الجمعة، يوليو 01، 2011 15:30
الهداري الفارغة: , ,

ابتسم، بطريقتو الطفولية اللي تحمل في طياتها برشا براءة مازال يحتفظ بيها رغم الشيطنة و الهيجة اللي تميّز بيهم حتى في طريقة لعبو مع اخوتو و اندادو في الحومة... و بنبرة تحمل في طياتها برشا قلق و توتّر غزر لأمو اللي مازالت تلبس فيه في حوايجو (و طلعلها روحها كي العادة)

الطفل: ماما... ياخي أحنا موس كمّلنا القلاية؟

ابتسمت، رغم اللي لو كان تسيّب روحها يمكن توة تشد تغفصو في بعضو و تهرسو بطريحة على عمايلو... إلا أنها، في انتظار طلعة جديدة من طلعات ولدها ما لقات غير أنها تبتسم ابتسامة من لا حول له و لا قوة

الأم: أي ماهو اليوم بش تاخذوا الكرنيات عزيزي

الطفل: معنتها أحنا اليوم موس بس نكلاو في المكتب؟

الأم : لا لا، اليوم تمشيوا تاخذوا الكرنيات أكاهاو

الطفل: (اتنهّد، و هو يبلع في ريقو... غصرة و اتعدّات) ايا باهي... الحمدولله

حاولت جاهدة أنها تمنع قهقهة خفيفة من أنها تتسمع... ما فهمتش هل أنها فقدت التركيز و الا شنية الحكاية، عندها فوق الدرج (خمسة دقايق) و هي تحل في العقد متاع خيوط الصباط على غير فايدة، بل حتى تهيألها أنها كل ما تحل عقدة يتزادوا زوز.

قلقت، ولات مشات للمارو متاع الكوجينة تبربش في بعض الباكوات لين لقات الصندال اللي شراتهولو السوق اللي فات و رجعت بيه بش تلبسهولو

قعد يمهمه شوية يحاول أنو يلقى طريقة يجبد بيها الهدرة متاعو، غير انو الصمت متاع أمو خلاه يدخل مباشرة في الموضوع، و بدون مقدمات

الطفل: ما عادس نحب نقلى أنا لاهو... اليوم ناخو الكلني متاعي، و نكوللهم باي باي، مانيس بس نلزع عام ازّاي

الأم: (تدوّح في راسها) و شنوة بش تقعد تعمل كي تبطّل القراية سي الشباب؟

ابتسم، و بكل ثقة في النفس قاللها

الطفل: توة نحل مسلوع

ساعات، يظهرلها أنو ولدها بوهالي اكثر م اللازم و عقوبة الله...

أما مرات زادة يطلعلها بطلعات تخلي عندها نوع م الاحساس أنو فايت عمرو شوية في التخمام متاعو

الأم: و منين بش تجيبهم الفلوس بش تحلّو المشروع متاعك؟

إجابتو كانت حاضرة من قبل حتى ما يخمم أنو يطرح السؤال متاعو

الطفل: (يبتسم) توة نبيع الألز، و ناخو الفلوس... نحل بيهم مسلوع

م اللي توفّى جدّو توة قريب العام، و بوه كل وين يهزّو للسانية يقوللو أنها الأرض هذي متاعو هو و اخوتو و يلزمو يرد بالو عليها

الأم: أما أرض اللي بش تبيعها؟

الطفل: (بكل ثقة في النفس) تي الألز متاع بابا عزيزي

الأم: (باهتة في عجب ربي و في ولدها منين طلعلها بها الطلعة) أي، و شنوّة ها المشروع اللي بش تبيع الأرض على خاطرو

الطفل: (يتحمس) تي أي مسلوع

الطفل: (يبلع ريقو) المهم ماعادس نمسي للمكتب

الأم: (ساكتة، ما لقات ما تقول) ...

الطفل: (بنبرة كاينو فيها شاري الشبوك) لاني فدّيت منو المكتب أنا، تكوموني ع الصباح امسي اكلى، في العسية حط أكلى، في الليل حط أكلى

الأم: أيه؟

الطفل: نحب نحل مسلوع... من بعد كي نلوّح في الليل، نولي نكعد نتفلّز في التلفزة من بعد نمسي نلكد

عرفت أنو حكاية الفلوس مش بش تكون عرقلة قدام حلم ولدها أنو يحل مشروعو و يولي حر نفسو يعمل ما يحب... و سعيا منها لإقناعو بأهمية القراية، عاودت ابتسمت مرة أخرى و بنبرة فيها شوية حنان قالتلو

الأم: ياخي هو يجي منّو مشروع من غير قراية؟

الطفل: (يدوّح في راسو) أوهوه، ياخي عمّي فلان، أهوكة كلى كلى كلى، من بعد ولى يخدم في الكهوة

هو عمّو صحيح قرى قرى قرى (لين كمّل قراية تونس الكل) أما ماهوش يخدم في القهوة، ما لقاش حتى خدمة متاع قهواجي، أهوكة شادد القهوة صباح و ليل م القلق و برّه...

الطفل كل وين حد يسأل على عمو يسمع أنو في القهوة، مشي في بالو أنو يخدم غاي

الأم: (تتنهّد) ماهو يلزمك تعرف تقرى بالعربي و السوري بش اتنجم تعمر الأوراق متاع المشروع

هوني برك وين حصل الطفل و فهم أنو مشوار القراية مازال بش يزيد يطوّل شويّة و تبطيل القراية موش بالساهل كيف ما كان ماشي في بالو

إلا أنو ما أيّسش... و فيسع ما استينف محاولاتو اليائسة، دقائق معدودة قبل ما يعيّطلو بوه بش يهزّو للمكتب هو و أختو ياخذو كرنياتهم

***

خرج م القسم شادد الكرني بين يديه، يلقى بوه يستنّى فيه في الساحة

الأب: (مع ابتسامة عريضة) آه ش عملت؟؟

مدلو الكرني، في حركة تدل على عدم اهتمام (متاع واحد ما على بالوش، باعث القراية تشيّت)

الطفل: (بكل لا مبالاة) نيستي كالتلي صحّيت

خذي الكرني من عند ولدو، و قعد يعمل في طلة بزربة على أعداد بعض المواد الرئيسية

ارتسمت على وجهو ابتسامة خفيفة تدل على رضاه بالمستوى متاع ولدو، اللي مقارنة بالشي اللي عاملو فيهم الطفل تعتبر مقبولة، كان كل مرة يجي فيها الكرني يحضّر روحو لصدمة إلا أنو و الحمدولله الأمور لحد الآن لاباس و ربي يقدّر الخير.

مازال يثبّت في الكرني متاع ولدو، و يلقى المعلّمة متاع بنتو الأخرى متعدّية قدامو، استوقفها و سلّم عليها قعد يحكي معاها يستفسر على أمور الطفلة

المعلمة: لا، هذيكة تبارك الله عليها... أهوكة عندها جايزة غدوة في الحفلة عاد

قعد يسمع في بوه فاش يحكي مع المعلّمة متاع أختو، و فهم م الحديث أنها أختو عندها جايزة، و قعد يتساءل بينو و بين روحو علاش هو زادة ما ياخوش جايزة؟ و حاول أنو يطرح السؤال على بوه، قعد كل شوية يجبدو من سروالو و يقوللو

الطفل: (مصرّ على طرح سؤالو) بابا، و أنا؟

إلا أنو ما لقاش إجابة، لا من بوه و لا م المعلمة متاع أختو

ما أيّسش، عاود طرح سؤالو على بوه و بنفس الطريقة... مرة، اثنين، ثلاثة، لين اتلفتلو بوه فرد تلفيتة

الأب: (بنبرة كلها فدّة) آه نعم... شبيك، شنوّة تحب

الطفل: (يعيد طرح سؤالو بنبرة تحمل في طياتها شوية خوف المرة هذي) بابا، و أنا؟

الأب: (يجاوبو بكل حماس مع ابتسامة عريضة) انتي حطّولك يرتقي

ما فهمش ش معنتها الكلمة هذي، إلا أنها الابتسامة متاع بوه خلات عندو قناعة أنها ملزوم ما تكون حاجة باهية، قد تكون تعني الجايزة... علاش لا؟!

ما زادوش قعدوا برشا في المكتب، فيسع ما خرجت أختو من قسمها بش تطير بالفرحة، و ليه ليه خرجوا جميع شادين ثنية الدار... اتلفت لبوه و قاللو

الطفل: بابا، ياخي أنا توة نزحت؟

الأب: (يبتسم) بالطبيعة... نجحت، عام اجّاي تولي تقرى في السنة الثالثة

الأب: (يسكت شوية) و عام اجاي بش تولّي تقرى بالفرنسي

ضربت في مخو حكاية المشروع اللي أمو قالتلو أنو يلزمو يكون يعرف يقرى بالعربي و السوري بش ينجّم يحلّو.

اتلفت لأختو يسأل فيها

الطفل: معنتها أنا تو كليت عامين بالعلبي، و عام ازّاي نولّي نكلى بالفلنسي

ما فهمتوش أختو ش يقصد، أما كان باين أنو كلام خوها كان صحيح، فاكتفت بالرد عليه بإيماءة براسها كدليل على الموافقة

اتلفّت لبوه، بش يزيد يتأكّد أنو الشي اللي يخمم فيه صحيح

الطفل: بالحك بابا؟

الأب: أي أي صحيح

الطفل: (بكل ثقة بالنفس) معنتها توة أنا كليت عامين بالعلبي، نزيد نكلى عامين بالفلنسي...

الطفل: (يسكت شوية) و من بعد نخلز م المكتب نحل المسلوع متاعي، يا بمبك

الأب: (ما فهم شي من كلام ولدو) أما مشروع زادة؟

الطفل: (يبتسم في قرارة نفسو) حتى سَي، حتى سي... أسأل ماما توة تكوللك



قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz