الاثنين، فبراير 25، 2008 11:30
الهداري الفارغة: , , , ,

ندخل للكتاب، البارح فصعت في الراحة... فدّيت و الروح متاعي طلعت. ما لقيتش بيها وين، المدّب حل الباب و انا مدّيت ساقي للريح و جريت، و قعدت نجري لين وصلت للدار...

أنا دخلت، و المدّب وقف... يڤحرلي على فرد جنب...

المدّب: ايجا لهنا، وين مشيت آمس في العشية

البرباش: (بكل سذاجة الطفولة) روّحت سيدي

المدّب: تبارك الله عليك، ش بيه كوري عندي لهنا... شد ساس الحيط

ساس الحيط هذا، هو البلاصة اللي ياقفوا مقابلها الصغار، وجوههم مقبلة للحيط و يديهم مرفوعة لفوق، يستناو وقتاش المدّب تطلعلوا في مخو، يقوم يجبد هاك القصبة، و يشحطهم بيها من تالي، ياخذهم على غفلة...

هذيكه كانت اول مرة نوقف ساس الحيط، بعد عام و نص قراية في الكتّاب... جاني النهار اللي وقفت فيه ساس الحيط، مع الأولاد اللي مش متربين، و المشوشين، و الخامجين، و اللي يبولوا تحتهم، و اللي و اللي ...

يمكن على خاطرني عاقل برشا، ما واتاتش الفرصة اني نوقف ساس الحيط، و يمكن زاده على خاطرو المدّب يقرب للوالد، و الله ماني عارف... اللي نعرفو انّي وقتها طفل صغير، نقّلنا من حومة لحومة. كنت شايخ ناصب، عامل جو في حومتي القديمة اللي كانت تعتبر شعبية و فيها برشا صغار... الحومة الجديدة ما فيهاش صغار جملة محسوب، فيها واحد أكهو من عمري، سامي (الله يرحمو هو زاده، توفى تو عندو فوق السبعة سنين في حادث مرور، وقتها مانيش في البلاد، و ما سمعت بالحادث كان بعد بمدة) و هو زاده مغلوب على امرو كيفي، نمشيو و نجيو مع بعضنا للكتاب... م الآخر، الحومة الجديدة اقترنت في مخي بالمأساة متاع دخولي للكتّاب... عام ونص، نمشي مع الماشين و نرجع مع الراجعين و مانيش عارف لا فاش قاعد نعمل لا شنوة قاعد نتعلّم، كل مدة ينقلوني من بلاصة لبلاصة و يقولولي هاك تو بش تولي مع الكبار... و انا كيف قطعة حبل جايبها واد، وين يحطوني نقعد.

الحاصل، المدّب ضربو القلق (و زيد ولّينا برشا صغار واقفين ساس الحيط) و يوقف، يجبد هاك القصبة... و النبي مولاك... ماني عاد موش مستانس بالوقفة و مانعرفش كيفاش يلزمني نعمل بش الضربة تجيني خفيفة (و لو كان يلزم القصبة ما تخطفنيش جملة)... في الهيجة متاع الصغار، دزني و ندزك، طحت، تتم العصا تجيني على راسي، و يفيّع الدّم، و خاضت و شاشت...

اللي نعرفو انها كانت آخر مرّة مشيت فيها للكتاب... عدّيت صيف قمقوم ننجم نقول انو هو الحاجة الوحيدة اللي قعدت كيف نتذكرها م الطفولة متاعي نبتسم (في قرارة نفسي)...

الفرحة ما تدومش... ندخل للمكتب، رغم اننا عندنا مكتب يبعد خطوتين ع الدار، إلا أنني نقرى في مكتب بعيد، موش عارف علاش، وقتها تلقاني متعدّي الصباح قدام المكتب القريب و نتمنى لو كان كنت نقرى فيه (راني ع الأقل نزيد درج نوم) لكن كيف كبرت، عرفت علاش... الوالد، كيف كبرت قاللي أنو المديرة متاع المكتب اللي نقرى فيه، راجلها و الوالد، صحاب برشا، يعني لو كان لا قدّر الله طلعت شلاكة و كعبة لا، يضمنوا أنّي ع الأقل نوصل للسيزيام...

و الحمدولله، ما طلعتش شلاكة كيف ما كان متوقع... نتذكر اني كل وين نجيب الكرني متاع المعدّل، الدار يفرحوا بيه و يطيروا... و يقعد عطلة كاملة هاك الكرني محطوط فوق التلفزة كيف الكواترو بش كل مين يجي يزورنا يشوفوا... الحق متاع ربّي، ما كنتش نعرف قداش جيت و إلا كيفاش جبت هاك الاعداد هذيكه، و لا شنوة تعني الأعداد المحطوطة في الكرني هذاكه... هاني نقرى و برّه، و مادام الدّار ما يعطيونيش طريحة كيف نجيبلهم الكرني (كيف سامي ولد الجيران الله يرحمو، اللي كان يقرى في المكتب القريب للحومة)... معناها لاباس و ما عنديش من شنوة نخاف

و هكاكه كانت الأمور ماشية بطبيعتها... ما عقلت روحي اني م التلامذة الباهين و فهمت الحكاية، كان كيف عيطولي آخر العام بش ناخو جايزة، لأني احسن تلميذ في المكتب و من احسن التلامذة على المستوى متاع المدينة متاعنا، و مشيت، و طلعت فوق المنصة، و صفقوا عليّ و خذيت بوستين من عند راجل لابس كوستيم و عملت تصويرة معاه...

وقتها الوالد، شرالي بسكلات (دراجة عادية) فتّقت فيها مواهبي و ما قعدتش بلاصة في بدني مافيهاش أثر متاع طيحة و إلا تكربيسة، و عملت زوز حوادث في الكياس و كان موش لطف ربي و إلا راني تو في دنيا غير الدنيا... عاد الوالد، و في إطار التشجيع و التحفيز متاعو بش ديمه نكون ماشي نحو الأفضل، وعدني اني لو كان عام اجاي زاده ناخو جايزة كيف هذيكه، يشريلي موتور (معناها دراجة نارية)... و انا بالطبيعة صدقتو، و عدّيت صيفي فرحان بالبسكلات و نحلم بالموتور، و نستخايل في روحي كيفاش بش تلقاني شايخ علاها، نڥنڥن تڥنڥين، و نزڤزڤ تزڤزيڤ... يا حسرة

م العام اللي من بعدو، قعدنا محسوب نفس القسم... ثمة بعض الوجوه تبدلت، و في عوض المعلّم جابولنا معلمة، مدام سميرة... و ولدها يقرى معانا في نفس القسم.

لو كان العام الاول النتايج جات بطبيعتها، و كنت لا عمري نشارك أو نرفع صبعي... أنا في طبيعتي سكوتي عاقل و ما نحبش المشاكل... فإني في العام الثاني، شمّرت على سواعد الجد، كيف الحكاية طلعت فيها موتور، يعني يلزمني نعطي الإضافة و نشد صحيح... لكنها الظروف كانت أقوى منّي... نقرى مع ولد المعلمة و ما ادراك... صحيح انو كان بهيم مسطّك ما يفهم شي... و انو المعلمة عمرها ما تخرجوا مع التلامذة اللي يغلطوا بش ياكلوا اللي كتبلهم، رغم انو عمرو ما جاوب صحيح، هذا كيف يجاوب أصلا... يعني الوليّد بخلاصة، كان دلهة و دربوكة... و رغم هذاكه، كان يطلع الاوّل ع القسم، و ع المدرسة الكل (الأقسام الثانية بالطبيعة)... و كنت انا ديمه الثاني... صحيح كنت نشعر بالظلم و ننغر منّو قي احيان عديدة... لكني كنت عاطي ما عندي و نحاول اني نتحسن، ديمة عندي امل أني بش نغلبوا... لكن شي، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولد المعلمة طلع قرّاي اكثر منّي، و عيطولوا هو بش ياخو الجايزة متاع أنجب النجباء...

الحسرة متاعي ما كانتش ع الجايزة، على خاطرني حتى وقتها كنت نعرفها حكايتها فارغة (كمشة قصص ما يسووش ألفين فرنك)، و لا ع الحضور في الحفلة و التصويرة اللي بش نعملها مع واحد م المسؤولين، و لا ع الفرحة متاع الدار اللي حرمتهم منها... كنت متحسر ع الموتور، اللي الوالد و للأسف لقى عذرو انو ما يشريهاليش... و رغم انها البسكلات متاع العام اللي فات مازالت جديدة، إلا انني حلفت أني ما عادش بش نركب عليها، و كنت في مستوى القسم متاعي (من صغري راسي صحيح)... و اللي كمّل على ما بيّ أنهم الدار طهرولي في الصيف هذاكه، قعدوا يستناو في خويا لين يكبر شويّه بش يطهرولنا مع بعضنا... حسيتو كيف اللي عقاب م الدار على خاطرني ما فرّحتهمش بالجايزة... و تعدّالي صيف سلاطة، ما أمر من أيامات الكتاب كان هو...

و تعدّات الأعوام، و ولّيت تلميذ عادي، مانيش عارف علاش... يمكن على خاطرني قعدت حاطط في قلبي م الحكاية متاع الموتور و ولد المعلمة و كرهت القراية (طارت النفحة)، و يمكن زادة على خاطر ولينا نقراو في اللغة الفرنسية، و اللي صراحة، نتفكّر اني كنت ما نشم منها حتى شي، و كنت ديمه م التلامذة اللي ياكلوا الطرايح على خاطرني ديمة نكتب الإجابة بالغالط ع اللوحة و ديمات ما نلقى ما نكتب، ما نفهمش شنوة المطلوب بش نعملو، نولّي نرفعها فارغة (وليت كيف ولد المعلمة)... لكن و رغم هذاكه، كنت عندي ما نقول بروحي في المواد اللي بالعربي، الشي اللي خلاني ننجم نرقّع و نكون باقي في صفوف الأوائل، لكن ما نكونش من أنجب النجباء.

اللي قالهولي الوالد من بعد (كيف كبرت)، أنو وصّى المديرة (عن طريق راجلها اللي هو صاحبو) بش ما نكونش في القسم متاع مدام سميرة مهما يكون، يعني كيف يعرف انو ينقلني لمكتب آخر، فإنو مش بش يخليني نقرى عند المعلمة هذيكه... و اللي نتفكرو انا مليح مليح... انو ولد مدام سميرة، قعد يقرى من عند امو، الأعوام اللي من بعد الكل... حتى لين كيف وصل للسيزيام، ضرب ضرب و شي، النافع الله، عدّاه ثلاثة سنين و من بعد طردوه (وقتها السيزيام يعتبر شهادة تفتح برشا آفاق، و نتيجتو عندها وهرة اكثر م الوهرة متاع نتيجة الباك متاع تو)... و قعد يقرى مدة في معهد خاص، و الله اعلم بيه تو فين حيّو...

اللي نتذكرو، أنو في اواخر السنة الخامسة، و في إطار تعاون و علاقات بين المدرسة متاعنا و مدرسة فرنسية... جاء بحذايا طفل فرنساوي للدار، مما ساهم في ارتقاء المستوى متاعي في اللغة هذيكه و وليت نفهم فاش قاعدين يحكيو... الحق متاع ربّي، الوليّد اوّل ما جاء، كنت نحكي معاه بالومية، نعم أو لا و ديمات نقولهم مع بعضهم الزوز و ما عليه إلا انو يختار الإجابة اللي تساعدو... نتذكر اول ليلة كيف جاء و بش نباتو مع بعضنا في البيت، قعدت نسأل في الدار

البرباش: و شنوة بش نحكي معاه انا؟

أختي: (تخمم شوية و منها تطلع بالفكرة) كيف تلقاه بش يرقد، قوللو: Pierre! tu veux dormir?

و قعدت شاددلوا العسّة... الوليّد مسيكن جاي من سفر و طيّارة و كار و ربّي يعلم بحالتو بش يموت بالتعب... هو تاخذو عينو و يهم بش يرقد و انا نصيح عليه فرد صيحة

البرباش: Pierre! tu veux dormir?

بيار: (ابتسامة متاع واحد يتدهشر بالنوم) mais, noon!

و قعدنا هكاكه لوجوه الصباح... لكن ما تعدّات الجمعة، إلاّ و ولينا نڤجدروا مع بعضنا و يفهمني و نفهمو و نفهم في الفرنسيس اللي معاه فاش يحكيو، و وليت نفهم في المعلم متاع الفرنسي فاش يقول... و رجعت كيف ما كنت... و ما تعدّى العام إلا و كنت الاول ع القسم متاعي (مش ع الاقسام متاع الخامسة الكل، على خاطر ولد المعلمة مازال مكتسح النتايج) لكن رجعوا الدار فرحانين بيّ م الأول و جديد و هكه هكه و وين نحطك يا طبق الورد... و في الصيف هذاكه شرولي بسكلات جديدة زادة، و تعدى عليّ صيف آخر قمقوم، ما نعرفش عليه كيفاش تعدّى... كيف الحلم

و دخلت نقرى في السيزيام، و ما ادراك ما السيزيام... وليت م الكبارات متاع المكتب و آخر العام بش نعدّي امتحان، شهادة اللي يقوللك... طحت نقرى من عند معلّم، مشهور بالمسبط متاعو، صحيح انو معلم ممتاز و و مشهود بالكفاءة متاعو، لكنو كان يتفنن في ابتكار طرق التعذيب... انا و بما اني كنت عاقل و خاطيني (و مازلت هكاكه على حد ما نتصور) فإنني نتذكر اني قعدت مدة نتفرج في بقية التلامذة كيفاش يتعذبوا، و مرة نضحك، مرة نتالم، مرة نتصور روحي في بلاصة المغضوب عليه وقتها...

تدخل المديرة للقسم، تقعد تحكي شوية و تعيّط و البصاق متاعها طالع كشاكش من فمها (قاعدة تطالب في التلامذة اللي ما جابوش الخمسة مياة مليم متاع التأمين و الحوادث وقتها بش يجيبوا اللي عليهم)، و بما اني نعرف راجلها ديمة يقعد مع الوالد، فإني ما كنتش نخاف منها كيف برشا تلامذة اخرين... و زيد كل فين تجي بش تعطيني الكرني، تبوسني و تقوللي صحيت ولدي، واصل!

المديرة: (بعد ما قالت ش حاجتها) ثمة مجلة عاملة مسابقة، اللي يحب يكتب قصة و إلا قصيدة باهية، يحضّرها، هاو بش نعملوا إجتماع نهار السبت، يقراهالنا و احنا نصلحوهالوا، و يشارك بيها...

المديرة: شكون يحب يشارك؟

حتى حد ما يرفع صبعو، إلا البعض م اللي خاطيتهم الهدرة، المديرة تعمل روحها ما راتهمش و تواصل كلامها

المديرة: (ابتسامة) باهي، مريم و برباش و عادل و مجدي... نحبكم تكتبولي حاجة سمحة كيفكم و تجيبوهالي نهار السبت... سمعتو و إلا لا؟

يمكن لو كان المعلم طلب منا الشي هذاكه، كنا ننجموا نطفيو الضو، و طريحة و تبرد... لكن المديرة، حاجة اخرى، يعني إذا كانو المعلم كاد ان يكون رسولا... أعرف اللي المديرة، كانت تنجم تكون إله ضربة واحدة... قعدت جمعة كاملة و انا نخنتب، و نكتب، و نفسّخ، و نجيب و نجلّب... لين جات الفكرة

كتبت قصيدة، الحق متاع ربّي تو ما نتذكرش منها برشا ابيات... أما اللي نتذكروا انها كانت معبية صفحة كاملة (بتخليف سطر بالطبيعة) و الابيات كانوا يتكونوا من صدر و عجز... و موزونة، يعني الابيات الكل يوفاو كيف كيف. و سميتها حاجة اللي تلخص المضمون متاعها... سميتها: عصا المعلّم

نهار السبت، قعدنا بعد الوقت، التلامذة اللي عندهم مساهمات بش يشاركوا بيها في المسابقة، هزونا لأكبر قاعة في المدرسة... المديرة و اغلب المعلمين، و البعض م التلامذة... و بعد ما المديرة قالت الكلمة متاعها، قعدنا نسمعوا في المساهمات متاع التلامذة، كل واحد يعيطولوا على إسمو يخرج، يقرى ش عندو، نصفقوا عليه، و المعلمين يحكيو معاه شوية و يناقشوه في الشي اللي كتبو و المديرة تاخو الورقة تخلاها من عندها و ما عليه كان يرجع يشد بلاصتو... معظم التلامذة كتبوا ع الطبيعة و النباتات و الحيوانات و ثمة حتى شكون عامل ملف بالتصاور، نتذكر مليح انو عادل صاحبي وقتها كتب قصيدة على فلسطين، و مجدي كتب على الحوش متاع دارهم كيفاش فيه برشا أشجار، و مريم كتبت على عروستها اللي جابتهالها امها من إيطاليا في الصيف... و ثمة برشا تلامذة قعدوا يهزوا و يسبطوا، رغم اننا صغار وقتها إلا اننا جبنالهم خبرة انهم قاعدين يخلوضوا... لين ناداولي بإسمي

خرجت، وقفت قدامهم،

المديرة: شنوّة برباش، ش حضّرتلنا؟

البرباش: سيدتي! أنا عملت قصيدة اسمها عصا المعلّم... نقراهالكم؟

المديرة: (تبتسم) تراه اقراها يعيّش وليدي

البرباش: (حافظها عن ظهر قلب القصيدة، لكن ما فيها باس لو كان نقراها م الورقة)

عصا المعلّم

(...)

حين يقول المعلم، هات العصا ... ترتعد قلوب التلاميذ، خوفا و أسى

(...)

و قعدت نقرى في القصيدة(اللي كنت نحكي فيها ع المعلم كيفاش يضرب في التلامذة، و بالطبيعة الاوصاف الكل كانت موجودة في المعلم متاعي، اللي منو قعدت نستوحي في المشاهد اللي حكيت عليها في القصيدة) وسط الضحكات المكتومة للمعلمين الحاضرين في القاعة، يعني حتى م المديرة اللي عمري ما ريتها تضحك، ناقص كان بش تهبط تفرفت م الضحك... العباد الكل تضحك، ما عدا المعلّم متاعي... مش ظاهرة عليه حتى ردة فعل

كيف كمّلت... المديرة بيدها وقفت و صفقت عليّ...

المديرة: (وجهها بش يترشق بالحموريّة متاع الدم من كثرت ما ضحكت) حقيقة يعطيك الصحة ولدي، أبدعت... هذي القصيدة بش تشارك في المسابقة من دون ادنى شك...

و قعدوا هاك المعلمين، كل واحد يقول كليمة... و كيف ما يقولوا، الكلام ليك و المعنى على جارك، لكني كنت نتفرج و ماني فاهم شي، و رجعت شديت بلاصتي و من بعد روّحت للدار فرحا مسرورا...

نهار الإثنين... أحنا دخلنا للقسم، بعد ما ركحنا و رضنا. يتلفت المعلم،

المعلم: هيا سي البرباش، ماكش بش تقرالنا هاك القصيدة السمحة متاعك

البرباش: باهي سيدي...

عصا المعلّم

(...)

آه من ضربك، أيتها العصا ... على كم من يد، حدك قد قسى

مسكين من نسى، أنك العصا ... و لأوامر المعلم، تناسى او نسى

(...)

و نخرج للسبورة، و نقراها القصيدة، من غير ورقة، وقتها نتذكر روحي حافظها صم... كيف كملت، قعدت واقف في بلاصتي، نستنى في المعلم بش يقوللهم صفقوا عليه، بش يقوللي احسنت، اي حاجة تنجم تتقال وقتها لطفل في العمر هذاكه، تطيير ملام لا اكثر و لا أقل، ش ما يجي ياخو بالخاطر

المعلم: ناقصتها حاجة... يلزمك تحس بيها كيفاش العصا هذي، بش تنجم تعبّر مليح

و يجبدلي هاك العصا... النبي مولاك، هاذي تنفع و هاذي تضر... طريحة نباش القبور كيف ما يقولوا... لتو كيف نتفكرها هاك الطريحة لحمي يشوّك...

قعدت بقية الجمعة، ما نمشيش للمكتب، على خاطر يديّ الزّوز في الفاصمة موش بش نلقى كيفاش نكتب... و حتى كيف رجعت، رجعت نقرى في قسم آخر، من عند المعلم اللي قرّاني في السنة الخامسة

عرفت من بعد أنو المعلم متاع المسبط، الوالد قدم بيه شكاية و بعثولوا استجواب و منها اوقفوه ع العمل و قعد نهارين و يحرزلو لو كان موش جاء الوالد ناس ملاح و ما حبش يوصّلها لمواصلها و يقعد يعمل في المشاكل (و هاك اللغة متاع أولاد بلاد و ربي يهدي و يسامح) و سامح و الحكاية تغمّت ليه ليه، و نقلوني لقسم آخر، و برشا تلامذة وقتها نقلوا معايا للقسم الجديد زاده (الأولياء متاعهم طلبوا انهم ينقلوهم)

القصيدة، نسيتها جملة... الأبيات اللي حطيتهم، هوما بعض اللي قعد في الذاكرة متاعي م القصيدة، و لو نتصور انهم ما كانوش بالصيغة هذيكه حرفيا... لكن القصيدة الكل كانت بنفس الاسلوب و نفس النمط، على ما نتذكر

الحاصل، طارت النفحة م القراية جملة و تفصيلا، ولّيت بالحق نمشي للمكتب، مكرور من خشمي... و ديمه سارح و هايم و ما على باليش... عبثا حاول المعلّم انو يرجعني م الاول و جديد كيف ما كنت، و يغرّمني بالقراية و نرجع هاك البرباش اللي كان يصول و يجول، قعدت مسلكها بالقدرة، و المستوى متاعي هو اللي كان يفرض اني نقعد م التلامذة الباهين...

الشعر، وليت نفد منو جملة، نكره حاجة اسمها شعر... لتو، ما ننجمش نركز مع زوز أبيات على بعضهم، فيسع ما تطيرلي و نحس بعينيّ بداو يتخبلو و يضربني النوم... عديت أعوام نقاسي وقت اللي في الثانوي قاعدين نقراو ع الشعر الجاهلي و المعلقات غيرهم، ياما ضربت أصفار... رغم اني كنت عموما في اللغة العربية عندي ما نقول في روحي... لكن اني نحفظ شعر، و إلا نقعد نقرى فيه بش نحلل من بعد... الله الغني عليه العدد هذاكه، ش خلاني ديمة نحبذ المواضيع (خير من تحليل النص)، ديمه نقول باهي و معبّر و نشكر و نشكّر و وقتها كانت ديمه تسلك...

و القصيدة، الله أعلم بيها شنوّة كان مآلها... لكن اللي نعرفوا انها المديرة ما بعثتهاش للمجلة بش تشارك بيها في المسابقة... و انا الحق متاع ربي، من وقت اللي كليت هاك الطريحة، قليل و ين خممت فيها الحكاية، و حتى كيف تورد على ذهني، نقعد نخمم علاه عمل هكّاكه... يعني شنوة كان يحبني نقوللو هاك المعلم وقتها، يرحم بوك في هاك الطرايح اللي كنت تعطي فيهم للتلامذة؟ و لو اني وقتها كنت صغير، و سني ما يخولّيش اني نميّز بين الحاجة اللي تتقال و الحاجة اللي ما تتقالش، و الحاجة اللي ماذا بيك لو كان ما تقولهاش...








و ديمات نقعد متأسف، نقول زعمة لو كان ما صارش اللي صار، و المديرة شاركت بيها القصيدة، يعني بعثتها للمجلة و دخلت للمسابقة... زعمة كنت نربح... يمكن راهو المسار متاع حياتي الكل تبدّل وقتها، و راني تو واحد م الفطاحلة متاع الشعر و الادب في البلاد، كيف ما ابو القاسم الشابي، و إلا آدم فتحي و إلا ... (هذاكه حد الجهيّد، ش نعرف)... و لو أني زاده ديمات كيف نتفكر، نقول لعل فيها خيرة... ع الأقل الأقدار كيف منعتني بش نكون فلتة من فلتات الدهر في الشعر، فإنها زاده انقذتني م الفقر اللي عايشين فيه جماعة الشعر، و فرحانين بيه...

يقول القايل... نقعد نبرنش خيـــــر!


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

السبت، فبراير 23، 2008 01:40
الهداري الفارغة:

كيف ماهو صاير في البلوغسفير التونسية (و غير التونسية زاده)، خلطلي الطّش (البلل) و طڤّوني انا زاده، اللي طڤتني الاولى هي مريومة، و من بعدها زاده ثمة الأخوة سوسّو و المرمّاجي (و ثمة الشنفرة فقت بيه اللي هو طڤني أما مازال ما قالش) ...

قبل ما نبدى يلزمني نذكّر بقانون اللعبة: يلزمني نذكر ستة حاجات على روحي، اي حاجات، تنجم تكون اسرار، عادات، اللي هو... المفيد نقول أي حاجة و السلام (و ربي يلهينا في حوايجنا)... و من بعد نطڤي ستة مدونين اخرين و نمشي نقوللهم اللي انا طڤّيتهم عبر التعليق في آخر تدوينة ليهم... بخلاصة، قانون اللعبة هو الآتي:

1 – نذكر و نحط الروابط متاع المدونين اللي طڤّوني.

2 – نحط القانون متاع اللعبة في المدونة متاعي.

3 – نقول ستة حاجات على روحي، مهمة، مش مهمة... هذيكه اموري

4 – نطڤّي ستة مدونين اخرين

5 – المدونين هذوكه، نقوللهم اللي أنا طڤّيتهم، في المدونات متاعهم

باهي، بش نبدى... هاو الستة حاجات و إن شاء الله ما نطوّلش

أوّل حاجة:

عندي إدمان على حاجة اسمها قهوة (موش المحل، نحكي ع المشروب)... رغم اني ما نتكيّفش، لكنّي مستهلك كبير للقهوة... و زيد فيّ خاصية اني نشربها بزربة، يعني الكاس ما يلزموش يصبر اكثر من دقيقتين...

و رغم انها الحاجة هذي مقلقتني و تخليني في بعض الاحيان عرضة للإنتقادات م الأحباب و الاصحاب... و ديمات نعمل بالعاني و نعس على روحي بش نتمهل، لكنّي ما ننجمش نخلي الكاس متاع القهوة يصبر في يدّي...

ثاني حاجة:

ما نسمعش الموسيقى جملة... و ما نفهمش فيها، و ما نحبش نحكي ع الموسيقى و الفنانين و الجو هذاكه

حتى م الغنايات اللي محطوطين في البلوغ متاعي... ما نعرفش علاه حطيتهم، علاه هوما بالذات موش غنايات اخرين... يمكن من منطلق عندكشي عندي و اكهو

ملاحظة: العديد م الغنايات المحطوطين في البلوغ، انا بيدي مازلت لتو ما سمعتهمش...

ثالث حاجة:

نكره إسم فرحات... اي عبد يكون اسمو فرحات، نحاول انو ما تكونش ليّ اي خلطة بيه... حتى لو كان لقيت روحي مجبر بش نخالط شخص يحمل الإسم هذا لظروف عمل او لأي أسباب اخرى، فإني نحاول انو العلاقة ما بيناتنا تبقى محصورة في الإطار هذاكه

عندي زوز حوادث سابقة مع الإسم هذا... الاول كانت ظروف مادية و كان ليها اثر نفسي عكسي ظل ملازمني فترة طويلة... الثاني، اسباب ننجم نقول عاطفية و ما ننجمش نوضح اكثر من هكه... و كيف ما يقولوا الثالثة ثابتة، نخاف لا الشخصية الثالثة اللي تحمل اسم فرحات، واحد فينا يعمل عملة موش باهية في الآخر و ترصّيلنا في حل و اربط ( و آش بش يسلّكها وقتها)

رابع حاجة:

الماكلة كيف ما تكونش فيها بطاطا، ما ننجمش ناكلها...

خامس حاجة:

راسي صحيح برشا، كيف نشد في حاجة صحيح، يلزمها تتعمل مهما يكون... و كيف نعكس في حاجة، زايد الحديث.

عندي حاجات مثلا، م اللي عمري 11 عام حلفت عليهم (ما رميتش القسم، و لكنّي اتخذت فيهم قرار)... إلى يومنا هذا ما زلت ملتزم بالكلمة هذيكه

مثلا: ثمة عطار في الحومة، على حكاية تافهة و ما لهاش معنى، من عام 1989 إلى يومنا هذا، ما طبيتلوش الحانوت متاعو...

من غير ما نقعد نحكي و ندخل في التفاصيل، على خاطرني وعدت بش ما نطوّلش

سادس حاجة:

كلمتي نقولها و ما يهمنيش... و لو نكون نعرف انها الحكاية تنجم تضرني من بعد، لكني ما ننجمش نجامل مجاملة في غير محلها (و لو انو في بعض الاحيان، الواحد يلقى روحو مجبور بش ياخو العباد على قد عقولها، كيف ما يحبو... و كيف ما قالوا ناس بكري: الكذب في المصالح جايز)

و كيف ما قلت في الخامس حاجة، راسي صحيح برشا... يعني كيف نحصل نقول كلمتي، عمري ما نتراجع و نطلب السماح

الحاجة هذي، كانت ليها اثر كبير ياسر على مستقبلي الكل... و الحمدولله ( و وعدت اني ما نطوّلش... و إلا تو نكتبلكم جريدة)

اكهو... ثمة حاجات اخرى بالتأكيد، اما لو كان بش نقعد نحكي علاها معناها اني بش نطوّل... و زيد قالوا يلزم ستة حاجات اكهو.

الجماعة اللي بش نطڤّيهم:

1 – سنية: غرق و جنون فني

2 – فاطمة: أرابيكا (مسكرة المدونة متاعها حاليا)

3 – فريدكه: هذيان، دموع و ضحك

4 – وانتد: ملاّ فدّة (قاعد يحضّر، لكن ما فيها باس يوسّع بالو شويّة)

5 – كاكتوسا: زهرة الصبار

6 – الڤوفرنور: حاكم النورمال لاند (عندو مدة غايب)


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الأحد، فبراير 17، 2008 21:15
الهداري الفارغة:

ملخص ما سبق: وصلنا للدار جايبين الجثمان متاع هشام الله يرحمو، حزن عميق يسيطر ع الأجواء، والدة هشام الملتاعة من فقد الكبدة متاعها...

الجزء الرابع: الجنازة


حضروا المقرّيــة (العباد اللي بش يقراو القرآن ع الميت قبل ما يخرجوه للجنازة)...

بعد ما كملوا، هزينا هشام (نفس الأربعة م الناس و نفس التراكن متاع المرة الأولى) و خرجنا بيه، و سط الصراخ و الزويان متاع النساء الحاضرين ثم...

نحاول بش نكبس روحي بش ما نرخّش و ندهش... أما كيف قبولي، الدموع هابطة من عيني سواقي و مانيش منجم نبطّل... و مانيش منجم حتى نمد يدي لوجهي نمسح الدموع بكم الكبّوط

و اتطلقت الزغرودة... هذي هي اللي يقولولها فرحة عازب، الخرجة متاعو... نتلفت وراي، أمو و أخوتو البنات واقفين عند الباب، يودعوا فيه بيد (باي باي) و اليد الأخرى قدام الفم تزغرد، و العينين حمر جمر من كثرة ما بكاو...

و صاح الشيخ: الله اكبر... هزّينا النعش و قصدنا ربّي

كل بلاد و ارطالها... عندنا في البلاد، الجنازة تلقاها تمشي بالشوية بالشوية، على راحتهم ع الآخر... لهنا، هازين النعش و يجروا بيه جري، الحق متاع ربي ما نجمتش نمشي ع النسق متاعهم و ليه ليه ما خذا عليّ واحد بلاصتي و قعدت شادد جرتهم، و فيسع ما وصلنا للجبّانة (المقبرة)

صلّوا عليه صلاة الجنازة، و هزّوه لقبرو... مثواه الأخير

هوما قاعدين يصلّوا على هشام من جهة، و هي واكلة بعضها من جهة أخرى... ثمة الجماعة اللي يحبوا يعزّوا اول وحود يتداززوا شكون يشد الصف م الاول بش يعمل الواجب اللي عليه و يمشي على روحو... الدنيا مشاغل

الدنيا ظلمة، عاملين امبارة (مصباح يعمل بالغاز) مضوّين بيها البلاصة... الراجل العزوز اللي شادد جرة الشيخ نهار كامل، هبط للقبر، سمّى باسم الله، و قال هيا هاتوه... غطّاو القبر الكل بملحفة بيضاء بش حد ما يشوف ش ثمة، يستروا الميت و يخليوه يشد بلاصتو مرتاح...

بنوع م الفضول، لتو مش عارف علاش... نقيم الطرف متاع الملحفة و نثبت ش ثمة، ما شفت شي لا محالة على خاطر وقتها هشام مازال في النعش، يعني القبر فارغ، ما ثمة كان الراجل العزوز واقف يستنى

نرجّع الملحفة كيف ما كانت... نحس كأنو ثمة شكون يطبطبلي على ظهري... نتلفت نلقاه الشيخ، يغزرلي، مع ابتسامة عريضة على وجهو

الشيخ: شنوّة ريت؟

ندخل بعضي، نحشم، حسيت بروحي عملت حاجة عيب، حرام، اثم، ما لقيتش ش نعمل، ش نقول، وجهي يحمار (و لو انو الدنيا ليل وما ظاهرلي كان بش يجيبلي خبرة)... ما نعرفش عليها كيفاش جاتني الفكرة...

البرباش: (نمهمه) ياخي مش نعرف يحطّوا حجرة تحت راس الميت

الشيخ: (نفس الإبتسامة) يظهرلي فيك تتفرج ياسر في الافلام و المسلسلات المصرية وليدي!

البرباش: (ابتسامة متاع واحد كان مغصور... و تفرهد) نشوفهم كيف يدعيو على ميت بالرحمة، يقولوا و يبشبش الطّوبة اللي تحت راسو

الشيخ: هذاكه هوما وليدي، احنا لا نحطو لا حجرة و لا طوبة... الميت منو لمولاه

البرباش: ايه! و هي حلال و إلا حرام

الشيخ: حد حلال، هي حلال و فيها احاديث نبوية مسنودة و صحبحة... اما عمرها ما كانت مفروضة... و في الاول و الآخر، هي ما تنفع الميت في شي... الميت ما توقفلوا كان اعمالو، هي تشقّيه و هي تفرهدو

البرباش: الله يرحمو... و ينعمو

الشيخ: الله يرحمو... شد الملحفة مليح وليدي، الميت عندو حرمة

ما نعرفش علاش... مش بالنسبة ليّ أنا وحدي، لكن للحاضرين الكل، و عموما... مشاهد الموت و الجنازة تكون فيها ياسر حزن و لوعة و دموع و حسرة على الفراق... لكن م اللي يصلّيو ع الميت صلاة الجنازة، تتلاشى جميع مظاهر الحزن هذيكه و الأمور تولّي جدية شوية، فيها نوع م الخشوع و التقوى و الإيمان، و الذهول و الشرود عند العديد... يمكن لأنها فرصة لبرشا عباد بش يتفكروا انو الدنيا فيها الموت و انو ربي في الوجود (كيف ما يقولوا جاك الموت يا تارك الصلاة)... و يمكن زادة لانو كل يد شدت أختها، الميت تو بين يدين مولاه، و لو كان جاء خو ينفع خوه، ما يبكي حد على بوه...

الحاصل، هبطوا هشام في القبر، و غطاوه عليه، و زادوا بناوه بالسيمان، و حطّوا كعبتين ياجور عند راسو كيف المشهد...

جاو نساب المرحوم الزوز، و معاهم ثلاثة رجال أخرين ما نعرفهمش شكون، أما هوما اللي كانو قاعدين يتقبلوا في العزاء... عزيناهم و منها وقف الشيخ عند القبر و قعد يدعي و احنا في جرتو نقولوا آمين... لين كيف كمل، قرينا عليه الفاتحة و مشينا على ارواحنا




ما نعرفش علاش، الراجل كيف يعزيوه يقولولوا عادة البركة فيك... المرا لا، يقولولها ربي يصبرك، هذيكه الدنيا، الله يرحمو، أي حاجة إلا البركة فيك... سؤال سألهولي صاحبي يوسف و أحنا في الثنية و الحق متاع ربي ما لقيتلوش حتى تفسير ديني أو منطقي (و لو انها معلوماتي في الامور هذي تعتبر محدودة و على قدها و ما ننجمش نفتي فيها و نقول ايه و إلا لا)... لكنو اقتنع كيف قتلوا انو هذاكه سبرنا (عاداتنا و تقاليدنا)...

و عزّينا ام هشام الله يرحمو و اخوتو البنات، و روّحنا على أرواحنا، رغم انهم عرضوا علينا بش نقعدوا نتعشاو إلا انو الوقن ما عادش بكري و صعيب ياسر لو كان مازلنا نلقاو مواصلات من بعد.




النهاية: ما ثماش جزء خامس كيف ما كنت قلت من قبل... كنت ناوي بش نحكي بعض المواقف و المقتطفات من حياه المرحوم لكنني قررت بش نتراجع... الموت تقعد سترة، و الله يرحم الجميع


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الجمعة، فبراير 15، 2008 04:15
الهداري الفارغة: , ,

ملخص ما سبق: مشيت للسبيطار، بعد ما كلمني يوسف صاحبي و قاللي اللي هو هشام عمل حادث و توفى، و طلب مني باش نحضر، لعل و عسى ننجم نعاون بحويجة على خاطر الجماعة اللي حاضرين داخلين بعضهم ومش فاهمين حتى شي... انا بيدي كيف مشيت ما لقيت ما نعمل... و يا ريتني ما مشيت


الجزء الثالث: قبل الجنازة


وصلنا للدار، مع الأربعة و نصف متاع العشية (16:30).. هبّطنا هشام و دخّلناه لدارهم، أنا و يوسف و أنسابو (رجال اخوتو البنات) الزوز، محملينو في لحاف مصنوع م السعف، و هو ملفوف في ملحفة بيضاء، و مغطي ببطانية صوف م الفوق... و سط أجواء يخيم عليها الحزن و الكآبة. بكاء و نواح و نساء تتزاوى من غادي و وحدة من اخوتو قامت تندب في وجهها... نسمع في بعض النساء يردّوا فيها و يقولولها اللي هذاكه حرام و موش مليح

وقفنا في وسط الدار، نستناو ش بش يقولولنا: وين نحطّوه؟

زوز رجال عزايز طلبوا منّا بش ندخلوه لبيت الحمام، بش يغسلوه و يكفنوه قبل ما يدفنوه... و نسمعوا في صيحة تهد الجبال، مرا تخترق الحشد متاع الرجال و توصل فين احنا واقفين، و هشام الله يرحمو بين يديناو تترمى ع القاعة و تدس (معناها تحتضن) الجثمان متاع هشام بين يديها، و تضمّوا لصدرها في عنف

ام هشام: (في حالة هستيرية متاع بكاء، و بصوت متقطع) بجاه ربي خلّوه الليلة يبات في فرشو، خليوني نشبع بوليدي

واحد من نسابها يدهش بالبكاء، ماعادش ينجم يشد... يتدخل واحد م الحضور و يشد طرف اللحاف عليه...

ام هشام: (نفس الحالة) خليوهولي الليلة برك، يبات في حجري، نشبع بيه... يهديكم، يرحم والدكم... ماني أمكم... ماهو خوكم

واحد م الزوز الرجال: يهديك يا مرا... حرام عليك، اتقي مولاك و ادعيلو بالرحمة... الميت يلزمو يتدفن

ام هشام: (تستجدي في العطف) بجاه ربي، الليلة برك... و زيد هاو فات العصر، و الليل عيدك بيه يطيح... ياخي بش تدفنولي وليدي في الظلام

الراجل الآخر: (بنبرة هادئة) مش مليح، إكرام الميت دفنو... وسّعيلهم خليهم يهزّو يغسلوه، و يكفنوه... وليدك توه مات و ما تجوز عليه كان الرحمة، الشي اللي تعملي فيه هذا يعذب فيه راهو، و يعذب فيك أكثر منّو

صمت يخيم ع المكان، حتى من ام هشام سكتت و قاعدة تنصت لحديث الشيخ (عرفت من بعد انو إمام م الأئمة متاع الجوامع متاع القرية هذيكة)

الشيخ: برّي شدّي بلاصتك مع النساوين، أدعيلو في قلبك بالرحمة و أقري عليه القرآن... تو يجيبوهولك، سلمي عليه و سامحيه و اطلبيلو الرحمة و المغفرة... قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا

الشيخ: (يسكت شوية، و من بعد يكمّل) إنا لله و إنا إليه راجعون (يزيد يسكت شوية) كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة (صدق الله العظيم)

و بإشارة منو، يطلب منا بش نتقدمو و نهزّو هشام لبيت الحمام... في نفس الوقت اللي يتقدم راجل، و يعاون ام هشام انها تقوم من بلاصتها، بش ننجمو بمشو...

ما اخيبها الموت، صحيح انها علينا حق و ما تعرفهاش عند شكون، لكن انك تشوف ام تبكي على ولدها، حاجة تخلي العين تدمع دم...

(...)

خرجنا قدام الدار، أنا و يوسف... قاعدين يغسّلو في هشام في الدار الداخل... أنا و يوسف ما نعرفوا حدم الجماعة اللي حاضرين... حتى الأصحاب ما كلمناهمش الكل، و اللي كلمناهم، يا إما بعاد، يا إما غاطسين في الخدمة و ما ينجموش يحضروا... و ثمة شكون قال اللي هو جاي في الثنية

أنا نعذرهم اللي ما جاوش، البلاصة بعيدة (هشام يسكن في قرية م القرى الموجودة في الأحواز متاع البلاد)، و نتصور أنا بيدي لو كان مش حضرت الأحداث و واكبتها م الأول، كنت نلقى مشكلة في الوصول للدار، رغم انها مش اول مرة اللي نجي فيها لهنا...

مع جنب الدار، ثمة مرمّة محلولة... ظاهر أنها عندها مدة و الأشغال متوقفة فيها... أربع عرص مكسرين في الوسط، كيف ما هوما، م النهار اللي تهدموا، مقصومين م الوسط، الحديد متاعهم ظاهر، و شطر السقف متاع المرمة م القدام مهدّم

ثمة جماعة قاعدين في الوسط، يحكوا... يظهر فيهم كأنهم يحكيو على المرمة المحلولة و العرص المكسرين

راجل: الله يرحمو... مات و خلاها محلولة، ما خلطش يكملها...

راجل آخر: ربي يهدي اللي كان السبب... هانو مات، و خلاهالهم واسعة و عريضة...

و ترجع بيّ الأيامات... نتلفت ليوسف، يجاوبني بإيماءة من راسو... حتى هو يتذكرها الحكاية مليح مليح...

نرجع بالأيام تسعة شهور لتالي... آخر ماي م العام اللي تعدّى... هشام وقتها مازال خاطب جديد... أمو تنڤنڨ (تنڤنڨ بثلاثة نقاط فوق القاف الأولى و الثانية، معناها تزن عليه و شادة صحيح، و هاذي الخاصية معروفة ياسر عند النساء و خاصة الأمهات اللي يحبو أولادهم تعرّس) عليه تحبو ياخو واحدة م البلاد ع الأقل تربطو و تضمن أنو يقعد بحذاها (على خاطر تعرف انها لو كان تسيبو على طلق ذراعو، يعمل بعمايلو، و عندو سوابق في الامور هذي)... قعد مدة شادد صحيح، لين في الآخر رخ و قال ماينااا، هو الرسمي و الصحيح... موش رخ و حب ياخو بخاطر أمو، يعني أمو عندها عام تحبو يعرّس و كل مدة تطلعلو ببنية نوع (و قداش ما يحيروش النساء في الأمور هذي) و لو كان جاء حب ياخو بخاطرها، راهو سمع كلامها م المدة الأولى لكنو المرة هذي، الطفلة عاجبتو... حكالي مرّة أنو لو كان جاء في بالو اللي هي تقبل ترتبط بيه، راهو مشى تكلّم من مدّة (كان عندو كيف الشعور بالنقص من أنو ما كملش قرايتو، في نفس الوقت اللي كان مصر أنو ما ياخو كان واحدة قارية، بش ع الأقل تنجم تقرّي الصغار نهار آخر)...

هشام الله يرحمو، نهار اللي غلق العام، بوه عندو ساحة مع جنب الدار (اللي أحنا تو قاعدين فيها)... كتبهالو باسمو، قال نبنيهالو بش نضمنو مع جنبي و نلقى شكون يقوم بيّ و بأمو عقاب عمرنا... كيف الحكاية ولاّت فيها خطوبة و عرس، قال نمشي نبني عقاب دويرة في هاك الساحة، نلقى ع الأقل وين نكن راسي أنا و المرا نهار آخر...

و كيف ما يعملوا العباد الكل في الدشرة متاعو... نهارة اللي يحب يبني، يبني!... مادام بش يبني في رزقو، ما يعرّضلو حد... و زيد البلدية، لا كياسات مكيسة، لا زبلة ملمومة، ما يعرفوا م البلدية كان هاك التركتور اللي يتعدى كل مدة يلم الزبلة المتراكمة... فاش قام يشاور فيها و يدفع في التاكس متاع الرخصة، ماو يعمل كيف ما عملوا و قاعدين يعملوا و بش يعملوا جيرانو الكل

حتى كيف حكيت معاه في حكاية الرخصة، أكدلي أنها الحكاية موش حكاية الفلوس اللي بش يخسرهم ع الأرشيتاكت و التاكس متاع الرخصة، بقدر ماهي أنو ما عندوش وسع بال بش يقعد يريڤل في الأوراق، و امشي و ايجى و مد حويجة... و زيد جماعة البلدية حبالهم طوال برشا، و السلعة ماشية و تغلى... يعني من وقتها لين يخلط يحصّل الرخصة بين يديه، الفلوس اللي عندو ما عاد يعملولوا حتى شي

هشام الله يرحمو: (يحكي، مفجوع و بش ياكل بعضو م الغش) هكّــه علي متاع البلدية، بعثلي!

يوسف: ش يحب من عندك زاده؟

هشام الله يرحمو: قاللي ما تقولش مش فايقين بيك! أحنا ما يخفى علينا شي!

البرباش: قلّــو محسوب جبت الصيد من وذنو؟ ش يحب؟

هشام الله يرحمو: قال اللي المرمة متاعك، فيها ميا و ثمانين ميترو

البرباش: وقتاش جاء قاسها ياخي

هشام الله يرحمو: و أنا منين ندري عليه بالله؟

يوسف: ايه، و ش دخلو هو بالله

هشام الله يرحمو: قاللك، معناها يلزمك تدفع ثلاثة مياة و ستين دينار... مادامك بش تبني بلاش رخصة

يوسف: (بلهجة كلها سخرية) و يعطيك فاتورة و إلا لا، حلوة هذي زاده... قلو يعمللك سوم، لو كان يحسبلك الميترو بألف اشري...

البرباش: طفّيه، ما عندو وين يوصل... حتى كيف يبعثلك، اقعد ماطل، بالعشرة و العشرين تو تسلك

هشام الله يرحمو: (متردد، كيف اللي يخمم) زعمة؟

بعد بشهرين، في نفس البلاصة اللي احنا تو واقفين فيها... المرمّة متاع هشام (الله يرحمو)، عمّك علي متاع البلدية حاضر (و اللي ما يعرفش عمك علي متاع البلدية، ينجم يقرى تدوينة [البلدية... في خدمة المواطن] بش يتعرّف)، معاه الأعوان متاعو الكل، و ثمة تراكس متاع البلدية حاضرة زاده، و بالطبيعة الطامة و العامة تتفرج...

عمك علي، جايب قرار متاع هدم، و جاي بش ينفذ... و بداو ينفذو، و قتها عمك علي يتكلم و يهدد و يحكي في كلام صعيب ما يخرجش عليه، يعني كيف انتي ظهرت بطل و تحب تطبق القانون و ما كيفك حد، البلاد معبية مرمات لا علاقة ليها بالقانون، و ما كلمهم حد... و زيد ماهو اخدم خدمتك بالساكتة، علاه تقعد تسمع في العباد في الكلام الزايد، و زيد لو كان يجاوبك حد و يعطيك كلمة قد راسك، ترصيلو في حل و اربط و ما يسلكها كان ما الريق متاعو يشيح

الحاصل، م الآخر بش ما نقعدش نطوّل... حضر الحاج، الوالد متاع يوسف، كليمتين في وذنين عمّك علي، و إذا بها الاوامر تطلع، و التراكس بقدرة قادر توقف... و الجماعة هزّو دبشهم و ماعونهم و قالوا في الامان... نعرفو بو يوسف واصل و يقضي و ينجم روجو، اما ما نستخايلهاش بالمعارف الحكاية تكون ساهلة هكاكة.

وقتها هشام (الله يرحمو) قال خلّي الامر يستراح، رغم انو الحاج (والد يوسف) أكد عليه انو ينجم يبني كيف ما يحب و ما يعرضلو حد، لكن الظاهر انو وقتها طارتلو النفحة جملة م المرمة و م الدنيا جملة واحدة... كيف ما قال الراجل قبولي، مشى و خلاها واسعة و عريضة

الشيخ: (يعيّط علينا انا و يوسف، و ثمة شكون م الجماعة مازال كيف خلط زاده و ما فقتش بيه كان تو، كنت سارح دار فاش نخمم) هيا يعيش أولادي، إيجاو سلموا عليه و سامحوه

يهزّونا لبيت أخرى، هشام (الله يرحمو) مكفّن و ممدد ع القاعة، ثمة راجل عزوز واقف عند راسو، كل وين يجي واحد بش يبوسو، يعرّي ع الكفن و من بعد يرجع يغطّيه... رجال تتباكى و تتعايط و تشهق بالصوت... نوصل لين يجي الدور متاعي، نطبس، واجم، داهش، ما نلقى ما نقول... عمري ما حطيت روحي نكون في موقف كيف هكه... الصباح كنا مع بعضنا، كان يلعب و يضحك لاهو هوني... ملاّ زهر عندي، عندنا قرابة الاربعة شهور ما تقابلناش، ما نقوموا نتقابلوا كان اليوم...

الراجل العزوز: (يطبطبلي على اكتافي) هيا يعيّش ولدي.. ثمة غيرك يستنى

نطبّس... نبوسلو وجهو، من فوق الكفن (حب يبعد الكفن، لكني بإشارة من يدي يفهم أنو موش لازم) واجــم، في اللحظة هذيكه ماني قاعد نخمم في حتّى شي... حتى السماح، مسامحو دنيا و آخرة، ما بيناتنا شي كان كل خير، إن شاء الله هو يسامحتي برك

نوقف، نبعد شوية... عينيّ تدمّع واحدها، و الدموع سخونة، و عينيّ تحرق، حبيت ندهش بالبكاء، ننوح، نفرّغ كبدي في البكاء ما نجمتش... ما اكسح قلبي ازززززح

نهم بش نخرج م البيت، الشيخ يعرضلنا انا و يوسف، و معانا نساب هشام الله يرحمو الزوز (اللي دخلناه مع بعضنا) و يطلب منا بش نقعدو نستنّاو اننا نهزّو هشام للبيت وين قاعدين النساء... بش يترحموا عليه و يسلموا عليه و يسامحوه قبل ما يجيو الرجال بش يقراو عليه و يهزّوا يدفنوه... على خاطر تو يلزم يفوتوا المغرب و يستناو لين يطيح الظلام...

قعدنا شوية... لين كملوا الرجال الكل سلموا على هشام (الله يرحمو) و من بعد هزيناه... كيف ما دخلنا بيه، نفس العباد و نفس الجهات (كل واحد شادد نفس التركينة متاع قبولي)، تقولشي حافظين بلايصنا... و دخلنا بيه للبيت وين النساء... و سط البكاء متاعهم، حطيناه ع القاعة، راسو عند حجر امو...

الله يرحمو...




الجزء الرابع: وقت الجنازة... خروج الجنازة و بعض الملاحظات حول مقتطفات من حياة هشام


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الثلاثاء، فبراير 12، 2008 01:15
الهداري الفارغة: , ,

حبيت نوضح حاجة قبل ما نكمّل، اللي خلاني نقسم الحكاية لأجزاء، انو زادة كل جزء، بش يكون حكاية وحدو، مستقل ع الأجزاء الأخرين، يمكن يكون ثمة الرابط متاع وفاة هشام الله يرحمو بش يفرض النسق متاعو على تسلسل الأحداث... لكني مانيش بش نحكي ع الأحاسيس متاعي اللي انتابتني وقت توفّى هشام... هذيكه تقعد حاجات خاصة، حتى لو كان بش نحكيها، نفضل اني ما نحكيهاش في تدوينة...

ملخص ما سبق: كلمني يوسف و قاللي اللي هو هشام مات... خذاتو عينو و هو قاعد يسوق في الكميون و خرج م الثنية و طاح كف و غرزة هو و كميون آخر جاي م الإتجاه المقابل...

يوسف طلب مني زاده اني نتحول للسبيطار، على ما ياتي، ننجمشي نعاون بأي حاجة، على خاطر الدنيا خايضة و داخلة بعضها و حد ماهو فاهم حتى شي


الجزء الثاني: في السبيطار


ندخل للسبيطار... ما نفهم شي، لا وين نمشي، لا شكون نسأل... هيجوج و ميجوج، زحمة و عباد خايضة كيف النمالة...

كيف ما لقيت وين نشب، كلمت يوسف ع البورطابل... على أساس أنو موجود على عين المكان و ينجم يدلني ع البلاصة اللي هوما موجودين فيها، نلقاه حالو أعظم من حالي، و ما يوعاش على روحو فين جملة... كيف فاق و رجعلو شاهد العقل بعد اللي صار يلقى روحو في بلاصتو...

بالسيف نتلامح في شباك في حيط واقفين قدامو شوية عباد... نتوجهلو

البرباش: عسلامة خويا، بالله عندي صاحبي عمل accident... ننجمشي نعرف وين نلقاه

السيد اللي في الشباك: حادث متاع شنوّه؟ ش اسمو صاحبك

البرباش: accident... زوز كميونات O.M دخلوا في بعضهم...

السيد اللي في الشباك: (يغزرلي... عيني في عينو، يمهمه... و نبرة فيها شوية حزن و محاولة لإظهار التأثر متاعو) آه، الحادث متاع الــ O.M! في بالك اللي هو...؟!؟

البرباش: ايه في بالي... قالولي اللي هو توفّى... قالولي اللي دارهم لهنا هذاكه علاش جيت

ما يكملش يحكي معايا... ثمة ممرضة تقطع علينا الحديث

آمال: عسلامة برباش، ش تعمل هوني؟ ماهو لاباس!

آمال هذي تطلع قريبتي، و زيد معرسة بولد حومتي... يعني عبارة على أختي، النهار و طوله و هي في دارنا

البرباش: أهلا، و الله نسيت اللي انتي تخدم لهنا، و إلا راني سألت عليك و جيتك انتي ديركت

السيد اللي في الشباك: (يطلّع راسو م الشباك) آمال، يحب يمشي للجماعة متاع الحادث متاع الكميونات O.M... تهز تورّيه البلاصة بالله

آمال: باهي باهي، هيا ايجى معايا

و تسبقني ديركت، نهم بش نشكر السيد اللي في الشباك ع التفهم متاعو... لكن كيف عملت حساباتي لقيتها بش تفلت و نعاود نضيع فيها... بحركة بيدي، نشكرو (و الله أعلم بيه إذا كان شافني و إلا لا) و نخلط عليها نعجّل

آمال: برباش، منين تعرفهم جماعة الـــ accident؟ ما همش م البلاد!

البرباش: ما نعرفهمش، juste الوليّد صاحبي، كلموني قبولي و قالولي اللي هو مات، جيت نجري

آمال: الله اكبر... يا و الله عملة... صارة هو صاحبك؟ الله يرحمو

آمال: ماتوا ثلاثة م الناس في الأكسيدون هذاكه، زوز ماتو ع البلاصة و واحد مات في الثنية... و ثمة واحد هزّوه ع الــ ambulance بين الموت و الحياة و قالوا صعيب ياسر لو كان يعيش... ربي يسترو و برّه، الموت بعض ساعات تعطي راحة

البرباش: أنا كيف كلموني، قالولي اللي صاحبي مات ع البلاصة

و قعدنا ماشين... هاو طلعنا، هاو هبطنا... السبيطار كان يظهرلي صغير و هدرتو فارغة... طلع فيه دهاليز و ثنايا ما يعلم بيهم كان ربّي

ثمة حضبة (قدام بيت م البيوت... محطوطة عليها بلاكة، لكنها آمال قاعدة تعجّل و تزرب بحيث ما خلطتش بش نقرى ش مكتوب عليها)... راجل قاعد يعيّط على فرملي، و زوز فرملية (مرا و راجل) يركحوا في الأجواء (و إلا هوما يشعلوا فيها، مش واضح)، و بعض المواطنين يتفرجوا بالطبيعة...

الراجل: (هايج، و كشاكشو طالعة) خلّي دين والديها تموت... انتي بالذات ما تقربهاش

الفرملي: (بنبرة احتقار و استغراب) تي شنوة الحالة هذي، شبيك؟ بعقلك!

الراجل: (يزيد يخوض) لا، مهبول... باهيشي يا سيدي... قلتلك أخطاني يرحم والديك... خير م اللي نعمل فيك بعض العمايل و قيّد على مهبول

الفرملي: (بنفس النبرة) مهبول... برّه سيب هبالك بعيد، يعجبكشي تو... قاعدين نخدموا على أرواحنا ماناش جايين نلعبوا لهنا راهو!

الراجل: (يتوجه بحديثو للزوز فرملية اللي قاعدين يتفرجوا) أنا هاني نبّهت عليه، و عليكم... لو كان يدخل تو، ما تلوموا كان أرواحكم... و الله كي نعرف تطيح فيها روح نهار اليوم

الراجل: (يعيّط ع اللي في داخل البيت) تي خرجوها الطفلة... عنها ما عملتّو التحليل، ما عادش حاجتنا يا سيدي

سمعت الحوار هذا الكل، و ما فهمت شي، لكني نتلامح في آمال تبتسم كأنها عاجبتها الحكاية... اكيد ثمة إنّ في الحكاية... و من غير ما نسألها

آمال: هذاكه الفرملي ديمة هكاكه، نهار نهارين و ملزوم ما واحد يعمللو عرعور

البرباش: علاه، شبيه؟

آمال: عمناول، ثمة بنية جاء بش ياخذ يعمللها تحليل، طلعتلو في مخو و دار ش خلاها تشم، مشى في بالو أنها داخت

البرباش: (نركّـــز) ايــه، ياخي.... استفعل فاها؟؟؟؟

آمال: لا لا... أما رمى يديه تحت الحوايج متاعها و بدى يــــــــــــــــــــــــ... (تحشم بش تكمّل البقية، أما الفهيم يفهم)

البرباش: ايــه، و من بعد

آمال: ما نعرفش عليه ش كان ناوي بش يعمل من بعد، لكنها البنية فاقت عند روحها...

البرباش: وفاقت بيه فاش قاعد يعمل؟

آمال: بالطبيعة، يا ناري! و كيفاش ما تفيقش بيه؟... و عملتلو شوهة، و جاو أهلها و مماليها و شعرة و إلا يقتلوه... و ظل يبكي و يقرّق

البرباش: ايـــــــــه! تي هاو مازال قاعد يخدم في بلاصتو... و إلا رجعوه بعد ما خرج م الحبس

البرباش: (نستدرك) و إلا عرّس بيها الطفلة (بش يسلّكها ع الأقل)

آمال: (ابتسامة، مع ضحكة مسموعة) ش من حبس، حتى انتي قدّاكش نيّة... تي ماو تدخلولوا فلان و فلتان...

البرباش: (متشوق بش نعرف التفاصيل) ايــــه، ياخي؟

آمال: عاد ولاّو أهل الطفلة... وافقوا انهم ياخذوا تعويض فلوس و يسكتوا، ما يشكيوش بيه

البرباش: (نستغرب) بالله... و الله يعطيهم الصحة كيف طلعوا متفهمين

لا حول و لا قوّة إلا بالله... ما أرخصو سيدي بن آدم كيف يزيد يرخص روحو بيدو، و يبيع بدنو و عرضو بالفلوس... حقو كمّل استفعل فيها فرد مرّة و برّه، كيف ظهر ينجم يسلّكها بالطريقة هذي...

ما نلقى ما نقول وقتها، أصلا لتو (وقت اللي قاعد نكتب في التدوينة) مانيش لاقي ما نقول، ثمة مثل يشبة للمثل اللي يقول: ربّ عذر أقبح من ذنب (ع اللي قبل الثلاثة مياة دينار و سامح، عفوا باع) لكني ما نستحضروش

آمال: عاد برشا عباد سمعوا بيها الحكاية... ما يحبوهوش ياخو التحاليل لبناتهم و إلا نساهم، و كل مدّة ملزوم ما واحد يعملّو عركة

نوصلوا للبلاصة اللي حاجتنا بيها... نلقى برشا عباد، ما نعرف منهم حتى حد... ثمة البعض م العايلة متاع هشام صاحبي الله يرحمو... و ثمة شكون زاده م العايلات متاع الجماعة الأخرين اللي توفّوا في الحادث

بالسيف نفرز يوسف صاحبي (اللي طلبني في التليفون و قاللي ع الخبر)، كيف حكيت معاه، قاللي اللي أم هشام كان موجودة في السبيطار، كيف جات ما في بالهاش انو ولدها توفّى، سمعت أنو عمل حادث و برّه... كيف قالولها اللي هو توفّى، داخت و صار فيها... ولاّو روحوا بيها للدار

مسكينة، الوليّد الوحيد، جابتّو بعد ما جابت خمسة بنات على روس بعضهم... و هشام ياما كان يحكيلنا على الحكايات اللي حكاتهملو أمّو كيف حماتها عاملة فيها، و سلفاتها (اللي هوما عمّاتو) ينبزوا فيها... كيف اتولد، و طلع ذكر... راجلها (اللي هو بوه الله يرحمو) شعرة و إلا يهبل بالفرحة، رغم أنو زوالي و قلّيل، قعد جمعة كاملة يذبح و يفرّق في اللحم... و زاد فاق عند روحو و قال هاو طلعت نجيب الذكورة... زاد جاب من بعدو ثلاثة بنات أخرين

يوسف صاحبي زاد قاللي أنو ثمة زوز من نسابو (رجال اخوتو البنات) قاعدين يحضروا في الوراقي بش يروحوا بيه...

يعني الجيّة متاعي للسبيطار ننجم نقول كانت زايده (لكني ع الأقل لقيت فاش نتلهى، خير م اللي نقعد نهز و نسبط وحدي)



الجزء الثالث: قبل ما يدفنوه... التحضيرات للجنازة و الأجواء الحزينة اللي تخيم على المكان في ظل تغيب هشام الله يرحمو


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الاثنين، فبراير 11، 2008 03:00
الهداري الفارغة: ,

كيف ما سبق و ذكرت في وقت لاحق... بش نحاول انو التدوينات متاعي تكون مقسمة على أجزاء، لعدة أسباب أهمها انو برشا قراء يفدّوا م النصوص الطويلة (و ثمة اللي خاصة كيف تلقاها بالدارجة) و زاده بش انا نلقى راحتي في الحديث و ما نقعدش نلوّج كيفاش نطفي الضو على العديد م التفاصيل بش ما ندخلش في بند الإطالة...

الحكاية هذي، كان ربي سهّل، نتصوّر بش تكون على خمسة اجزاء

الجزء الاوّل: وقت اللي جاني خبر الممات

قاعد على روحي، قدام الحانوت متاع عم لسعد العطّار(و إلا هي الأسعد كيف ما يحلو للبعض كتابتها، و يمكن يكونوا هوما الاكثرية و أنا نكون م البعض، لكني بش نقعد نكتبها هكّاكه... على كل، اللي ما يعرفش عم لسعد، ينجم يقرى تدوينة [عيد... بأي حال عدت يا عيد] بش يعرف، و لو أنو عم لسعد ما عندوش حتى دخل في بقية مجريات الأحداث متاع التدوينة هذي، بجميع أجزاءها)... و نسمع في تزميرة متاع كميون O.M

هشام: (مطلّع راسو م الشباك متاع الكميون... و يعيّط) ها برباش... تي فينك، وين حيّك

البرباش: آهه... تي وينك انتي، هــ الغيبة يا راجل؟

هشام: هاني نشوفر على روحي، كل نهار في بلاد و وين يطيح عليّ الليل نبات...

البرباش: مش مشكل، كيف تخدم على روحك، هذيكه الفايدة

هشام: هيا أطلع، نمشوا نعملوا قهوة

البرباش: باهي، هيا برّه

هشام صاحبي هذا، كيف ما هو واضح، يخدم شوفير على كميون، في شركة متخصصة في بيع الخضرة و الغلة و العلفة متاع الهوايش و ما إلى ذلك م المنتوجات الفلاحية (و غير الفلاحية وقت الـڤينية و الميزيريا)... عندنا قرابة الأربعة شهور ما تقابلناش، حال الخدمة و المشاغل و الظروف اللي تاخو وتعطي...

ما نعرفش كيفاش... نسيت الظروف اللي تعرفنا فيها على بعضنا، لكن اللي نتفكروا أني حليت عينيّ و غمضتهم، لقيتنا ولّينا صحاب... و من اعز الأصحاب

مشينا للقهوة و غادي زدنا لقينا جماعة اخرين... قعدنا نهرّوا و ناخذو و نعطوا في الحديث و خذانا الوقت و نسينا رواحنا... حتى لين قام هشام من بلاصتو

هشام: هيا يا جماعة انا بش نخليكم و نمشي تو... عرفي لو كان نزيد نبطى عليه اكثر من هكّه، تو يهبل... عندي سلعة يلزمني نعبيها و نقصد ربّي...

واحد م الجماعة: وين ماشي المرة هذي؟

هشام: و الله ما ندري... استانست ما عادش نسأل، كيف تتعبى السلعة، نلقى لدريسة (l'adresse معناها العنوان) في الفاتورة... الكرفايون (معناها مساعد السائق) يقراهالي و نقصدوا ربّي

هشام، ما كملش قرايتو، و صل للسنة الرابعة ابتدائي بعد ما عدى ثمانية سنين في المكتب... حكالي مرّة كيفاش انو نهارت اللي هز الكرني متاع الأعداد لبوه، مكتوب فيه: 'يسلّم إلى أهله'، الوالد متاعو الله يرحمو حب يضربو... إلا انو و بكل عفوية و براءة قاللو

هشام: بالله ش تحبني نعمللهم، مشيتلهم في الريح ما نفع، مشيتلهم في المطر ما نفع، مشيتلهم في البرد ما نفع، مشيتلهم في السخانة ما نفع... هذا الكل و ما حبوش يحشموا على ارواحهم و ينجحوني... نولّيشي نقرّق بيهم زاده

يحكيلي أنو بوه وقتها دهش بالضحك و قال كفاه على مولاه، موش لازمتو القراية... يتعلم م الدنيا بالك ينجم روحو خير

و قعد صغرو الكل، من صنعة لصنعة، من بلاصة لبلاصة... توفى بوه، الشي اللي خلاه يلقى راحتو في انو يخرج م القرية اللي يسكن فيها و يبعد لبعيد و يخالط عباد أخرين و يدخل في مجالات اخرى نجم يلقى روحو فيها...

حكاية امو و أخوتو البنات هي اللي قعدت مكبشتّو و ما خلاتوش يبعد لبعيد... حتى مرّة اللي حرق، ما نجمش يصبر كيف كلم الدار و قالولوا انها امو مريضة... كيف ما لقى ما يعمل، مشى سلم روحو (طواعية).

قعدتلو حكاية القراية هذي، ينجم يوسّع بالو و يقرى البلايك الكبار اللي تلقاهم مكتوبين بالعربي (متاع المدن اللي تلقاهم على حافة الطريق)... غير هكاكه، ما ينجم يقرى حتى شي، لكن هذا ما يمنعش أنو يتكلم الألمانية (دون غيرها م اللغات الأجنبية، ثمة علاش...) بطلاقة غريبة، بصراحة، دليل على أنو الواحد مش بالضرورة محتاج للدراسة بش يتمكن من حذق اللغات الأجنبية...


ولاد الحلال اقترحوا عليه ياخذ البرمي (permis de conduire)، جات فرصة انو ينجم يدخل يخدم في شركة في البلاد ثم، بحدا الدار... يستخايلها الحكاية ساهلة، عدّى الكود (code معناها الإمتحان النظري، متاع قانون الطرقات و العقوبات و الخطايا) متاع البرمي 11 مرّة بش خذاه و حتّى مرة اللي خذاه جاب ستة غلطات... م العباد اللي ظلموهم كيف قاموا بإلغاء الشفاهي عند إجراء الإختبار النظري لرخصة السياقة... و الكوندويت (conduite الإمتحان التطبيقي) يعطيه الصحة، خذاها م المرة الأولى (مش كيفي انا، واخذ الكود م المرة الأولى، بلاش حتى غلطة... و لو كان قعدت نعدّي نورمال، نتصوّر اني الكوندويت، نعدّيها 11 مرّة و شوف ننجح شوف لا... أصلا أنا واخذو البرمي من مدة و عندي شك تو إذا كنت نعرف نسوق و إلا لا... خذيتو فقط لأنو ورقة م الأوراق اللي العبد ماذا بيه لو كان ياخذها على بكري و يرتاح من همها، خير م اللي وقت اللي يجي حاجتو بيها، الريق متاعو يشيح علاها)









روّحت، قاعد نتفرّج في التلفزة... قالق و فادد ما عندي ما نعمل... ينوقز التليفون

البرباش: أهلا...

يوسف: (صوت حزين) برباش... هشام عمل أكسيدون

البرباش: (نتفجع، و نوقف فرد وقفة... التليفون شعرة و إلا طاح من يدي... دار كيفاش نلقفو) يزّي عاد! وقتاش... تي ما عندناش ساعتين كنا قاعدين مع بعضنا في الـــــــــــ...

(نسكت فرد سكتة، نسمع في صوت بكية مكتومة ع التليفون... نحس في بدني الكل يقشعر، و قلبي ماهو قايللي خير...)

البرباش: و ش عامل تو، شنوّه أحوالو؟

يوسف: (كيف اللي عندو غصة في حلقو) مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات!

(يتبع...)


الجزء الثاني: في السبيطار، مشيت نثبت كيفاش الحكاية بالضبط، و نشوف إذا كنت ننجم نعاون أو نساهم بأي حاجة، سواء ماديا او حتى في التحضيرات اللازمة لما سيكون عليه الأمر...



قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الأحد، فبراير 10، 2008 23:45

برشا قراء... مدونين و غير مدونين، اصحاب و موش أصحاب (و إن شاء الله الكلنا احباب)... فيهم شكون يعرفني و يعرف اني انا هو البرباش اللي قاعد يكتب في البلوغ، و فيهم اللي يحكي ع المدونة متاع البرباش، بحضوري و من غير ما يعرف اني انا هو (ثمة اللي يشكر و اللي يذم... و اللي عاجبتو المدونة و اللي مش عاجبتو، ما عنديش حتى مشكل معاهم، بالعكس... الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، شنية هي القضيّة، و الله مانعرف، كلمة و تتقال و برّه) ... اتشكاو م الطول متاع التدوينات متاعي (سواء في التعليقات او في أحاديث جمعتني بيهم أو سمعتها)

المشكلة مش م التشكيات، يعني أنا قاعد نكتب، و اللي عينتو بش يقرى مرحبا، و اللي ما عينوش، ما عندي ما نعملو (مش بش نقعد نقرّق) الله غالب عليّ و عليه...

اللي يهمني، أنو برشا قالوا أنهم الحكايات يعجبوهم... لكن للأسف ما ينجموش يكملوهم للآخر على خاطرهم طوال برشا (ممالا ش نقول أنا اللي قاعد نكتب فيهم)...


لذا ... و ماخذة في الخاطر متاع الجماعة هاذم، و بش ما نحسش بروحي قاعد نكتب في الفارغ... بش نجرب (بش ما نقولش خذيت قرار، و تتحسب عليّ من بعد) اني نولي نقسم التدوينات على أجزاء ثماش ما تولّي مقبولة (و معقولة) من ناحية الطول متاعها

يعني بعض التدوينات، بش تولّي مقسمة على حلقات... كيف المسلسلات (وهذي حكاية انا متأكد انها بش تعجب العديد م القارئات... و ان شاء الله نكون عند حسن الظن)

...

حاجة اخرى، قاعد نبدل في المنظر (template) متاع المدونة... كان ثمة اي مشاكل راهو مني انا (ما عنديش برشا وقت المدة هذي، هذاكه علاش نتصور الحكاية بش تطول شوية)

...

في الأمان


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz