السبت، أكتوبر 29، 2011 23:20
الهداري الفارغة: , , , , ,

وصلت لمركز الاقتراع مع الثمانية متاع الصباح، نستخايل روحي عملت المليح و ماشي لى بكري بش نكمّل ليه ليه... نلقى 
الصف واصل قدام الباب متاع المكتب، و ثمة ع القليلة ميا و عشرين رقبة اللي قاعدين يستناو.


وقت ما مشيت نقيّد، سألوني وين نحب ننتخب، ياخي اخترت المدرسة اللي قريت فيها المرحلة الابتدائية متاعي، رغم اللي ثمة ثلاثة مدارس أقرب للدار أما وقتها ما نعرفش ش ظهرلي قلت خ نستغلّ الفرصة و نعمل طلة فرد مرة ع المكتب اللي عندي سنين ما نطبلو كان مرة بعد درى قداش من عام كيف تلقاه ثمة انتخابات و نمشي ننتخب في عوض الوالدة (ما نعرفش علاش الوالدة قعدت ديمة تجيها بطاقة الناخب في المدرسة هذيكة بينما بقية العايلة الكل نقلونا لمدرسة قريبة للدار).

شديت الصف كي الناس الملاح و فيسع ما انضميت للحلقة اللي لقيتها محلولة في نقاش بسيط حاول الحضور قدر المستطاع و بدون اتفاق مسبق أنهم يتجنبوا الافصاح ع القايمة اللي قرروا انهم ينتخبوها أو حتى مجرّد الاشهار لحزب أو قايمة أو توجّه ما، بل كان هناك تعبير يعبر عن الاحتقار لكل من يتعدى و يحاول أنو يقدم النصيحة لغيرو عبر التعريف برقم أو شعار قايمة ما... و كان معظم الحديث هو عبارة عن مقارنات لما كان عليه طريقة الانتخاب قبل الثورة و طريقة الانتخاب الجديدة، و رغم الملل اللي قد يصيب البعض عادة جرّة الصف الطويل إلا أنو الجميع كان فرحان و "سعيد" حتى أنو بعض المسنّين رفضوا استغلال حقهم في التوجه مباشرة لمكتب الاقتراع (بحكم كبر سنهم) و أصرّوا على الوقوف في الصف كيف بقية الناخبين.


كان م الواضح، أنو تحبلي ع القليلة ساعة (كان موش اكثر) بش نخلط ننتخب... و بحكم اللي أنا كنت عندي درى قدّاش من قضية مجبور اني نتولهى بيهم، قررت أني نغادر مركز الاقتراع (اللي اعتقدت وقتها انو كان مزدحم برشا) على أساس اني نرجع ساعة اخرى بعد ما نكون درت دورتي... على أمل انو الصف يكون نقص شوية.

رجعت للمدرسة بعد قريب الساعة... دوب ما دخلت اتفجعت (و في رواية أخرى شهقت) كي لقيت الصف متاع الانتظار اتضاعف قريب الثلاثة مرات، حتى كيف عملت طلة ع الجماعة اللي كنت شادد معاهم الصف لقيتهم ما قدموش برشا، يعني بحكم المسافة اللي مازالت تفصلهم على باب مكتب الاقتراع، مازاللهم ع الأقل نصف ساعة بش يخلطوا... زيد العزايز و المعاقين اللي يمشيوا طول ينتخبوا من غير ما يشدّوا الصف، و بحساب الترسكية اللي كانت عاطية مسد رغم الجهود المبذولة من جماعة البادجوات و اصرار المواطنين اللي شادين الصف إلا أنو صحة الرقعة و قلة الهمة متاع البعض لا حدود لها، كان واضح اللي تحبلي ع القليلة ثلاثة سوايع بش نخلط ننتخب.


و بحكم أنو لا مفر من شدّان الصف سوى انو الواحد يتنازل عن حقّو الانتخابي، و هذا شي كان لا سبيل إليه... ش خلاني نلتحق بآخر الصف، و فيسع ما انضميت لحلقة النقاش اللي لقيتها محلولة بطبيعتها، و كانت تعليقات كبار السن على بساطتها هي أطرف ما في المسألة خاصة في مقارناتهم بين القديم و الجديد... و بالزهر متاعي طحت بشايب قدّامي ضاربو القلق كل شوية يتلفتلي و يقعد يڤجدر معايا.

الشايب: أنا هاو في السبعين، عمري ما شدّيت الصف كيما هكة... كنت دوب ما ندخل يجوني ولاد الحلال وقتها، ياخذوا مني هاك البطاقة و يقولولي برّه على روحك، هاك انتخبت.

البرباش: أنا الوالد كان مغروم قبل يجي ينتخب... منها فدّ، ولّى يبعثني ننتخب في عوضو، دوب ما ندخل للبيرو يفرحوا بيا و يطيروا منها يقولولي عاد انتي متاعنا، يلفّولي هاك الورقة و يمدوهالي نحطها في الصندوق كي الناس الملاح و نروّح على روحي.

الشايب: أنا و الله درى قداش من مرة لا طبيتلو هاك البيرو... حتى وقت ما اتطورت الدنيا و ولات عندنا البورطابلوات، يكلموني في الدار و يسألوني إذا جاي و الا لا، و اهوكة ينتخبولي من عندهم و بره... شكون كان يلوّج ع الصدع و وجيعة الراس بالله.

و قعدنا هكاكة قريب الساعة، قدّمنا فيها قريب العشرة ميترو، بحيث ولّينا في بلاصة ضاربة فيها الشمس قد قد و العباد الكلها عروقاتها شرتلّة... لين فدّ هاك الشايب اللي قدام مني و قرر انو يغادر الصف، على أمل أنو يرجع في برود العشية بش ينتخب.


الصف ما كانش مفهوم حتى طرف، تدخل عباد و تخرج عباد، و ترسكي عباد حتى المحاولات متاع البعض انها تمنع العملية هذي كانت تعتبر يائسة بحكم اللي احنا كنا قراب م الباب متاع المدرسة وين الدخول و الخروج بزايد... و كان كل وافد جديد أو كل مين قام بواجبو الانتخابي مجبر انو يشقّ الصف بش يتعدّى... و معظمهم كانوا يشيرولنا (مع ابتسامة تدل على سعادتهم المفرطة بأداء واجبهم الانتخابي) بصبعهم المبلحط بالحبار و كان م العادي جدا انك تسمع بعض التعليقات من نوع

مواطن: ايا العاقبة ليكم ان شاء الله

أو انها ناخبة مازالت كيف كملت الواجب متاعها و التحقت باحدى المجموعات اللي شادة الصف تحكيلهم كيفاش عملت بالضبط و تخاطبها واحدة م الحضور تقوللها

مواطنة: ان شاء الله في نقشة عرسك




شوية هكاكة و اتعدّى واحد م الجماعة اللي كنت محلّڤ معاهم كيف جيت الصباح بكري، وقف يحكي مع جماعة قدام منّي قاللهم أنّهم العباد خلاوه ينتخب طول الصباح من غير ما يشدّ الصف، ياخي روّح للدار فسّخ الحبار من صبعو و رجع بش ينتخب في عوض مرتو

الراجل: ماهم قالوا اللي صبعو بالحبار ما ينتخبش مرة أخرى؟

و قد ما حاولوا أنهم يفهموه، شي... ما اقتنع أنو ما ينجّمش ينتخب بالنيابة عن شخص آخر (بخلاف إذا كان صبعو أزرق و إلا لا) إلا ما جاه واحد من جماعة البادجوات و طلب منو بكل لطف انو يغادر الصف و يمشي يجيب المرى بش تنتخب بنفسها.
بخلاف طرافة المسألة و بساطة السيد في مطالبتو بالانتخاب نيابة عن مرتو كيف ما استانس أنو يعمل حياتو كاملة... اللي جلب انتباهي في الحكاية هي أنو نجح في تنحية الحبار من صبعو، محاه تماما بمعاينة بعض الحضور و حتى المراقب اللي تابع الهيئة... في وقت الل انا توة رابع يوم و الحبار مازال ظاهر على صبعي و اتلزّيت أنّي نحكّ ظفري بالأبرازيف (نوع متاع كاغط أحرش) باش يتنحّى.



قعد الصّف عمال ماشي و يقرب و يتنظّم... خاصة في النصف ساعة الأخرانية، كي ولينا واحد في جرّة الآخر، و مسكين اللي يخمّم أنو أنو يرسكي و برّه.

في الحلقة متاع النساء اللي كانت ورايا، كانت ثمة مرى عزوزة هيأتها تدل أنها فاتت الستين عام، و كانت متلحفة في سفساري... قد ما حاروا فيها العباد انها تمشي تنتخب طول إلا أنها اصرت أنها تشد الصف كيف البقية (الظاهر أنو عجبتها التحليڤة) و كانت كل ما يتعدى شكون يطلب منها تمشي طول للبيرو تنتخب تقوللو

العزوزة: لا لا خليني هوني شادة الصف مع العباد... باهي، باهي... كلّ خطوة بثوابها.

و حتى كيف حاولوا النساء اللي كانت محلڤة معاهم أنهم يقنعوها تمشي تنتخب على روحها طول على خاطر عندها الحق ترسكي ع الصف اتغششت و بنبرة كلها حزم قالتلهم

العزوزة: تي شبيكم عليا... ما عندي في جرتي شي اليوم.

العزوزة: حتى الدار قلتلهم اليوم كل واحد يدبّر راسو... اليوم انتخابات، مانيش لاهية.



أيا بره حتى لين كيف قريب نوصلوا... ما فقت بيها كان كيف همزتني من ظهري، كيف اتلفتلها جبدتني من كتفي كيف اللي بش توشوشلي

العزوزة: انتي شنوة بش تنتخب؟؟

اعتقدت أنها بش تحاول تستقطبني و تقنعني بش ننتخب واحدة م القوايم دون غيرها، و بحكم منظرها اللي يدل على أنو صعيب لو تكون منخرطة في حزب ما، كنت نستنى بش تحكيلي على قايمة يكون فيها واحد يقربلها.



و أخذا بعين الاعتبار معارضة الناخبين اللي شادين الصف أن يقوم بعضهم بالتأثير على الآخرين لانتخاب قايمة ما، خاصة انّي شهدت ثلاثة حالات زوز منهم اتدخلوا فيهم المراقبين (الاولى كانت لأحد الحضور اللي قعد يصيح يشجع في العباد بش ينتخبوا الحوتة، الثانية مرى تنصح في كنّتها بش تنتخب النهضة، و الثالثة كانت واحد من مراقبي المؤتمر ينصح في صديق ليه شادد الصف بش ينتخب المؤتمر)  و قاموا بطرد المتجاوزين و وصل التهديد في احدى الحالات (التكتل) باستدعاء الجيش و اخراج السيد م المدرسة الكل باستعمال القوة.

البرباش: آهأه... ما يجيش نقولوا على شنوة بش ننتخبوا يا حاجّة.

و الظاهر أنو كلامي ما عجبهاش، على خاطرها دوحتلي براسها قبل ما تقوللي

العزوزة: (بنبرة كاينها بش تقوللي سرّ) أنا ولدي بش ينتخب النهضة... هذيكة الحمامة اللي حالّة جناحها و عندها نجمة.

اكتفيت بابتسامة خفيفة... اعتقدت م الاول أنها بش تقعد تشكرلي في النهضة، و تحاول تقنعني أني ننتخبها، خيّرت التزام الصمت و انتظار انها تكمّل كلامها

العزوزة: و راجلي، مغروم بهذوكم متاع المراياتات (تقصد المؤتمر).

و من غير ما تنتظر ردّة الفعل متاعي... حاولت انها تريڤل السفساري متاعها و تزيد تكبسو فوق راسها قبل ما تقوللي

العزوزة: أما أنا بش نتبّع ولدي، و ننتخب النهضة... ولدي نلقاه نهار آخر، يقيم بيّا في كبرتي.



كلام معقول، بصرف النظر عن سرية الانتخاب من عدمو... و زيد العزوزة عاملة جو، و هذيكة الفايدة.

العزوزة: أما راجلي... لا يطلّعو، كان نسمع كلامو

العزوزة: تي لو كان يصرحولو بش ياخو زوز نساء توة يمشي يجري من غدوة يعرّس عليّا

شدني كريز متاع ضحك، عجبتني العفوية متاعها في الحديث و كيفاش انها فيسع ما خذات راحتها، خاصة اللي انا لا نعرفها و لا هي تعرفني (و يمكن هذاكة كان السبب).

خممت لفترة وجيزة اني نحل معاها الهدرة... موش بهدف أني نبدللها رايها و إنما فقط نفهمها أنو لو كان ثمة امكانية اللي راجلها ياخو عليها مرى اخرى، راهي النهضة (اللي هي و ولدها بش ينتخبوها)... إلا اني في آخر لحظة تراجعت، قلت اخطاني، الصف عيدك بيه يوفى و زيد العباد شادة لروحها العسة موش مخليين النفس لحتى حد انو يحكي ع الاحزاب و القايمات.




ما جاوبتهاش، لأني اتلهيت نحكي مع الوالدة بالتليفون، طلبتني تحبني نجيبلها التوصيل اللي قيدت بيه في البلدية على خاطرهم في المدرسة اللي هي تنتخب فيها (غير المدرسة اللي انا ننتخب فيها) طلبوا م العباد انهم يثبتو م البيرو اللي بش ينتخبو فيه خاطرهم برشا شدّو الصف اكثر من ساعة من بعد طلعوا غالطين و رصاتلهم يعاودوا يشدّوا الصف م الاول و جديد في البيرو الآخر... و ليت بعثت اس م اس (ارسالية قصيرة) لهاك النومرو 1423 اللي عملتو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالذمة و فيسع ما جاني الرد فيه عدد المكتب و رقم التسجيل، وليت عاودت طلبت الوالدة نحفّظ فيها في نومروها في القايمة متاع البيرو بش ما يتعطلوش و هوما يلوجولها على اسمها في الليستة.

و فيسع ما دخلت انتخبت من بعد... بلحطت صبعي بالحبار (غطست صبعي في الدبوزة لين وصلت لقعرها و فطّست هاك النشافة) و بهذلت يدّي بطريقة خلاتني بالسيف ما نهز الورقة متاع التصويت.



دخلت للخلوة (اللي كانت ظلمة شوية) و قعدت انخمم بين الزوز قوايم اللي كنت محتار أناهي فيهم بش يكونلها شرف الفوز بصوتي العزيز... و في جرّة قلم (حركة بسيطة ما استغرقتش سوى جزء م الثانية انهيت بيها مرحلة م التخمام حازت حيز زمني لا يستهان به المدة الاخرانية... المهم بالنسبة ليا هو أنّي كنت على قناعة انو ما قمت بيه ما رأيت انو الأصلح بالنسبة لتونس بدرجة اويى، و من ثمة قليبية بدرجة ثانية)، حطيت العلامة المناسبة في المكان المناسب، و خرجت م الخلوة حطّيت الورقة في الصندوق.



و فيسع ما خرجت... نغزر للبورطابل، نلقى روحي شدّيت الصف لمدة ثلاثة سوايع و درجين.
قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz