجع لكوني خايف لا المديرة (كنت اتحدثت قبل ع المديرة متاع المكتب متاعي في تدوينة [ذكريات... أيام زمان]) تشوفني من غير طبلية... و كان وقتها مسكين اللي سيدتي المديرة تفيق بيه جاي للمكتب من غير طبلية.


الحاصل م الباب بديت نندم... ندمت على أنّي لبست الطبلية... و بدى ينتابني شعور بالرهبة و الخوف م الأجواء اللي كانت مسيطرة ع الأجواء متاع المكتب وقتها.




نلوج على مكتب الإقتراع عدد درى قداش (الرقم المكتوب ع البطاقة) يطلع بالزهر متاعي القسم اللي نقرى فيه... ندخل للقاعة باهت في عجب ربّي، ياخي شبيها ولات هكة؟


ما عدى السبورة (اللي واحلة في الحيط)... ما ثمة حتى حاجة قعدت شادة بلاصتها.


البيرو متاع سيدي حاطينو مقابل الباب و عليه زوز صنادق ، واحد أبيض و واحد أصفر... الخزانة اللي كانت محطوطة في آخر القسم  و المعلم متاعنا يخبي فيها الكرارس و الدبش متاعنا و متاعو، ملصقينها للحيط و حاطين عليها لقشة عاملينها كيف الريدو على شكل ربع دايرة (في التركينة بين الحيط و الخزانة)، فهمت أنها هي الخلوة اللي سيدي حكالنا عليها في الدرس متاع التربية المدنية، الطواول حاطينهم الكل فرد تركينة ملصقينهم مع جنب بعضهم بش يخلقوا مساحة فارغة قدام الطاولة اللي عليها الصنادق.




نسرح شوية مع هاك الصنادق (البيض و الصفر)... نتذكر مليح أنو ثمة ڤاراج مع جنب البلدية معبّي بالصنادق هذوكم، كنت ماشي في بالي اللي هوما يربّيوا فيهم في النحل... ما قالهالي حد المعلومة هذيكة، و إنما كانت مجرد استنتاج شخصي ناتج عن مقارنة بين شكل الصنادق، و شكل خلية النحل اللي وصفهولنا مرة المعلم و ريتو درى قداش من مرة في التلفزة... و ما نعرفش علاش أنو و حتى لفترة موش بعيدة (هذا إذا ما قلتش لتو، و الله ماني عارف على روحي) كل وين نشوف دوكيمونتار (شريط وثائقي) يحكي ع النحل و تربية النحل، يتبادر لذهني مباشرة هاك الصنادق المحطوطين في هاك الڤاراج اللي مع جنب البلدية.




القاعة متاعي، اللي اتقلبت رأسا على عقب، ما كانش فيها سيدي (المعلّم)... إنما كان فيها ثلاثة رجال أخرين أول مرة نشوفهم (ماهمش معلمين في المكتب متاعنا)... ثمة واحد واقف متكي ع الباب، يڤحر للي داخل و اللي خارج، و راجل متكستم قاعد وراء البيرو متاع سيدي وين ثمة هاك الزوز صنادق... و ثمة راجل آخر بصحتو قاعد ع الطواول متاعنا اللي كنا نقراو عليهم، هو الوحيد اللي جلب انتباهي في الموجودين الكل على خاطرو كان يقعد تقريبا في نفس التركينة اللي كنت متعوّد نقعد فيها، قعدت مركّز معاه حبيت نعرف إذا كانت هي بيدها الطاولة متاعي و إلا طاولة أخرى (يمكن لو نجّمت نعرف وقتها، كنت نقوّمو هههههه)... ندخل للقاعة، خطوة لقدّام و خطوة لتالي، خايف لا يطردوني


البرباش: (نتلعثم في الكلام، وجهي أحمر نيلة م الفجعة... و بنبرة تساؤل فيها شوية احتياط، متاع واحد يجس في النبض) أمي بعثتني قالتلي بش ننتخب


يتطرشق بالضحك هاك السيد المسؤول اللي لابس كوستيم و قاعد ع البيرو متاع سيدي، وراء الصنادق البيض


المسؤول: (بنبرة ممترجة بالضحك متاعو) أي شبيه... علاه، ما اتنجمش تجي أمّك؟


البرباش: (مازلت داخل بعضي) هي قالتلي بره امشي في عوضي.




المسؤول: باهي باهي، موش مشكل... عطاتكشي البطاقة متاعها ع الأقل!؟!


البرباش: (نجبد البطاقات الزوز، متاع الناخب و التعريف متاع الوالدة من جيب الطبلية) أي هواهم الاوراق متاعها مدتهملي


ياخذهم السيد من عندي، و يقعد يثبت فيهم... و سألني على اسم الوالدة و ش تعمل في دنيتها، و ع الوالد زادة، و على اسمي و فين نقرى، و طبعا جاوبتو أنّي نقرى في المكتب هذا و القسم هذا... و فرح بيّ الحق متاع ربي.


و من بعد جبد الورقة (الوحيدة) متاع الانتخابات الرئاسية، حطها في الجواب الأبيض و مدهولي


المسؤول: (يشيرلي للصندوق الأبيض) أيا ولدي.. حط الجواب هذا هوني


 خذيت الجواب من عندو و بتردد يدل على مزيج م الحيرة و اللامبالاة، حطيتو في الصندوق الأبيض، (متاع النحل) كيما قاللي.




نغزرلو بش يعاود الفازة هي بيدها مع الاوراق الأخرين (اللي هوما متاع الانتخابات التشريعية)، و بش يلفلي الحمراء (بعد ما طواها سايي) في الجواب و يقوللي حطها، كيف ما المرة الاولى... نتلفتلو و بنفس النبرة المتلعثمة
البرباش: (نجس في النبض) نحب ندخل لغادي


يبهت المسؤول في الطلب متاعي، و يجبد الورقة بعد ماكان سايي دخلها للجواب، و يزيد يمدلي كعبة م الزوز و إلا هوما ثلاثة أوراق الأخرين اللي محطوطين قدّامو


المسؤول: (يبتسم، بعد ما يشيرلي لهاك الريدو الاحمر اللي موجود في التركينة بين الخزانة و الحيط) أيا بره، أهوكة الخلوة غادي.


ناخو من عندو الأوراق، و نمشي لهاك الخلوة، الريدو تقريبا في مستوى رقبتي (رغم اللي كنت نعتبر م الطوال، سواء في القسم أو حتى في الحومة)... و فوق هذا السيد اللي قاعد ع الطواول متاع التلامذة كان واخذ موقع استراتيجي بحيث مهما عملت و مهما حاولت أني ندور كان بش يشوفني.




ما كنتش عندي أي فكرة ع الاوراق هذوكم شنوة يعنيو بألوانهم المختلفة، و لا شنوة هو البرلمان و لا حتى شنوة معنتها احزاب، كل اللي نعرفو و اللي فهمتو من كلام المعلّم اللي اتعاود أكثر من مرة في الفترة هذيكة هو أنو ثمة حاجتين بش ننتخبوهم، الرئيس و مجلس النواب... الرئيس ما ثمة كان ورقة برك، و مجلس الشعب ثمة برشا اوراق بش نختاروا منهم ورقة.


ما كانتش عاجبتني الورقة الحمراء، على خاطرو اللون الاحمر بالنسبة لينا و أحنا صغار كان يعتبر متاع بنات... ما نتذكرش مليح شنوة بقية الألوان الموجودة، لكن اللي نتذكرو مليح أنو كانت ثمة ورقة مذهبة عجبني المنظر متاعها و حبيت انحطها هي.


لكن هيهات، ههههه... السيد اللي قاعد ع الطواول متاعنا خصو بش ياكلني ماكلة بعينيه... قد ما حاولت أنّي نخبّي روحي و ما نخليوش يعرف شنوة الورقة اللي بش انحطها في الجواب، شــي... وصلت حتى أنّي قمت يديّا الزوز لفوق لكن نلقى الخلوة ما تغطيش مليح و هي هي بش يشوفني... لذا، و كيف ما لقيتش بيها وين، حطيت الورقة الحمراء في الجواب (و هو يغزرلي طبعا) و دكّيت الأوراق الأخرين في جيب الطبلية متاعي، و خرجت م الخلوة حطيت الجواب في الصندوق الآخر (المستصفر).


الاحساس اللي انتابني ماكانش خوف بقدر ماهو حشمة م السيد اللي كان قاعد ع الطواول... حسيت بروحي كايني بش نشري سروال جديد من بوتيك متاع حوايج، و كي دخلت للفستيار بش نقيسو، نلقى شكون قاعد يغزرلي ما خلانيش ناخو راحتي بش انحي دبشي... ولّيت بطّلت.




هميت بش  نخرج من قاعة القسم، ياخي نسمع في صوت يناديلي


المسؤول: (يعيّط بصوت منخفض) ايجى يا ولدي... وين ماشي؟


البرباش: مروّح


المسؤول: هكاكة، مسيبة هي... ياخي دخول الحمام كيف خروجو!


البرباش: (باقي نتلعثم) أكاهو... هاني حطيتهم في الصندوق


المسؤول: (يشيرلي بش نمشي مع جنبو ع البيرو) ايجى تو نقوللك كيفاش


قعدت واقف في بلاصتي، نخمم شنوة العملة اللي يمكن أنّي قد نكون عملتها... حتى السيد اللي قاعدلنا ع الطواول متاعنا، ما ثمة حتى إشارة في ملامحو يمكن أنها تدل على أي حاجة.




مشيتلو وين كان قاعد (الطاولة متاع المعلم)، نلقاه حاطط قدّامو دوسي كبير، أشارلي وين موجود الإسم متاع الوالدة و طلب منّي أنّي نصحح في آخر السطر قدّامو.


البرباش: نصحح أنا و إلا أمّي؟


المسؤول: إذا كان امك موجودة خليها اتصحح هي!


البرباش: لا لا... خاطرني نعرفها التصحاحة متاع أمّي كيفاش


المسؤول: (يطبطبلي على ظهري) آهه... تي هاو تبارك الله عليك


المسؤول: (يشيرلي للمستطيل المخصص أنو الوالدة تصحّح فيه) أيا امالا تراه صححلي تصحاحة الوالدة هوني


الوالدة صحيح ما تعرفش تقرى أو تكتب (و كنت حد وقتها ما في علميش بالشي هذاكة)... لكنها ع الأقل تعرف تكتب اسمها و اسم راجلها (اللي هو بابا)، حافظتهم صم عن ظهر قلب... اتنجم زادة تتعرّف على أسامينا كيف تلقاها مكتوبة، اتنجّم تفرّزهم من بعضهم... و تعرف زادة الأرقام و تركيبهم (خاصة في البلايك متاع الأسوام في السوق)... الحاصل، تصحاحتها كانت عبارة عن أنها تكتب اسمها (بتأنّ حتى انها تقعد قريب الدقيقتين بش اتصحح مجرّد تصحاحة).


عملت كيف ما الوالدة، و كتبتلها اسمها كيف ما هي متعودة انها تكتبو كيف تجي بش اتصحّح... و اتلفتت للسيد المسؤول ننتظر في ردة فعلو

المسؤول: الله الله عليك... صحّيت!

و مدلي بطاقة الناخب و بطاقة التعريف متاع الوالدة... خذيتهم من عندو و خرجت م القسم.

خرجت م المدرسة و انا فرحان طاير بالموقف اللي صارلي... حسّيت بروحي وليت راجل قبل وقتي و نعمل ما يعملوا الرجال، صحيح ما حطيتش الورقة اللي عجبتني و حطيت الورقة اللي لونها احمر (متاع بنات) لكن ما كانتش مشكلة بالنسبة ليّا و الفازة ما أثرتش حتى طرف في النشوة و السعادة اللي كنت حاسس بيهم.


كان ثمة تساؤل وحيد يدور في بالي و مسيطر عليّ وقتها...و كان واخذ حيّز كبير م التخمام متاعي في الفترة هذيكة و حتى الايامات اللي من بعد.

السؤال كان: بما انو الصنادق متاع الإنتخابات، هوما في الأصل يربّيوا فيهم النحل... امالا النحل نهارتها وين حطّوه؟

قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz