الثلاثاء، سبتمبر 01، 2009 11:00
الهداري الفارغة: , , , , ,

م الحاجات (ما نعرفش إذا تصح تسميتها عادات و تقاليد و إلا لا) اللي تميّز شهر رمضان عندنا في البلاد على غيرو م الأشهر و المناسبات سواء كانت وطنية و إلا دينية... هي القهوة عظم، هكاكة نقولولها عندنا في البلاد... في بلايص أخرى يقولولها الكرديانة، ثمة اللي يقولولها زادة مركوظة، او عظيمة.

ليها برشا تسميات، لكنها طريقة التحضير هي نفسها تقريبا في البلايص الكل... يحث يتم تخليط أبيض العظمة مع السكر، و يتم ركضهم بواسطة مغرفة سبيسيال (مغرفة ليها يد لوح تسهّل عملية شدانها)، و في الأثناء يتم إضافة بعض السوائل (خل، قارص، ماء زهر... الخ) اللي يكون ليها تفاعل كيميائي مع الشي المخلط م الأول مما يساهم في تكبيرها و إعطاؤها نكهة مميزة... (النتيجة في الآخر تكون حاجة تشبّه للكريم شانتيي لكنها متماسكة اكثر و أرزن و أبن... ههههه)

تحضير قهوة العظم بالطريقة اليدوية يستغرق عادة عشية كاملة (بين الثلاثة و الأربعة ساعات) على حسب النفس و الجهيّد و القدرات العضلية و خاصة خاصة الصبر و وسع البال متاع اللي قاعد يدلك فيها... إلا انو بفضل التطور و النهضة التكنولوجية اللي تشهد فيها البلاد و العالم بكلّو، و توفر الركاظات (مولينكس و خلافو) خلّى عملية كيف ما هذي ما تتجاوزش عشرين دقيقة... مع التاكيد طبعا انو ثمة فرق كبير بين القهوة عظم اللي تم تحضيرها باليد ع المخدومة بالماكينة...

مانيش مثبت فين بالضبط، لكن نتذكّر مرة و أثناء مرورنا بإحدى مدن الساحل (و إلا في قالب حديث)، مرت حمدي صاحبي قالتلي انو المدينة هذيكة، م العادات و التقاليد متاعهم انو في العروسات، يتلمّوا اصحاب العروس عشية العرس و يقعدوا العباد الكل يدلكوا في القهوة عظم عشية كاملة (ملا وحلة) بش من بعد يفرقوها ع الضيوف... كل بلاد و أرطالها كيف ما يقولوا

بالنسبة لينا احنا في البلاد... نتذكّر أنو كيف كنا صغار، كانت مفخرة لينا انو الواحد يبدى قهوة العظم متاعو و يكمّلها للآخر... لأنو جرات العادة انو نبداو ندلكوا فيها، من بعد فيسع ما نقلقوا و نفدّوا... نخليوها، و نمشيوا نتلهاو في امور اخرى (اللعب)، و قهوة العظم تولّي تطيب بطريقة طبيعية (السكر يتحلل وسط الخليط و يذوب وحدو وحدو)...

بالنسبة للكبار، نتذكر انو قبل كانت م الحاجات اللي تعتبر تبعث ع الفخر، انو العبد كيف تلقاه خاطب، يهز لدار خطيبتو قهوة عظم... حاجة عندها برشا معاني رومنسية و ترمز للتعب اللي تعبو و هو يدلك فيها بش في الآخر يزين هاك الصحفة بشوية حلوى و بشكوتو م الفوق و يهزها معاه لدار انسابو و يدخل عليهم بهاك الصحفة في يديه تقولشي عليه جايب معاه راس متاع صيد (تصرف ليه برشا معاني من ضمنها رسالة لأهل الخطيبة كيف اللي اتهناو على بنتكم، خطيبها راجل و بصحتو)... عادة (موش للأسف، ههههه) ماشية و تتلاشى نظرا لتفشي ما يسمى بالتعليم و تطور المستوى الثقافي و الإجتماعي للمواطن عموما، يعني ولات كيف اللي حاجة تضحّك انو العبد يدخل لدار نسابو و هو هازز في يدّو صحفة متاع قهوة عظم (و يا عالم إذا كانت مدلوكة باليد و إلا بالركاظة، و لو انو يسهل التعرف ع القهوة عظم المغشوشة م الأصلية)... رغم اللي نتصور انو أي خطيبة و لو كانت متحصلة على جايزة الدولة التقديرية في اختصاص ما، تفرح و تطير بالفرحة إذا كان خطيبها المتحصل على جايزة نوبل في بعض الإختصاصات يدخل للدار و هو شادد في يدّو صحفة متاع قهوة عظم عدّى فيها عشيّة كاملة و هو يدلك لين يديه طابوا و النفس متاعو اتقطع... اما اهوكة نقولوا ما عادش يخرج علينا و برّه.

يرجع حديثنا لقهوة العظم متاعنا... نتذكّر و انا صغير، نقرى في الرابعة و إلا هي الخامسة إبتدائي، و كيف ما الصغار الكل، يقترن رمضان بالنسبة ليّ بالخبز المبسس (الأصفر) و القهوة عظم، نبدى نهاري صايم (صيام متاع صحة رقعة) إلا انّي مع نصف النهار ما انجمش مشد روحي قدام ريحة الخبز المبسس و إن الله غفور رحيم... اول ما تبدى العشية نبدى نخمم في قهوة العظم و التحضير ليها.

كنت ضعيف برشا )نحكي ع البنية الجسمية، معنتها مانيش بصحتي)، ضعيف لدرجة انو الوالدة كانت تحاول ديمة انها ما تخلينيش نعمل القهوة عظم، على خاطر هي بش ترصّي في حاجة من اثنين، الأكثر انو ما نكمّلهاش، و نخليها تطيب وحدها (في الآخر نزيدها شوية ماء سخون و نعمللها ضربتين و إذا بيها طايبة)، و إلا بش نش صحيح انّي نكمّلها، و الريق متاعي يشيح جرّتها و ما نخلط على شقّان الفطر إلا ما تلقاني ما عادش فيّ بالتعب و نعدّي الليلة الكلها راقد حتى من دروسي شوف نحضّرهم شوف لا.

و ما كنتش نقرى حساب لهذاكة الكل، كان دايما يمشي في اعتقادي انو رفض الوالدة انها تخليني نعمل القهوة عظم يرجع لبخل مادي، عازّين بيها شوية السكر و العظم.

و صادف انو الاعوام هذوكم، اختي الكبيرة كانت مخطوبة لواحد في حومتنا (ما كتبش المكتوب بيناتهم فيما بعد)... و كنت انا و هو صوحاب (و مازلنا) حتى من قبل ما يخطبها، عاد كنت كل وين الوالدة تقوللي لا ما تعملش قهوة عظم، نمشيلو نتبهنس

خطيب اختي: أهلا بالبرباش... ش تعمل؟

البرباش: (نتبهنس) هاني!

خطيب أختي: آه، شبيك؟

البرباش: حتى شي... أما اختي قالتلي برّه قول لخطيبي يعمللي قهوة عظم

خطيب اختي: (ظاهر م النبرة متاعو أنو فرح بالهدرة) آه، بالله... هي قالتلك هكة؟

البرباش: (بنبرة كلها غبطة و سرور، كيف اللي ناكد في كلامي عن ثقة) أي

عاد يولّي المسكين يسيّب اللي وراه الكل، و يهزني معاه لدارهم و يقعد عشية و ما اطولك يا عشية و هو يدلك في قهوة العظم لين اكتافو تتهد... و الغريبة انو تلقاه يدلك و يميّل في راسو م الفرحة.

و أنا كنت بطبيعتي تعجبني ياسر المشية لدارهم، على خاطر نتذكّر كان عندهم حوش كبير و فيه برشا حيوانات اليفة، و كانت بڤرة، و إلى حد الآن هذيكة البڤرة كانت الوحيدة اللي حصللها الشرف أنّي شفتها إضافة إلى التصاور متاع كتاب القراءة متاع الإبتدائي (كيف الجمل اللي اول مرة نشوفوا كانت في دوز في المهرجان اللي فات، هههههه... الله غالب خوكم ولد مدينة، و زيد ما عنديش الزهر حتى الأرياف اللي مشيتلهم يعتبروا متحضرين)...

و عقاب العشية، كان يعطيني صحفة مكومة بقهوة العظم (و مزينة بالطبيعة بما طاب من حلاوي و بشاكط، جمع بشكوطو) و يزيد يشيّعني قريب للحومة... نمشي نعجّل للدّار و نبدى م الباب اللوطاني و انا نصيح و نعيّط

البرباش: (نعيّط، بنبرة تدل ع السعادة المفرطة كانها مفاجأة) خطيب اختي بعثّلنا قهوة عظم

و تجي أختي تجري، و تلقاها فرحانة طايرة، و الدار الكل فرحانين طايرين... بما فيهم امّي، اللي كانت فرحتها تاكدلي شعوري أنو رفضها أنّي أنا ندلك القهوة عظم إنما يرجع بسبب بخلها ع الفلوس.

و كانت هذيكة العملة متاعي كل وين يظهرلي و نشره ع القهوة عظم، حتى انّي وليت نبخل: فاش قام نعدّي عشية كلبة و أنا ندلك، بينما ثمة شكون مستعد يدلك في بلاصتي و تلقاه فرحان م الفوق.

و ساعات، يجي نسيبنا يسهر بحذانا في الليل، و إلا يجي يشق الفطر بحذانا... و نقعد باهت علاش كيف يجي يشق الفطر بحذانا، عمرو ما يجيب معاه قهوة عظم في يديه، هكاكة وحدو وحدو من دبارة راسو (و هو يمكن من كثر قهاوي العظم اللي نخليه يدلكهم)... عاد كيف يجي الوالدة تلقها فرحانة طايرة و هكة هكة بيه و وين نحطك يا طبق الورد و تقعد تقعد و ملزوم ما تسألو هاك السؤوال متاع تطيير الملام

الوالدة: (بنبرة كلها حشمة) أوووه، يعيش ولدي... يعطيك الصحة في هاك القهوة عظم

خطيب اختي: (حتى هو بنبرة كلها حشمة أما عن تواضع) يعيشك خالتي... و الله حتى شي

الوالدة: أي.. اما فاش قام اتعّب في روحك

خطيب اختي: مايسالش... التعب يهون، المفيد تكون عجبتكم

الوالدة: يعطيك الصحة و بارك الله فيك.

و كان هكذا ديمة، أجوبة متاع مجاملة و تطيير ملام... و ربما خطيب اختي كان يتفادى انو يقول اللي انا طلبت منو يدلكننا قهوة العظم، ربما ما يحبش يحطني في إحراج، و بالتالي يحط أختي (اللي هي خطيبتو) في إحراج، بما انو ماشي في بالو أنها هي اللي بعثتني.

نتصورو كان يقعد يخمم بينو و بين روحو و يقول ملاّ عايلة، يبعثولي الطفل بش ندلكلهم القهوة عظم و من بعد يقعدوا يتبهنسوا.

الحاصل هو إحراج متبادل، كنا متشاركين فيه العباد الكل... و كنت انا أكبر مستفيد منو بما أنو على عامين كنت نلقى شكون يدلكلي القهوة عظم في رمضان... و هو فرحان.

محلاه الصغر... أيا إن شاء الله رمضانكم مبروك.


قريتها:
مشاركة هذه التدوينة:
E-Mail Facebook Twitter Blog Buzz