الخميس، نوفمبر 10، 2011 20:15
الهداري الفارغة: , , , , , , , ,


اتنفضوا الكلهم كيف حسّوا اللي الباب بش يتحلّ... اشرأبت أعناقهم و هوما يغزروا للطبيب كيف خرج م البيت و قاعد يسكّر في الباب وراه

الولد: (بنبرة، و ملامح يحملوا في طياتهم خوف شديد) آه دَكتور... لاباس؟

اتنهّد الطبيب، و ضم شفايفو الزوز لبعضهم و قامهم الفوق... إشارة فهموا الحاضرين من خلالها انو الأمر يتجه نحو الأسوأ


ما كلمو حد، و ما جاوبو حد... اتجاهلوه الكلهم، كأنها مهمتو انتهات و يلزمو يمشي على روحو... و كان بش يمشي على روحو فعلا، إلا انو قبل ما يخرج يلزمو يخلص في حق الفيزيتة اللي جابوه في نصاف الليالي و خرجوه من دارو بش يشوف المرى اللي كان واضح من خلال الكشف اللي قام بيه انها قاعدة تعيش في آخر لحظاتها.

اتوقف لحظات في مكانو قدام باب البيت، بحيث سمح للجميع أنهم يتعدّاو... و كان واضح اللي هوما في عجلة من امرهم، هذا علاش نساوه... و لقالهم عذر، أو لمزيد من التوضيح، لقي لنفسو عذر انو يستخلف ربّي في حق الفيزيتة... موش معقول المرى بش تموت، و هو يلوّج على زوز صوردي... خذي نفس عميق و اتنهد

الطبيب: (يتمتم بعبارات لا تكاد تكون مسموعة) الدنيا دنية ربّي... يجعلو لله.

و شد ثنيتو في اتجاه باب الدار... الخطوة الأولى، الثانية، مازال ما كمّلش الخطوة الثالثة و يحس في يد شدّتو من مرفقو

الولد: سامحني دكتور... اتفضّل من هوني

رغم أنو ملامحو ما طرأ عليها حتى شي جديد، إلا انو في قرارة نفسو كان يشعر بفرحة عارمة، و كان لسان حالو يقول

الطبيب: (يحكي مع روحو) اللي عند ربي ما يضيعش

وصلوا عند الباب متاع الدار، وقفوا شوية، مد الولد يدّو للطبيب كاينّو بش يسلّم عليه... مد الطبيب زادة يدّو و استقبل بضع أوراق نقدية، حطهم طول في جيبو من غير حتى ما يثبّت فيهم.


كان من الواضح (و المعمول به) أنو الشي اللي حطّو في جيبو هو مبلغ مالي، و كان من غير اللايق أنو يثبّت فيه للتأكد من مقدارو او حتى التثبّت هل هوما فلوس او مجرّد كواغط ما عندهم حتى قيمة... 

الطبيب: (يحكي مع روحو) اللي يجي مبروك

كان المبلغ المالي عبارة عن نظير قدومو في الساعة المتاخرة هذي لإجراء فحص طبّي للعجوز الموجودة في هاك الغرفة... و لولا جسامة الموقف، لكان اقترح عليهم الانتظار في الصالة برهة من الزمن لحين ما ربّي يهزّ متاعو... تعاملو مع المرض و الموت أصبح مقتصر على تحليلات مجرّدة من كل عاطفة انسانية.

اتنهّد الطفل و هو يغزر لوجه الطبيب، عقد حواجبو لفوق و بنبرة متقطعة أقرب ما تكون للبكاء

الولد: ما ثماش أمل دكتور

أظهر بعض العبوس، كعلامة مواساة... و بإشارة تدل على الرفض

الطبيب: (بعد ما ياخو نفس بطيء) اللي عند ربي موش بعيد

مد الطفل يدّو وراء الباب، و جبد بلوزون... استعد انو يلبسها بش يهبط مع الطبيب في الدروج و يشيعو للباب اللوطاني، إلى انو الطبيب و بإشارة بيدو طلب منو عدم مرافقتو، ثم ذهب في حال سبيله.


رجع الطفل للغرفة، مشهد يبعث على الرهبة... برغم انو ضوء الأمبوبة الاقتصادية كان وهاجا، إلا أنو الحزن المطبق على الانفاس و شبح الموت المخيّم في المكان منذ مدّة كان يبعث احساس انو الضوء خافت جدّا.


الوالدة ممدودة على الفرش بلا حراك، ملامح الألم على وجهها كانت الضمان الوحيد على أنها مازالت على قيد الحياة، لكن الجميع كان يعلم أنها بش تفارقهم لا محالة في أي لحظة... أختو قاعدة عند راسها، تحاول أنها تمسحلها عرقها بطرف منديل، دموعها كفتش توة ليها قريب النهارين، من وقت ما جاهم الطبيب آخر مرة و قاللهم انو زايد عليهم يهزّوها للسبيطار.

الطبيب: (بنبرة تحمل في طياتها بعض الأسى، و الكثير من المواساة) خلّيها تموت فوق فرشها خير.

اقترب م الفرش اللي راقدة عليه امو، حتى صار بجانبها، قعد يغزرلها شوية من ثمة قعد على حافة البنك... و الظاهر انها أحست بوجودو قربها، لأنها و بصعوبة شديدة حنات راسها باتجاهو

المرى: (بنبرة متقطعة) ها طفل

يقربلها، بحيث يصبح وجهو قريب لراسها

الولد: آ نعم يا حاجة... حاجتك بحاجة؟

المرى: (نفس النبرة المتقطعة) وينا باباك

يتقعّد الطفل من بقعتو، يقوم يجري يمشي لبوه اللي كان وقتها شادد تركينة، حاطط راسو بين كفوفو و سارح

الولد: آ حاج... العزوزة تحب عليك.

ينتفض الوالد، احساس بالأمل يشوبه بعض الخوف، الترقب من مجهول... 


يقوم يجري من بلاصتو، في زوز أو ثلاثة خطاوي متسارعين يكون مع جنبها

الراجل: (بنبرة فيها شوية حنان مصطنع) آ نعم يا حاجة... ناديتيلي؟

المرى: مسامحني يا حاج؟

الراجل: (تنتابو رغبة في البكاء) دنيا و آخرة

ما تقدرش الطفلة اللي واقفة عند راس أمها انها تتمالك نفسها و تنخرط في نوبة هستيرية من البكاء المرير... تقوم من بلاصتها و تمشي مع جنب خوها اللي قعد يطبطبلها على ظهرها كنوع م المواساة، ما نجمتش تشد روحها، اترمات في حضنو و قعدت اتنوّح.


المرى: حبيت نڤول ليك

الراجل: ما تڤولي شي

المرى: (تستطرد براسها، في ألم شديد) حبّيت نڤول ليك

الراجل: (يتنهّد) هات، ڤولي... آش حاجتك

المرى: (تتنهّد هي الأخرى) نهارت الانتخابات... راني ما نخّبتش النهضة كيف ما وصّيتني

تتفاجأ الطفلة عند سماعها للعبارة الاخرانية متاع والدتها، ترتسم على شفتها ابتسامة صغيرة ما مسحتش ملامح الحزن اللي كانت مسيطرة عليها، و تتجه فورا لحافة السرير الأخرى

الطفلة: (بنبرة فيها شوية حماس) امّالا نخّبتي المراياتات كيف ما ڤلت ليك؟


يڤحر الراجل لبنتو على فرد جنب

الراجل: (يحكي مع الطفلة من غير ما يتلفتلها) وڤتو توّة... ما يزّيش ما زنّيتي على دماغها و دماغيتنا الكل جمعتين كاملين بالمرزوڤي متاعينك؟؟

تتعصّر المرى دلالة على شعور شديد بالالم، تحاول جاهدة انها تخطف نفس خفيف يعاونها على مبادرة الحديث

المرى: كيف شدّيت الصف، نلڤى النساوين متاع الحومة يحكوا ع العريضة... ڤالوا العزايز يركبوا بلاش، و يداووا بلاش، و البطّالة

المرى: (تسكت شوية، ما يكفي انها تاخذ نفس آخر) البطّالة يا حاج... بش يولّوا ياخذوا منحة

اتنهّد الولد، اللي كان خيّر م الأوّل انو يقعد ساكت يتفرّج و برّه... ليه ثلاثة سنين م اللي خذي الديبلوم متاعو، عدّى قريب العامين بطّال... ما صدّق لربّي أنو شد خدمة، جات الثورة، سكّروا المعمل.

الولد: (يدوّح في راسو، و يتنهّد) حتى انتي جدّت عليك يا امّيمتي


الطفلة: (تحط يدها على خدّها في تعجب) وووه

الراجل: (يسأل في المرى) امّالا نخّبتي العريضة ها حاجّة؟

المرى: (بالسيف ما تتكلّم، تخطف في انفاس متقطّعة) اي نعم... رشمولي نومروها في كف يدّي، و كيف دخلت نخّبتها هي

تتسارع أنفاس المرى، بطريقة تثير رهبة جميع أفراد عايلتها الحاضرين وقتها في الغرفة... و كان م الواضح أنها قاعدة تلفظ في آخر انفاسها

المرى: (بإجهاد شديد، و نبرة تتقطعها محاولات يائسة أنها تاخذ نفس تبان كأنها استجداء أو استعطاف) مسامحني يا حاج؟؟

ينخرط الراجل في بكاء مرير، و فيسع ما احمارت عينيه، و حاول جاهدا أنو يجاوبها... إلا انو كان كل ما يغزرلها في وجهها، و يرى علامات الاجهاد الباينة عليها من تواتر انفاسها و هي تصارع في الموت، يزيد يدخل بعضو... و اخيرا يستجمع ما تبقى له من قوة، و ياخد نفس يعاون بيه نفسو انو يتمالك بعضا من قواه

الراجل: (بنبرة يائسة، و ابتسامة باكية) هذيكة حد نيتك يا حاجة؟!؟

الراجل: (يغزر لمرتو في شفقة) تي هو نايا مشيت بش انخّب النهضة... و كي دخلت لهاك البّيتة، غلطت و حطيت الكوروا على يمينها


الراجل: (مازال يكمّل في كلامو) ثرنتني نخّبت جماعة، ما نعرفهمش حتى شكونهم

كانت انفاس المرى قاعدة تتسارع بطريقة تبعث القشعريرة في نفوس الحاضرين... قبل أن تنقطع فجأة، وسط ذهولهم

الراجل: (يردد عبارة الأخيرة بطريقة مبهمة... و هو شادد طرف الملحفة اللي متلحفة فيها مرتو، و يبكي) نخّبت جماعة ما نعرفهمش... نخّبت جماعة ما نعرفهمش.

ارتمى الولد بين أحضان امو، يخض فيها في محاولات يائسة لإيقاظها... لحظة و كانت اختو مع جنبو، تحضن في امها و تبكي في حرقة.... بينما قعد الراجل ملازم حافة الفرش، حالل فمّو في ذهول موش مصدّق اللي قاعد يجري.


كانت المرأة قد فارقت الحياة.

قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz
تعليق Unknown ...  

WALLAHI HRAAM ALIK YE BERBACH TNABBIR ALINA TANBIR LIGWIY AMMA ALLA GALIB TADWINA TMAWWIT BIDHOK


الجمعة, نوفمبر 11, 2011 8:42:00 م

تعليق black dark ...  

عيدك مبروك يا برباش! ظاهر فيه العلوش أثر فيك عاللخر باش تطلعلنا بها النقشة الجديدة! :)) الحاصل موان زان دموعي تهبط.. كان مش هاك الراجل إلي شادد الملحفة... ههههه يتولاك ربي منين تجيب في هالإبداع!!


الجمعة, نوفمبر 11, 2011 9:59:00 م

تعليق غير معرف ...
 

طقطوقة عالمية قلها السماااااااااااااااااااااااااااااااااح


الثلاثاء, نوفمبر 15, 2011 2:17:00 م

تعليق Khaoula ...  

روووعة روووعة روووعة نضحك بالصوت و لحظة دموعي تهبط :))))


الجمعة, ديسمبر 16, 2011 1:30:00 م