الخميس، ديسمبر 25، 2008 01:25
الهداري الفارغة: , ,


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الجمعة، ديسمبر 19، 2008 23:30
الهداري الفارغة: , , , ,

أوائل التسعينات، أول عام في الليسي، يمكن عندنا شهر او شهر و نصف م اللي بدى العام الدراسي... قاعدين نقراو على أرواحنا في أمان الله يدخل علينا شيطان.

مانيش بش نستعوذ منو لأنو الشخص هذاكة و رغم الجدية و الصرامة متاعو في العمل إلا أنو في الدنيا إنسان فذلاكجي و بحبوح و محبوب لأقصى درجة... ما نعرفش علاش القيم هذاكة كنا نقولولوا شيطان، التسمية قديمة ياسر يمكن حتى من قبل ما يجي يخدم في الليسي هذاكة (قعدت اتبع فيه)...

الرواية السائدة و اللي يمكن انها تكون الأقرب للمنطق أنو السيد هذا كان تعرّض لحادث و أصيب إصابة بالغة في رقبتو بحيث أصبح يستعصى عليه انو يحرّكها... عاد تلقاه كيف يمشي ديمة يغزر قدامو و عينيه تلعب ع اليمين و ع اليسار بطريقة غريبة و عجيبة، بحيث ديمة يفيق بالحركات و الأفعال المريبة متاع التلامذة اللي كانوا مطمانين انو ماهوش متلفتلهم... و من هذيكة طلعت عليه التسمية متاع شيطان (و كل واحد شيطانو في مكتوبو)

شيطان: (بالجدّية المعتادة متاعو) هيا اجبدوا جدول الأوقات متاعكم

الأستاذة: (تسأل في القيم بنبرة منخفضة) علاه... ياخي لتو مازالوا ما ركحوش الجداول؟

شيطان: (يجاوبو بنبرة كلها تهكم و لا مبالاة) لا لا، حكاية فارغة

شيطان: (يبدّل النبرة متاعو اللي تكتسي الجدية و الصرامة اللي عهدناهم فيه، و بصوت مرتفع) نهار الاثنين العشية، م الاربعة للخمسة

تلميذ: ما نقراوش نهار الإثنين العشية مسيو

تلميذ آخر: (مفجوع) لا، نقراو ساعتين تكنيك احنا من ماضي ساعتين للأربعة... انتوما اللي ما تقراوش

شيطان: (بنبرة كلها غضب) هيا ريضوا انتوما الزوز و نقصوا من حسكم

شيطان: (يسكت شوية) م الأربعة للخمسة، عندكم ساعة مسرح

الأستاذة: (تبتسم) شنوة مسرح... آش بش يعملوا فيه؟

شيطان: (يبتسم على غير عادتو) بش يسرحوا، و انا منين نعرف عليه... أهوكة بعثوا أستاذ جديد، و الجماعة مازالوا موش فاهمين حتى شي

كنت وقتها نهار الإثين العشية ما نقراش جملة، وليت يلزمني نحضر خصيصا بش نقرى ساعة المسرح.

حضرنا أول حصة، اللي كنا نعتقدوا أنها متاع تعارف و خوذ نصف ورقة اكتب فيهم اسمك و تاريخ ولادتك و اسم بوك و اسم أمك و وين تسكن و ما إلى ذلك م الخرارف الفارغة اللي لا تزيد و لا تنقص غير انها وسيلة لتمضية الوقت ... إلا أنو الأستاذ اللي كان وقتها راجل كبير، عمرو قريب الأربعين عام، اول ما دخل اتّكى ع الطاولة و قعد يغزرلنا مبتسم، و بدى يحكيلنا ع البدايات متاع المسرح و الإغريق و اليونان و الجبل و البحر و الركح و الصوت، و أحنا فادين الروح متاعنا بش تطلع نستخايلوه هو زادة بش يحكيلنا على هاك الإغريق متاع أستاذ التاريخ

بره قعد هكاكة، قريب النصف ساعة لا كل و لا مل... و زيد يحكي متحمس و يعبر بيديه و رجليه و مرة تلقاه فوق الطاولة مرة تحتها مرة في آخر القاعة... لين يظهر فيه كمّل ما عندو

الأستاذ: ثماشي شكون عندو أي سؤال؟

ما اتكلم حد و ما سأل حد

الاستاذ: تي شبيكم ساكتين و عاقلين... ساعة قالولي التلامذة متاع القسم هذا هايجين و قعدوا ينبهوا في في الإدارة بش ناخوا حذري منكم

في هذي يكذب، فقط يحب ينشطنا... على خاطر هذاكة القسم وقتها عامليننا كيف القسم النموذجي، لمونا الاوائل الكل و حطونا فرد قسم مع بعضنا

الأستاذ: يا أولادي أسألوا تي شبيكم... تي اسألوا على أي حاجة تظهرلكم

نرفع صبعي... عندي سؤال محيّرني من وقت ما جانا القيم شيطان و قاللنا ع الساعة متاع المسرح هذي

الأستاذ: (يفرح كيف يلقى شكون رفع صبعو) اتفضّل

البرباش: (عن حسن نيّة، مجرد سؤال ما عندي وراه حتى خلفية مبيتة) مسيـو، الماتيار هذي متاع المسرح... كووفيسيون قدّاش؟

تقولشي عليّ صبيت عليه سطل ماء بارد، و هو مازال خارج م الحمام... يڤحرلي فرد ڤحرة

الأستاذ: لا يا سيدي، المسرح أسمى من انو يكونلو كووفيسيون كيف ما تقول سيادتك... هذا حاجة لتهذيب الروح و تمكينكم من استغلال ملكة التعبير اللي عندكم و توظيفها

و قال برشة كلام آخر اللي صعيب لو كان كنت انجم نشدوا في مخي وقتها... لكن المعلومة اللي بيها الفايدة و هي انو المادة متاع المسرح هي كووفيسيون صفر، يعني نقروا فيها لله في لله.

كنت عندي سؤال آخر تبادر لذهني وقتها بمناسبة المعلومة الجديدة اللي اتضافت، لكنها الڤحرة متاع الأستاذ و طريقتو في الحديث معايا خلاتني نخيّر اني نلتزم الصمت

تلميذ آخر يرفع صبعو، عندو سؤال... يشيرلو الأستاذ انو يتكلم

تلميذ: (مع ابتسامة خفيفة) مسيوو... كيف هي الماتيار هذية طلعت كووفيسيون زيرو... امالا تقيدوا فيها الغيابات و إلا لا؟

نفس السؤال اللي كنت انحب نسألوا، جاب ربي ما سألتوش انا. لكنها تقعد جرايري لأني انا جبدت الهدرة هذي... هذاكة علاش الأستاذ غزرلي بكل غيظ، و يقيم يديه الزوز و يسبطهم على أخاذو، قبل ما يشيرلي للتلميذ اللي سأل السؤال

الأستاذ: (بنبرة كلها غل) يعجبك هكة تو... كلها جرايرك!

البرباش: (ما عندي ما نقول، نخيّر اني نلتزم الصمت لا نزيد نخمّجها)...

و اتعدّات الحصة هذيكة... و اتعدّاو زوز و إلا هوما ثلاثة حصص، قعد الأستاذ كل وين يجي يقيّد الغيابات يڤحرلي على فرد جنب و يهزني و يحطني بعينيه، و اللهم اعلم آش كان يقول في قلبو.

بره علاش موش الأستاذ جاء نهار متفرهد و عامل جو، يضحك من اجنابو و الإبتسامة تعلو محياه... قعد قيّد الغيابات، و حتى الغزرة متاعو ليّ كانت مبهمة ما تحمل حتى معنى (على غير العادة)... من بعد ما كمّل، قعد يغزرلنا شوية، حط الدفتر متاع المناداة ع الطاولة، ما حلّش الكرطابلة متاعو و جبد منها هاك الكمشة أوراق متاع العادة و العوايد (اللي عمرو ما طل عليهم شنوة مكتوب فيهم)

الأستاذ: (يبتسم) شكون فيكم عندو هواية مغروم بيهم؟

ما تكلّم حتى حد، أصلا التلامذة الكل قعدوا يغزروا لبعضهم مش فاهمين مخ الهدرة وين... و آش مدخل الهواية في المسرح... و نتصوّر انو ثمة شكون مش عارف شنوة معناها هواية من أصلو

أنا واحد م الناس كنت نعرف، نتذكر و انا نقرى في الخامسة ابتدائي نشرولي اسمي مرة في مجلة ماجد، وقتها حطيت هوايتي المطالعة و المراسلة و جمع الطوابع البريدية (عندي أصدقاء اكتسبتهم م الفترة هذيكة و مازلنا لتو على علاقة ببعضنا، بالنسبة لهواية جمع الطوابع البريدية، طارت منها النفحة نوعا ما السنين الأخرانية، لكن عندي مجموعة كبيرة مازلت لتو ساعة ساعة نعمل عليها طلة نتفقدها، و تقعد م الذكريات متاع أيام الطفولة اللي نعتز بيها)

الاستاذ: (باهت في عجب ربي) عجب... ما عندكم حتى حاجة مغرومين بيها!

و لا حياة لمن تنادي، حتى اللي فاهم حاجة نتصور انو يقعد ساكت خير م اللي ترصّيلو في تهنتيلة

الأستاذ: ماكمش مغرومين بالكورة، بالمطالعة، بالموسيقى، بالمحواس و السفر

و يتلفت لزوز بنات قاعدين مع جنب بعضهم في الطاولة الاولى

الأستاذ: (يحكي مع التلميذة الاولى) انتي... شنوة هوايتك؟

التلميذة: (بعد ما تقعد تغزرلو شوية، مبهمة، و بنبرة منخفضة جدا) مسيو انا مغرومة بالمطالعة

الاستاذ: (يفرح، ع الاقل ثمة تحسن) هيا باهي... و شنوة تطالع مثلا؟

التلميذة: (تعاود تغزرلو، نفس الغزرة متاع قبولي، و تقعد ساكتة شوية) ما نعرفش، نطالع و اكهو

الاستاذ: (يدوّح في راسو و يبتسم) اي أي واضح... ما تقراش الأسامي... يا و الله عملة

التلميذة اللي مع جنبها، مغرومة بالمطالعة زادة هي و تقرى برشا قصص لطه حسين (أكهو، هذاكة ش تذكرت وقتها)، طلعوا ثمة برشا اللي مغرومين بالمطالعة، و ثمة شكون بالموسيقى، و إلا الرياضة، و إلا السفر... الحاصل حتى حد ما خرج على هاك الأربعة حاجات هذوكة اللي قالهم الأستاذ م الاول، و زيد انو كل واحد ما يقول كان على هواية واحدة برك (و اخطى راسي و أضرب)... و الاستاذ عامل جو ع الاقتراحات متاع التلامذة و ساعات يدوّح راسو من بعض الإجابات

و بدى يقربلي الدور، و انا انخمم شنوة يلزمني نقول، و نحس في السخانة لين طلعتلي من شدة التوتر و راسي احمار الكلو و انا انخمم زعمة نقول مغروم بالمراسلة و جمع الطوابع البريدية، و إلا نقول المراسلة أكهو، و إلا نقول جمع الطوابع البريدية اكهو... و نقعد انخمم لو كان يقعدوا أصحابي يتضاحكوا عليّ (على خاطر هوايتي حاجة غريبة ماهيش م الحاجات اللي قاللنا عليهم الأستاذ)

و ما نعرفش كيفاش، اتذكرت حاجة... و اتخذت قراري في الشي اللي بش نقولوا... و انحس في روحي تفرهدت و ما عادش مقلقني الدور اللي عمال قاعد يقربلي، بل بالعكس وليت نستنى وقتاش بش يسألني، و وليت نعس ع الإجابات متاع صوحابي و خايف لا واحد يقول الهوايات متاعي اللي ناوي بش نقولهم و نقعد هكاكة ما نلقى ما نقول (كيف ما صارلي في اول مرة حكيت فيها في الرديون، حضرت ليستة طويلة و عريضة ع الامثلة و الحاجات اللي بش نحكي فيهم، و قعدت كل وين واحد م الجماعة يتكلم انشطب حاجة لين كيف طارق عدّالي الدور قعدت نمهمه ما لقيت ما نقول... هذيكة اول مرة، و من بعد استانست و استانسوا بيّ ما نقول شي و نقعد ديمة نمهمه، هاني معاكم لا تنساوني)... لين جاني الدّور

الأستاذ: (ماذا بيه لو كان يتعدّاني) هيا إنتي

البرباش: مسيو... عندي زوز هوايات مايسالش؟

الأستاذ: (تتبدّل ملامح وجهو شوية، نحو الأحسن) مايسالش مايسالش... بالعكس، يلزم العبد تكون عندو برشا هوايات

الأستاذ: شنوة الهواية الأولى متاعك؟

البرباش: المراسلة مسيو... عندي برشا أصحاب في الخارج ديمة نبعثوا لبعضنا الجوابات

الأستاذ: (يبتسم، أول هواية تتقال خارج هاك الأربعة اللي قاللنا عليهم) حاجة هايلة، و الله يعطيك الصحة

الأستاذ: (يغزرلي مع ابتسامة كبيرة على وجهو، و نظرة إعجاب... وقتها تاكدت أنو نسى حكاية الكووفيسيون متاع المسرح اللي سألتو علاها اول مرة، و علاقتي بيه بش تتحسن) ايه، و الهواية الثانية؟

البرباش: الإستماع للموسيقى الصامتة

الأستاذ بهت فرد بهتة، فمو قعد محلول قريب الدقيقة و عينيه زارڤين تقول بش يتنطروا يهبطوا بيس ع القاعة... يهز يديه لفوق شوية و يسبطهم على افخاذو... نفس الحركة اللي قام بيها مرة اللي سألتو ع الكووفيسيون الحصة الاولى، لكنها الحركة المرة هذي كانت نتيجة لشعور بالفرحة، عكس المرة اللي فاتت تماما... نتصوّر لو كان جاء ليديه راهو شدني و باسني م الفرحة متاعو.

الأستاذ: شوف يا سيدي العباد اللي تفهم!

و شد يحكيلنا ع الموسيقى الصامتة، و السمفونية و الأوركستر... و ضرب فوق الربع ساعة و هو يحكيلنا في قصة حياة بيتهوفن، و كيفاش هو أشهر موسيقي في العالم رغم اللي هو اطرش ما يسمعش... و حكالنا على برشا وحود اخرين زادة (ما شديتلهمش اساميهم)

الحق متاع ربي، مانيش نحكي ع الموسيقى الصامتة هذيكة... قعدت بهت فيه الأستاذ شبيه مخو مشى لبعيد برشا.

نتذكّر في التلفزة (وقتها كان إسمها إ ت ت موش تونس7 كيف ما تو)، كانوا كل نهار جمعة عشية بعد الصلاة، يجيبولنا زوز م الناس، تلقاه واحد شادد دربوكة و واحد شادد بندير و ساعات طار، و ديمات يجيبولنا واحد شادد عود يدندن وحدو من غير غناء...

صحيح عمري ما تفرجت فيهم، يعني ديمات نخطفهم خطف و انا تلقاني نبدّل من قناة لقناة (وقتها مكسبنا ثلاثة قنوات، تونس و شان2 و راي أونو) نولّي نزرب ننزل ع الفلسة (ديركت ع التلفزة على خاطر وقتها ما كانتش ثمة كومند، و كانت التلفزة فيها ثمانية فلس، تونس و شان2 و راي اونو و ثمة بلاصة الفيديو، و الأربعة الاخرين فيهم شانات متاع طلاين ما يخطفوا كان كيف تلقاه الطقس صافي و الريح قبلي)... لكن ما نعرفش علاش خطرتلي وقت اللي الجماعة تقول في هواياتها، نقول اني مغروم بيهم... و زيد مادام يجيبوا فيهم في التلفزة، يعني اكيد حاجة باهية، موش لعب

الأستاذ: (بنبرة تدل على الاستغراب) ايه... عاد ما قلتلناش وين تتفرج فيها الأوركستر هذي

البرباش: (باهت في عجب ربّي) آهــه.. أوركستر!

الأستاذ: أي...

الأستاذ: (يسكت شوية) نتذكر قبل ثلاثة سنين لتالي، كانوا مرة كل شهر نهار سبت العشية يعدّوا حفلة في شان2... أما تو ماعادش، ولاّو ديما يجيبوا أشرطة وثائقية

البرباش: (نقعد نغزر للأستاذ... اللي كان ينتظر مني في إجابة) امممم... في تونس مسيو

الأستاذ: (بنبرة تدل ع الدهشة متاعو) في تونس... تونس!

البرباش: أي مسيو... في التلفزة

الاستاذ: عجب... التلفزة متاعنا؟

البرباش: (بإيماءة براسي) أي أي... أما مسيو ما يجيبوش بيتهوفن و لاخر اللي كنت تحكيلنا عليهم تو

الأستاذ: (ما نعرش عليه بدى يشم فيها قارصة و إلا متشوق لمعرفة المعلومة) امالا في شكون يجيبوا؟

البرباش: مسيو... يجيبوا وحود مش معروفين... تلقاهم زوز، واحد يدربك و الأخر تلقاه شادد بندير و إلا هو طار، تي هاك اللي تلقاه فيه وحود يشكشكوا... و يقعدوا يعزفوا من غير ما يتكلموا

لو كان المرة اللي فاتت حسيت روحي كأني صبيت عليه سطل ماء بارد وقت اللي هو مازال كيف خرج م الحمام... المرة هذي، ما انجمش نوصف الشعور متاعو... فقط انجم نقول اني كنت ننتظر منو بش يجيني يهرّسني بطريحة، يدڤدڤلي كرايمي، أي حاجة ينفّس بيها عن طاقة الغضب متاعو...

إلا أنو التزم الصمت، و اكتفى بانو يخرجني م القاعة و يخليني واقف قدام القسم لين وفات الحصة... نتفرج م الشباك، و باهت كيفاش طلعوا اكثرية التلامذة من بعد مغرومين بالأوركسترا و ماهمش فايقين عند ارواحهم...

ع الأقل يرجعلي الفضل في اكتشاف الموهبة الدفينة اللي عندهم في الإستماع للموسيقى الصامتة.

عديت بقية الثلاثي هذاكة، كل وين نجي داخل للقسم، يجبدني على جنب و يقعد يڤحرلي و من بعد يهججني... رجعت ندخل للقسم في وسط الثلاثي الثاني و علاقتي بالأستاذ ما اتصلحت كان في اواخر الثلاثي هذاكة، وقت ما عملنا أنا و زثلاثة اصحابي اخرين مسرحية الاصدقاء الاربعة (الحمار و القط و الكلب و الديك) وقتها عملت روحي قطوس و خربشت وجه صاحبي في العركة اللي عملناها، هو اللي حز ما بيناتنا كيف العركة ولات بالحق و قاللي احسنت هاك اندمجت في الدور متاعك (و صاحبي سكت على خاطرو تمثيل).

الاستحسان و تحسن العلاقة الحق متاع ربي ما جاش نتيجة للدور اللي قمت بيه، و إنما لأني صنعتلو زوز لوحات كيف اللي يسبطوا بيهم جماعة السينما و ولينا ديمة نستعملوهم في المسرحيات اللي نمثلوا فيهم في القسم.


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz

الاثنين، ديسمبر 08، 2008 00:50
الهداري الفارغة: , , , , ,


جرات العادة أني ما ناكلش اللحم، قد ما يقرقوا بيّ الدّار و يحاولوني في العيد انّي ناكل معاهم شي... لين غلقت الخمسة سنين، درى كيفاش نصبت معاهم في الخوضة متاع المشوي و من غير ما نشعر، كانت هذيكة اول مرة ناكل فيها اللحم طواعية من غير ما يوكلوهولي بالسيف عليّ... كنا سبعة في العايلة، يهبط اللحم م الشواي، تضرب عليه ما تلقاه... المشوى الاول، الثاني، فديت، طارتلي

البرباش: (متغشش) أنا اكهو ماعادش واكل

الوالد: (يحاول يتدارك الموقف، ما صدّق لربي ولدو رضى و اتنازل و قبل أنو ياكللهم م المشوي متاع العلوش متاعو) علاه يعيّش وليدي، يهديك... آش ثمة

البرباش: (بكل براءة) كل مرة نقعد ناكل شوية... حطوه اللحم الكل مع بعضو خليني ناكل فرد مرة لين نشبع

و دهشت العباد الكل بالضحك... و المشوى الأولى اللي هبطت م الكانون من بعد، اتحطت قدامي بكلها فرد صحن و قعدت ناكل منها لين هزيت شبعتي و قلت اكهو يزّي.

الحكاية هذي، صارت تو ليها قريب الخمسة و عشرين عام، لكنها قعدت طرفة يتحدثوا بيها العايلة في كل عيد و كل وين تكون ثمة ذبيحة و مشوي في الهدرة... عمري ما نتذكر العلوش كيفاش كان، شنوة لونو و شنوة شكلو و قداش كبرو... لكن نتذكّر انو علوشي كان ديمة اكبر علوش في الحومة، يلزموا يكون كبش بڤرونو و يقول بـــعـعـعـع بصوت غليظ (و يا حبذا لو كان جاء ينطح، وقتها فين شاخت عندي)

و كنت نتعلّق بالعلوش لدرجة مهولة، لدرجة تخليني نشعر بحسرة كبيرة و انا نشوف فيه يتخبط في دمو (من صغرتي قلبي كاسح، نتفرج في الذبيحة من اولها لآخرها و ساعات نعاون فيها، رغم انو العلوش كان لبعض أيامات يعتبر صاحبي)... و رغم تعلقي الشديد بالعلوش متاعي إلا انو اول ما يتذيح، نبدى ديركت نخمم في المشوي و الفحم و الكانون و المقلى...

ثمة علوش بركة قعد في بالي، لتو تصويرتو بين عينيّ ما اتنحاتش ما نعرفش علاش... نقرى في الرابعة و إلا هي الخامسة إبتدائي، ما ثماش فلوس و الوالد ما يعرفش على روحو إذا كان بش يضحّي العام هذاكة و إلا لا... عدّيتلهم أيامات نواح لا أراكم الله مكروه، لين الوالد درى كيفاش اتصرّف و دبّر تفتوفة فلوس و جاء عيطلي بش انحضّر روحي و نمشوا للسوق متاع العلالش.

الفرحة متاعي وقتها كانت ما تتوصفش، ليه ليه ما لبست السبادري و خرجت نجري... دخلنا للسوق متاع العلالش، الكبش اللي يحلى في عيني و نقول هذا هو، بابا يبتسم و يطلعلي فيه ألف سبة و سبة... و أنا منين ندري عليه مشحّم و إلا لحمتو شارفة. عمري عشرة سنين، نحب على علوش بش انحوّس بيه مع صوحابي و أكهو.

العلّوش اللي بابا يحط عليه يديه، يضرب عليّ ما يلقاني... نمشي نجري نبعد، و نعمل روحي متغشش و بش نبكي

البرباش: (بنبرة حزينة) هذاكة العلوش لا!

الوالد: (يبتسم، و يحاول أنو ياخوني على قد عقلي) باهي باهي، ايجى و تو ما ناخو لولدي كان العلوش اللي يحب عليه.

و يجد عليّ كلامو، و نرجع... و في الآخر، خذيناه علوش صغيــــر، بالسيف ما يبعبع و يقول مـــااااع

يدي ما حطيتهاش عليه، مستانسين كل وين نشريو علوش قبل، تلقانا نكركروا فيه تكركير و نتناوبوا على جبدان الحبل و الدزان و هزان اللية، و ما نخلطوا نوصلوه م السوق للدار إلا ما الريق متاعنا يشيح و عروقاتنا تولّي شرتلّة... العلوش هذاكة، حتى لو كان ما جاش مربوط بحبل نتصوروا يشد جرتنا، مسكين يجري ورانا أنا و الوالد و لا على بالو.

ماشي في الثنية، حزين رزين، لو كان مين يقوللي مسكين تو ندهش بالبكاء... عينيّ تلعب ع اليمين و ع اليسار، كل مين يغزرلنا كيفاش هازين العلوش نقول في قلبي راهو يضحك علينا، كل وين واحد يوقّف الوالد و يباركلو ع العلوش و يقعد يشكر و يشكّر في لحمتو قداش بش تكون بنينة نقول راهو يتمنيك علينا على خاطرنا شرينا علوش صغير

وصلنا للحومة، مشيت نجري دخلت للدار بش جماعة الحومة ما يشوفونيش مع العلوش (تقولشي عليه موش ظاهر العلوش متاع شكون)... الوالد ربط العلوش في الصاري متاع الضو و دخل للدار.

قاعد في بيت الصالة، حزين، عاقد يديّ قدام صدري، ما نكلّم حد و ما نعبّر حد... التلفزة محلولة و مانيش قاعد نتبّع فيها جملة واحدة... يدخل الوالد

الوالد: (يحكي مع بقية العايلة في نفس الوقت اللي يغزرلي بش يشوف ردة الفعل متاعي شنوة تكون) أوووه، سيفة علوش هو... تحفون ياسر

البرباش: (نمهمه، من غير ما نغزرلو) ايـــه لا

الوالدة: (ديمة هكاكة) ما يسالش، مصلّي ع النبي... الحمدولله لقينا باش نضحّوا عام السنا

البرباش: (ما عادش فيّ، بنرة مخنوقة) لو كان قعدنا ما شريناش خير!

الوالد: (باقي يتركك عليّ) اسّاعة و الله علوش قمقوم، هذاكة تو تشوف لحمتو كيفاش تلقاها، م البخار اتطيب

البرباش: (و أنا ش يهمني فيها اللحمة متاعو، نحب على علوش جهامة) أيّ و الله لا بقيتها واكل منو امالا

و اتطرشقت بالبكاء، و عبثا حاولوا الوالد و الوالدة انهم يرضّوني... قعدت سارح قدام التلفزة نغزرلها و مانيش نتفرج فيها... و انخمم في العلوش اللي اتبليت بيه عام السنا

بره ساعة و إلا هوما ساعتين من زمان، نسيت العلوش و استخلفت ربي و بيني بين روحي قلت نحسب روحي كيف اللي ما عنديش علوش عام السنا... أنا هكاكة سارح مع التلفزة، و نسمع في امي كيف صاحت فرد صيحة، خرجت نطل

الوالدة: (مفجوعة) وووه، العلوش اتسرق

نغزر للبوتو متاع الضو وين كان العلوش مربوط، ما ثماش لا هو لا الحبل متاعو... الحق متاع ربي، فرحت، قلت جو، لو كان يتسرق العلوش تو نشروا واحد آخر و تلقاه كبش كبير كيف ما نحب أنا (هذاكة مخي آش عطاني وقتها)، لكن ما راعني إلا أنو الوالد كيف هبط يلقاه واقف مع جنب البوتو، ياكل في طرف حشيش نابت ساس الحيط

الحق متاع ربي، العلوش رغم انو ظريف و صغير إلا انو كان نطّاح شي كبير و زيد ماضي (ما خلى حتى علوش م العلالش متاع الحومة إلا و ركبلو ع الظهر متاعو، ديمة عندو امل انو ملزوم ما تكون ثمة نعجة متخبية في بعض البلايص... ما كنتش فاهمو فاش قاعد يعمل وقتها، لكن تو كل وين نشوف علوش و نعجة أو أي زوز حيوانات في علاقة حميمية، ديركت نتذكر العلوش هذاكة و نبتسم)

و ما صدقت لربي وقتاش اتذبح هاك العلوش، بش ارتحت منو... و بما أني راسي صحيح برشا، المشوي ما طبش لفمي جملة واحدة العيد هذاكة.

كان هذاكة آخر عام نمشي فيه للسوق متاع العلالش بش نختار العلوش متاع العيد، و ما نتفكرش من بعد أني فرحت بعلوش متاع عيد كيف الفرحة متاع الصغر... حتى البغل اللي شريناه العيد اللي من بعد ما رجعليش النفحة و الغرام بالعلالش كيف ما قبل...

بره امشي يا زمان و ايجى يا زمان، الجمعة اللي فاتت في الايام، ينوقز التليفون... عم لسعد العطار (اللي ما يعرفش عم لسعد و إلا نساه، ينجم يقرى تدوينة [عيد... بأي حال عدت يا عيد] و برشا تدوينات أخرين كنت حكيت فيهم على عم لسعد)

عم لسعد: أهلا بالبرباش، شنوة أحوالك ولدي

البرباش: اهلا عم لسعد، أنا لاباس... شنوة احوالك يا راجل

عم لسعد: نحمدوه، الله لا يغير علينا حال بحال

البرباش: و شنوة احوال خالتي زهرة، آش عاملين بالله؟

عم لسعد: لاباس عليها، هاهي تسلم عليك و قالتلي قوللو تبارك الله عليك سي الشباب م اللي عرسنا عمرك ما جيت طليت كان خطف و تلقاك مزروب

البرباش: ماهو ما انحبش نقلقكم عم لسعد

عم لسعد: آش من تقلقنا... بالعكس، راك تنورنا يا راجل

البرباش: إن شاء الله عن قريب عم لسعد

عم لسعد: (يسكت شوية) برباش... اسمعني وليدي

البرباش: نعم!

عم لسعد: هاك المرى العزوزة اللي قلتلي انها تسكن مع جنب داركم

البرباش: أي... شبيها؟

عم لسعد: عندي علوش حابب نتصدق بيه، ما نعرفش علاش ضربت في مخي هذيكة المرى المسكينة كيف حكيتلي عليها هي و بنتها، قلت لو كان مازالت عايشة ما يكون كان ليها.

البرباش: فيك الخير و الله عم لسعد

و كملنا حديثنا... و اتفاهمنا أنو نتقابلوا نهار الإثنين اللي فات، بش ننعتوا ع البلاصة.

خالتي صلوحة، مرى كبيرة، في الثمانين من عمرها، كيف تغزرلها تقول انها ما تفقه على حتى شي و موش عارفة ش قاعد يصير في الدنيا داير بيها، تعيش هي و بنتها سعديّة، طفلة في الخمسة و أربعين ما كتبلهاش ربي أنها تعرّس...م اللي نعرف روحي صغير نعرف أنو الصدقة اللي تخرج من دارنا تمشيلهم ديركت، بما فيها الزكاة متاع الفطر و الطرف اللحم اللي بش نخرجوه في العيد الكبير.

و كيف كيف زادة الحومة الكل تعطيها في كل عيد ما كتب م اللحم، و برشا عباد م البره م الحومة زادة... بحيث، في كل عيد يتلم عندها ما يقابل أربعة و إلا هوما خمسة علالش (اللهم لا حسد)، و تظل الفريجيدارات متاع الحومة الكل ما معبية كان باللحم متاع خالتي صلوحة اللي يقعد ستة و سبعة شهور بعد العيد و هي تاكل منو.

نهار الإثنين، عم لسعد مسكين كرى كميون (اتكلّف عليه ستين دينار) و ركّب عليه هاك العلوش و قصد ربي للبلاد، اتقابلنا وين كنا متفاهمين و هزيتو للحومة...

ما حبيتش نظهر في الواجهة، منعا لأي إحراج قد تشعر بيه خالتي صلوحة أو بنتها سعديّة، لذا حبيت نقعد بعيد ع الانظار وقت ما عم لسعد يمدلهم العلوش، هذا بالطبيعة بعد ما اتفاهمت معاه أنو اسمي ما يتجبدش في الحكاية من أساسو... و كنوع م الفضول، حبيت نشوف الفرحة متاعهم بالعلوش، فرحة كان ليّ طرف فيها... خليت عم لسعد يستعد بش يمشي للحومة (بعد ما سلمت عليه على خاطرو ديركت من بعد بش يروّح) و سبقت طلعت لبيتي بش انجم نتفرج م الشباك و نشوف كل شي... و وصل عم لسعد قدام الدار و نادى

عم لسعد: ( شادد هاك الحبل متاع العلّوش في يدّو... و يعيّط بالقوي) يا امّالي الدار

تخرج سعديّة م الدار، مازالت كيف فاقت م النوم، و تخرج معاها جارتي (متاع الكلاب) اتنسنس ع الحكاية شنوة هي

سعديّة: هاني جيت، هاني جيت

عم لسعد: ازربي روحك بالله

سعديّة: (توصل قدام الباب) اتفضّل، شنوة حاجتك

عم لسعد: (يمدّلها الحبل متاع العلوش) شد خوذ

سعديّة: (باهتة موش مصدقة روحها) شنوة هذا؟

عم لسعد: آش بش يكون زعمة، سردوك؟

عم لسعد: (يسكت شوية) أهوكة علوش، ضحية للعيد

سعديّة: (عينيها تزغلل بالفرحة) الله يخليك... الله يبقيك... الله يرحم والديك

سعديّة: و من عند شكون العلوش هذا؟

عم لسعد: (يخلاها و يرجع بش يركب في الكميون) خوذي و ما تسأليش يا مرى

سعديّة: الله يسترك... ربي يفضلك... برّه يرّاك وين اتقبل تربح

و مشى عم لسعد على روحو، و قعدت نغزر لسعديّة كيفاش داخلة بالعلوش في يدها، و فرحان بروحي كيفاش أني كنت سبب، و لو حتى من بعيد في الفرحة هذيكة

دوب ما دخلت للحوش متاع الدار، نغزرلها كيف مشات تجري لامها

سعديّة: يا اميمتي، آش بش نعملوا في العملة هذي توة؟

خالتي صلوحة: أما عملة؟

سعديّة: الراجل جابلنا علّوش قال بش تضحّوا بيه!

خالتي صلوحة: (تتفاجأ بالخبر، و بنبرة تدل ع الفرحة متاعها) علّوش كامل، الله يخليه و يبقّي الستر عليه... شكونو؟

سعديّة: و الله ماني عارفة، اول مرة نشوفو!

خالتي صلوحة: ايه يا بنيتي... و لو كان يشوفونا العباد عندنا علوش و بش انضحّوا عام السنا... و الله لا بقى واحد يجيبلنا نڤرة لحم

سعديّة: حتى أنا هذاكة فاش كنت نقول يا اميمتي.

خالتي صلوحة: اسمع... تو اتكلم خوك حميد يجي يهزّو العلوش

سعديّة: اي، تو نكلمو نقوللو يجي يهزو يحطو في الحوش عندو...

خالتي صلوحة: ايه، و نبّه عليه ما يمشيش يذبحو في العيد... تو من بعد نتفاهموا فيه

من بعد بساعة، نغزر لحميد ولد خالتي صلوحة كيف جاب كميون و خرّج العلوش من دار امو بالسرقة بش ما يشوفوا حد م الحومة...

خارج من بيتي، باهت في عجب ربّي، نلقى الوالدة قدامي اتنظّف في الصالة

البرباش: أغزرلي... خالتي صلوحة السنا تعطيها تفتوفة لحم ما تلوم كان روحك

الوالدة: علاه يا وليدي؟

البرباش: انا هاني قلتلك، خليه ناكلوه احنا نربحوا فيه اجر و ثواب خير م اللي تمدهولها

الوالدة: كيفاش... يجي منو!

البرباش: تي هاتو تو نمشي نمدو لأي واحد م اللي تلقاهم قاعدين قدام الجوامع الصباح.

و خرجت م الدار، طايرتلي، موش عارف علاش...


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz